جوارديولا محق .. كرة القدم تقتل نفسها!

نجح مانشستر سيتي في الفوز على تشيلسي بسبب إهدار نجم البلوز نيكولاس جاكسون، للكثير من الفرص المحققة وكما قال فرانك لامبارد: "لم يكن هذا مانشستر سيتي وفوزهم جاء نتيجة شخصيتهم"، ويريد الجميع الاستمتاع بمشاهدة أفضل المباريات ولكن إذا لم يتمكن اللاعبين من الحصول على الوقت الكافي للتعافي فإن المباريات ستصبح مملة بسبب إجهادهم مثلما حدث في مباراة نصف النهائي بين السيتى وتشيلسي يوم السبت الماضي.

في المقابل كانت مواجهة مانشستر يونايتد ضد كوفنتري بنصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي يوم الأحد الماضي رائعة ومثيرة وامتدت إلى ركلات الجزاء.

يختلف كل رياضي عن الآخر وغالبًا يكون اللاعب في منتصف العشرينيات قادرًا على التعامل مع ضغط المباريات مقارنة باللاعب في أواخر الثلاثينيات من عمره.

ويتفق علماء الرياضة على أن الرياضيين يحتاجون إلى 72 ساعة على الأقل لاستعاده مستواهم وقوة عضلاتهم وجاهزيتهم الكاملة، وكشف بحث في المجلة الطبية البريطانية أنه على الرغم من إمكانية استعادة القوة البدنية والعضلية خلال 48 ساعة ولكن الاستعادة الكاملة لنمو العضلات لا يتحقق سوى بعد 72 ساعة حيث تظل العضلات متضررة لمدة تصل إلى ثلاثة أيام كاملة بعد كل مباراة.

وأقيمت مباراة السيتي مع تشيلسي بعد 66 ساعة فقط من انتهاء مباراة كتيبة جوارديولا مع ريال مدريد في إياب ربع نهائي بطولة دوري الأبطال التى كانت أصعب وأهم مباراة لهم هذا الموسم واستمرت لمدة نصف ساعة إضافية بالإضافة إلى ركلات الترجيح.

ولم يكن الاتحاد الإنجليزي يعلم أن مباراة ريال مدريد والسيتى ستمتد إلى الوقت الإضافي ولكن بالنظر إلى مدى التكافؤ بين الفريقين وقوتهم كان من المتوقع أن يحدث ذلك وحتى لو تم إنهاء المباراة خلال الـ90 دقيقة، كان سيكون أمام السيتي 67 ساعة فقط للتعافي قبل مواجهة تشيلسي أي أقل بخمس ساعات من الوقت الذي يتفق عليه العلماء لتعافى اللاعبين.

وقرر جوارديولا، تبديل جون ستونز، بين الشوطين في مواجهة السيتى وتشيلسي وغاب هالاند، عن المباراة بسبب إصابة عضلية.

وأجرى علماء الرياضة من جامعة مانشستر متروبوليتان وجامعة إيدج هيل في عام 2023 دراسة عن تأثير "ازدحام المباريات على الإصابات" وأكدت الدراسة أن خطر الإصابات يزداد خلال هذه الفترة.

وقال الدكتور آدم فيلد، المحاضر في علوم الرياضة والأداء المتميز في جامعة مانشستر متروبوليتان: "إن الجداول المزدحمة في كرة القدم تزيد من خطر إصابة اللاعبين ويحدث ذلك بسبب قلة وقت الراحة بين المباريات حيث لا يمتلك اللاعبين وقتًا كافيًا للتعافي، مما يؤدى إلى إصابتهم في المباريات اللاحقة".

وتابع: "من وجهة نظر علمية إن التسارع والتباطؤ السريع وسباقات السرعة طوال مبارايات كرة القدم يؤدي إلى التعب والالتهاب وتلف العضلات وعدم عمل العضلات بنفس القوة والفاعلية مما قد يؤدي إلى مزيد من الإصابات".

شعر السيتي بالتأثير السلبي لجدوله المزدحم خلال العام الماضي عندما أصيب كيفين دي بروينه، بتمزق في أوتار الركبة خلال نهائي دوري أبطال أوروبا أمام إنتر وتكررت الإصابة نفسها مجددًا في أول مباراة بالموسم الحالي ضد بيرنلي، مما اضطره إلى إجراء عملية جراحية وغيابه طوال النصف الأول من الموسم.

وكان دي بروينه، يعلم أن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن تتدهور أوتار ركبته مجددًا وقال نجم السيتى:"لقد كنت أعاني لمدة شهرين لكنني تمكنت من الصمود وأن أشارك في الوقت المناسب، ولا زلت أشعر بالتوتر بسبب لعبى المباراة النهائية بدورى الأبطال لكن الأمر كان يستحق كل هذا العناء".

وشبه دي بروينه، أوتار ركبته بـ "بالمناديل المبللة" وقارن جراحته بـ "عملية صيانة كبيرة مثلما يفعل في سيارته"، ولم يتمكن النجم البلجيكي من مواصلة اللعب في الوقت الإضافي ضد ريال مدريد بسبب إجهاده الشديد.

وغاب ستونز، أيضًا عن معظم مباريات الموسم الحالى بسبب سلسلة من الإصابات، ونفس الأمر لجاك جريليش، الذي كان يعانى من إصابات في الفخذ.

ونجح بعض اللاعبين في الصمود مع ضغط المباريات مثل رودري، لكن النجم الإسباني طلب الحصول على راحة في وقت سابق من هذا الشهر لتراجع مستواه في الأسابيع الأخيرة نتيجة إجهاده والتأثير السلبي لكثافة المباريات.

إن مانشستر سيتى ليس الفريق الوحيد الذي يكافح من أجل التأقلم مع ضغط المباريات فعند مقارنته مع الفرق الأخرى بالدوري الإنجليزي يظهر أنهم لم يتعرضوا لخسائر كبيرة.

فهالاند، هو لاعب السيتي الوحيد الذي تم استبعاده نهائيًا حاليًا بسبب الإصابة ويحتل فريق جوارديولا المركز الأخير بالتساوي مع فولهام وآرسنال فيما يتعلق بعدد الإصابات.

ويتصدر مانشستر يونايتد جدول ترتيب الإصابات في الوقت الحالي حيث يفتقد لـ12 لاعبًا ويأتى نيوكاسل فى المركز الثاني برصيد 11 لاعبًا، بينما يفتقد كل من برايتون وتشيلسي لعشر لاعبين، وإجمالي الغيابات يصل إلى 121 لاعبًا في الدوري الإنجليزي خارج للخدمة حاليًا بسبب الإصابة.

وتزداد الإصابات مع زيادة العبء على اللاعبين والتى بدأت مع زيادة الوقت المحتسب بدل الضائع عقب جائحة فيروس كورونا في عام 2020 وازدادت مع إقامة كأس العالم 2022 في قطر بمنتصف الموسم الأوروبي وعدم حصول اللاعبين على وقتًا كافيًا للراحة.

وكشفت دراسة أجراها بن دينيري، لموقع "Premier Injuries" في نوفمبر الماضي عن وجود 196 إصابة في الأشهر الثلاثة الأولى من الموسم بزيادة 15٪؜ مقارنة بالأعوام الأربعة الماضية وخاصةً إصابات أوتار الركبة التى ارتفعت بنسبة 96% مقارنة بموسم 2022-23 وبنسبة 55% مقارنة بمتوسط أربع سنوات سابقة.

هناك بعض الأمل في الدراسات المتعلقة برفاهية اللاعبين وقد يؤدي وقت التعافي الأطول بين المباريات إلى تقليل الإصابات بين اللاعبين وجعلهم أكثر نشاطًا.

وقال الباحث والدكتور ريتشارد بيج، من جامعة إيدج هيل: "على المدى الطويل سيساعد تطوير جدول المباريات على التخفيف من المخاطر التي يواجهها اللاعبين وإطالة مسيرتهم المهنية، ولكن يجب وضع اعتبارات إضافية فيما يتعلق برفاهية اللاعبين والمشاهدين أيضًا".

ولكن بدلاً من الاستماع إلى العلماء أو المدربين أو اللاعبين يعمل المسؤولون على زيادة عدد المباريات عن طريق توسيع بطولة دوري أبطال أوروبا بالموسم المقبل حيث ستلعب جميع الأندية مباراتين إضافيتين وسيلعب 16 فريقًا أربع مباريات إضافية وهناك بطولة أوروبا وكوبا أمريكا هذا الصيف ثم كأس العالم للأندية في عام 2025 ويليه كأس العالم بنظامه الجديد في عام 2026 والذى سيستمر 39 يومًا.

وقرار إلغاء مباريات الإعادة في كأس الاتحاد الإنجليزي والذي تم الإعلان عنه الأسبوع الماضي وأثار الكثير من الجدل لن يحدث فرقاً كبيرًا، فقد اشتكى كل من جوارديولا وكلوب، من الضغط الكبير على اللاعبين لسنوات وانتقد ميكيل أرتيتا وتين هاج، التأثير السلبي للمزيد من المباريات مؤخرًا، لكن كان رد المسؤولين هو إضافة المزيد من المباريات.

ولا تولي محطات البث مثل "بي بي سي وسكاي سبورتس وتي إن تي سبورتس"، أي اهتمام لرفاهية اللاعبين مما جبر تشيلسي وآرسنال على اللعب معًا في أقل من 72 ساعة.