تضحيات فينيسيوس ومبابي و"دي ماريا" الجديد .. روشتة علاج ريال مدريد لإنقاذ الموسم

يملك رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز قاعدة غير مكتوبة ولكن معلنة للجميع في البيت الأبيض: "لا لسوق انتقالات يناير"، فمنذ ضم براهيم دياز من مانشستر سيتي في يناير 2019 والنادي لا يبرم صفقات أبداً في ميركاتو الشتاء.

العام 2025 يجب أن يشهد تغيراً في تلك السياسة في ظل الإصابات التي ضربت صفوف الفريق بشراسة، وخصوصاً خط الدفاع، الفريق حالياً بلا ظهير أيمن على الأقل لديسمبر في ظل غياب داني كاربخال لنهاية الموسم ولوكاس فاسكيز الذي أُصيب في لقاء أوساسونا الأخير، بينما في قلب الدفاع حدث ولا حرج، دافيد ألابا قارب غيابه أن يكمل العام وإيدر ميليتاو أُصيب بالصليبي من جديد، وحتى البدلاء من الشباب أصابتهم لعنة الإصابات، ليصبح أنطونيو روديجر بلا شريك.

يجب أن يضم ريال مدريد لاعب على أقل تقدير في يناير لدفاعه، ويفضل أن يكون حل طويل الأمد وليس مجرد سد خانة، ومن هنا رفض فكرة سيرخيو راموس كما أُشيع والتفكير في أمثال أيمريك لابورت وجوناثان تاه، لأن تكرار تجربة الموسمين الماضيين بسد الخانة بالمتاح لن يتحملها الفريق بحالته الحالية، وربما يكون أنشيلوتي يتحمل المسؤولية الفنية لتذبذب المستوى، ولكن الإيطالي لن يتمكن من إيجاد الحلول وإعادة الفريق للمنافسة بكل تلك الغيابات والنواقص.

خرجت شائعات مؤخراً عقب التعثرات المتتالية للفريق تقول إن إدارة النادي بدأت في البحث عن بدلاء لأنشيلوتي، وأن فكرة إقالته قد تصبح واقعاً إذا استمرت التعثرات.

على الأرجح هي مجرد إشاعات وتكهنات، وسيناريو ولاية أنشيلوتي الأولى الذي شهد إقالته ولكن في مايو عقب موسم مخيب للتوقعات يعد مستبعداً في ظل تمديد عقده حتى 2026 والعلاقة القوية مع بيريز، ولكن ربما يجب أن يقضي الأخير وإدارته على أي شكوك ويؤكد استمرار "كارليتو" في منصبه لإغلاق باب الإشاعات تماماً وتوفير مناخ هاديء للإيطالي ولاعبيه للعمل.

الجزء الماضي كان يتعلق بالإدارة وما يجب أن تفعل، القادم يخص الجهاز الفني بقيادة أنشيلوتي الذي تقع عليه المسؤولية "الفنية" لإخراج الأفضل من لاعبيه والعثور على الحلول والتشكيل الأمثل، الأمران الذان عجز عن فعلهما الإيطالي حتى الآن.

عانى ريال مدريد في الأسابيع الأولى من هذا الموسم من عدم استقرار طريقة اللعب، تارة يلعب 4-3-3 وأخرى 4-4-2 أو 4-3-1-2 وحتى 3-5-2 ضد سلتا فيجو، وكل ذلك من أجل إيجاد الحل لتوظيف كل نجومه معاً، وخصوصاً هؤلاء بخط الهجوم، والنتيجة حتى الآن فشل من قبل أنشيلوتي في إيجاد التوليفة الأنسب للملكي.

يجب أن يستقر المدير الفني على طريقة لعب، مهما كان ما سيأتي معها من تضحيات وإغضاب لأحد أو بعض من نجومه، لأن ليس مقبولاً أن نصل لديسمبر وفريق بحجم ريال مدريد ومدربه كارلو أنشيلوتي ولا يعرف لاعبوه طريقة وأسلوب محدد حتى الآن.

في فترته الأولى مع الملكي، عرف أنشيلوتي كيف يحتوى غرفة ملابس احتوت على أمثال كريستيانو رونالدو، جاريث بيل، كريم بنزيما، أنخيل دي ماريا، وغيرهم من النجوم، وكذلك في سنواته الأولى بالفترة الثانية عرف كيف يسيطر على غرف ملابس الملكي ويرضي غرور كل نجومه، وسيطر على أي مشكلة تواجهه.

لا يواجه أنشيلوتي مشكلة في علاقته بنجومه، على العكس، يحظى بحب واحترام لاعبي الميرينجي ولقطة فينيسيوس معه في لقاء أوساسونا الأخير تكشف مساندة أبرز نجوم الملكي له رغم تراجع النتائج، ولكن المشكلة التي تواجه الإيطالي هي كيف يخرج الأفضل من كل هؤلاء النجوم ويعيدهم لمستواهم.

يتذكر الجميع كيف حول أنشيلوتي دي ماريا أثناء فترته الأولى من لاعب جناح إلى متوسط ميدان ثالث من أجل تكوين ثلاثية BBC الشهيرة بالأمام، والنتيجة تجربة ناجحة أتت بالعاشرة وشكلت منعطفاً هاماً في مسيرة الأرجنتيني الذي تألق كثيراً بهذا المركز، وهو ما يحتاجه المدير الفني من جديد الآن، تضحية على طريقة "دي ماريا" من أحد نجومه الحاليين من أجل إيجاد التوليفة الصحيحة، ولسنا نتحدث فقط عن مشاركة أوريليين تشواميني كقلب دفاع أو إدواردو كامافينجا أو فيدي فالفيردي كظهير، ولكن أن يتقبل أحد "الجالاكتيكوس" التضحية لصالح البقية.

بالحديث عن الجالاكتيكوس والتضحيات، نحن نقصد هذا الثلاثي بالتحديد، ووصول كيليان مبابي هذا الصيف لا يمكن التغاضي عن كونه أحد الأسباب الرئيسية وراء حالة عدم الاستقرار في التشكيل والمستوى حتى الآن، والتركيز على الثلاثي لا يعني التقليل من رودريجو ولكن مفاتيح تألق هجوم الملكي تكمن في جيب هذا الثلاثي.

لا يمر الفرنسي بأفضل أحواله حتى الآن مع الملكي رغم أن بدايته "رقمياً" ليس سيئة، ولكنه ليس مبابي المعتاد، وواضح معاناة اللاعب نفسياً بسبب فشله في عدم تقديم المستوى المعهود وشعوره بالمسؤولية لتراجع المستوى، بل أن بعض التقارير أشارت إلى امتعاض من طرفه بسبب فشل الجهاز الفني في إيجاد التوليفة الأنسب له للتألق.

لاعب آخر يشعر بعدم الرضا هو بيلينجهام الذي بعد موسم أول كان فيه هداف الفريق وينافس فينيسيوس على لقب نجمه الأول، ضاع الإنجليزي في أزمات الموسم الحالي، فغابت أهدافه حتى لقاء أوساسونا الأخير، وغاب مستواه المعهود ومساهماته الهجومية في ظل تغير مهام دوره مع وصل مبابي وتكليفه بأدوار دفاعية أكثر عن الموسم الفائت.

يجب أن يعي الثنائي الأخير أن نجم ريال الأول الآن على الأقل هو فينيسيوس، قد يتغير ذلك مستقبلاً ولكن الموسم الجاري البرازيلي هو الذي يُبنى عليه هجوم الملكي وهو القادر على تحريك الفريق بأكمله كما فعل ضد بوروسيا دورتموند، ومن هنا يجب أن تكون الأولوية له أن يلعب في المركز الأنسب له للتألق، وينتظر مبابي دوره كما فعل كثيرون من قبله في مدريد، بينما قد يكون على بيلينجهام تقبل فكرة أنه نجوم ضمن مجموعة من النجوم وليس "النجم" كما فعل أمثال زين الدين زيدان، لويس فيجو، وحتى مواطنه دافيد بيكهام من قبل لإنجاح تجربتهم في صفوف الملكي.

كما أوضحنا، البرازيلي حالياً هو نجم ريال مدريد الأول وعن جدارة، وربما يجب أن يبدأ ذلك في الانعكاس على تصرفاته وأفعاله في الملعب، فلا يصح أن يكون واجهة ريال مدريد شغله الشاغل الحديث مع الحكام وجماهير الخصوم وافتعال المشاكل مع كل صغيرة وكبيرة، الأمور التي تجلب ضغوطاً ومشاكل الفريق في غنى عنها بالوقت الراهن.

السطر الماضي تحدث عن الحل قصير الأمد ولكن الحل طويل الأمد هو رحيل البرازيلي، نعم، يجب أن يبيع ريال مدريد فينيسيوس لأن كل المؤشرات تقول إن هذا هو القرار الصحيح، صفقة ستجلب أموالاً قياسية وقد تكون عملية البيع الأغلى في تاريخ النادي واللعبة ككل، وبديله جاهز بالفعل في صورة مبابي الذي لم يضمه النادي ليكون أحد النجوم، وضعية قد يرضى بها اللاعب في موسمه الأول ولكن لن يقبل بها بشكل دائم.

السعودية وعديد الأندية الأوروبية الكبرى تنتظر تلك اللحظة أن يصبح فيني متاحاً، وربما يجب أن يبدأ بيريز في التفكير جدياً في خطة نجله بالتضحية بالنجم البرازيلي من أجل مستقبل النادي، خطوة قد تكون مغامرة كبرى ولكن كذلك كان الكثير من صفقات وقرارات الرئيس الداهية على مدار سنواته مع النادي، ونادراً ما أخطأ فيها.