إن التناقض الصارخ في أداء جريليش بين مانشستر سيتي وإيفرتون لا يعود لكونه لاعباً "فاشلاً" ثم أصبح "ناجحاً"، بل لأنه انتقل من عالم كروي إلى آخر يختلف عنه تماماً.
عالم جاك جريليش المثالي هو عالم من الفوضى الخلاقة والمساحات المفتوحة، فهو فنان انفرادي تتجلى عبقريته في المواقف الفردية والمبادرات غير المتوقعة.
على النقيض تماماً، يقع عالم بيب جوارديولا، وهو عالم من النظام الدقيق والسيطرة المطلقة، حيث كل لاعب هو ترس في آلة جماعية معقدة والنظام هو النجم الأول.
في هذه الآلة، لم يكن يُطلب من جريليش أن يكون العازف المنفرد الذي يخطف الأضواء، بل كان عليه أداء دور تكتيكي منضبط كجناح مهمته الأساسية هي توسيع الملعب لخلق المساحات لزملائه في العمق مثل كيفين دي بروينه.
قلة تمريراته الحاسمة لم تكن عيباً فيه، بل كانت دليلاً على نجاحه في تطبيق الدور الذي كُلف به ضمن منظومة جماعية صارمة حققت كل الألقاب الممكنة.
أما في إيفرتون، فقد تم تسليمه مفاتيح اللعب ليقود هو الهجوم، منحه الفريق الحرية التي يحتاجها ليعود إلى طبيعته كفنان مبدع ومخاطر، فتم بناء النظام ليخدم قدراته الفردية، وليس العكس.
ما نشهده اليوم ليس تمرداً من لاعب على مدربه السابق، بل هو انتصار لفكرة أن لكل فنان مسرحه المناسب، وقد وجد جريليش أخيراً المسرح الذي يسمح له بعزف موسيقاه الخاصة بحرية مطلقة.