في خطوة تعبّر عن مراجعة جذرية لسياسات النادي بعد رحيل نجمه الواعد فرانكو ماتانتونو، قرّر ريفر بليت الأرجنتيني فرض ما يمكن تسميته بـ"بند واقٍ من حالة ماتانتونو"، وهو بند جديد في عقود لاعبيه الشباب يهدف إلى تجنّب تكرار سيناريو بيع المواهب الصاعدة بأسعار تُعتبر أقل من قيمتها الحقيقية في السوق الأوروبية.
Getty Images Sportبند خاص للحماية من فخ ماتانتونو.. ريفر بليت يسنّ قانونًا جديدًا كي لا يتكرر سيناريو ريال مدريد!
Getty Images Sportماذا حدث؟
القصة بدأت في صيف عام 2025، عندما حسم نادي ريال مدريد الإسباني صفقة النجم الشاب فرانكو ماتانتونو، المولود عام 2007 في مدينة أزول، عبر تفعيل بند الشرط الجزائي البالغ 45 مليون يورو. هذه القيمة جعلت اللاعب يصبح أغلى صفقة في تاريخ الدوري الأرجنتيني، متفوّقًا على صفقات بارزة سابقة مثل انتقال إنزو فيرنانديز إلى بنفيكا مقابل 32 مليون يورو، وانتقال خافيير سافيولا إلى برشلونة مقابل 28 مليون يورو.
لكن رغم الضجة الإعلامية التي صاحبت الصفقة، ترك رحيله طعمًا مريرًا داخل أروقة ملعب "مونومونتال". فقد عبّر ستيفانو دي كارلو، أحد الأسماء البارزة في النادي ومرشح الرئاسة المقبل، عن أسفه قائلاً في تصريحات لراديو "لا ريد": "كنا نقول دائمًا إننا لن نبيعه، وفعلاً لم نبعْه، ريال مدريد جاء ودفع قيمة الشرط الجزائي. كنا نتمنى أن نستمر معه، لكن هذا هو واقع كرة القدم الحديثة".
دي كارلو أضاف في تصريحاته أن مبلغ 45 مليون يورو، الذي بدا ضخمًا قبل عامين، أصبح اليوم أقل بكثير من القيمة السوقية الحقيقية للاعب بهذه الموهبة، قائلاً: "حين وُقّع عقده قبل عامين، كان إنجازًا كبيرًا، وأدخل الصفقة في قائمة أفضل ثلاث مبيعات في تاريخ أمريكا اللاتينية... لكن الحقيقة أن الـ45 مليون لم تكن كافية. لقد بقينا خاسرين".
ويرى دي كارلو أن المشكلة ليست في قيمة العقد وحدها، بل في اختلاف توقيتات السوق بين أوروبا وأمريكا الجنوبية، موضحًا: "السوق الأوروبية تعمل في توقيت غير مريح لنا. هم يعززون صفوفهم في منتصف المنافسات، بينما نحن نفقد أعمدة فرقنا في أصعب الفترات".
بند الـ100 مليون دولار!
بعد رحيل ماتانتونو، اجتمع مسؤولو ريفر بليت لصياغة سياسة جديدة لحماية نجوم الأكاديمية، وجاءت البداية مع المهاجم الشاب خوان باوتيستا دادين، هداف الفريق الرديف. النادي أعلن تجديد عقد اللاعب حتى عام 2028، وأدرج في عقده أعلى شرط جزائي في تاريخ كرة القدم الأرجنتينية: 100 مليون دولار!.
لكن ريفر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ تحوّل هذا البند إلى قاعدة إلزامية في جميع العقود الجديدة والتجديدات، فيما وصفه الإعلام المحلي بـ"البند المضاد لماتانتونو". الهدف منه — بحسب دي كارلو — هو كسر حالة "التحكم الأحادي" التي تتيح للأندية الأوروبية خطف اللاعبين بمجرد دفع الشرط الجزائي.
وقال دي كارلو موضحًا: "الفكرة هي إنهاء حالة الأحادية التي تمنح الأندية الكبرى السيطرة الكاملة على مصير لاعبينا. حين تضع بنداً بقيمة 100 مليون دولار، فهذا يجبرهم على الجلوس معك والتفاوض، لا أن يأتوا ببساطة ويدفعوا المبلغ ويرحل اللاعب".
Goalقائمة "المئة مليون!"
اللاعبون الذين يحملون هذا البند الجديد أصبحوا يشكلون قائمة متنامية داخل النادي، تضم أسماء واعدة مثل الإسباني أليكس ووسكي (المنضم من مايوركا)، وإيان سوبيا بري، ولاوتارو ريفيرو، وفاكوندو كوليديو، وكريستيان خايمي، وتياجو أكوستا، وماتياس جالارزا فوندا، وخوان كارلوس بورتيو، وفاكوندو جونزاليس، وأوجستين أوبريجون.
أما الاسم المقبل المنتظر انضمامه إلى هذه القائمة فهو سانتياجو لينسينا، الذي تم بالفعل الاتفاق على تجديد عقده ليصبح أحد اللاعبين المشمولين ببند الـ100 مليون دولار.
رسالة واضحة لأوروبا
الخطوة الجديدة من ريفر بليت تعكس تحولًا إستراتيجيًا في نظرة الأندية الأرجنتينية تجاه المواهب المحلية. فبعد أن كانت هذه المواهب تُباع بأسعار زهيدة نسبيًا مقارنة بقيمتها المستقبلية، أصبح الهدف الآن فرض واقع جديد يُجبر الأندية الأوروبية على التفاوض العادل بدلاً من اللجوء إلى الشروط الجزائية البسيطة.
وبينما يرى بعض المراقبين أن رفع قيمة البنود الجزائية إلى هذا الحد قد يحدّ من فرص انتقال اللاعبين الأرجنتينيين إلى الخارج، يعتقد مسؤولو ريفر أن هذه السياسة ضرورية لحماية استقرار النادي ومكانته التنافسية.
في النهاية، بات "البند المضاد لماتانتونو" رمزًا للصحوة الإدارية في ريفر بليت، ورسالة مفادها بأن النادي العريق لم يعد مستعدًا لخسارة نجومه الواعدين بسهولة.
وبعد أن كانت صفقة ماتانتونو درسًا قاسيًا، أصبحت اليوم نقطة تحول في مستقبل إدارة المواهب في كرة القدم الأرجنتينية.

