Inter Barcelona ratings GFXGetty

إنتر وبرشلونة .. فلسفة فليك أذاقته سُم الأفاعي و"البطل المجهول" يُجسد معجزة إنزاجي نحو نهائي ميونخ

وكأن مباراة الذهاب لم تكن كافية لإمتاعنا وإبهارنا، برشلونة وإنتر قدما للجميع هدية كروية دسمة في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، في مواجهة شهدت فوز الفريق الإيطالي 4/3، وحجزه لبطاقة نهائي ميونخ 2025.

الفريقان دخلا هذه المواجهة بعد التعادل الإيجابي 3/3 على ملعب برشلونة، ليدخل إنتر الشوط الأول متقدما بثنائية سجلها لاوتارو مارتينيز وهاكان تشالهان أوجلو.

الإثارة لم تتوقف، برشلونة عاد بثنائية أخرى لإريك جارسيا وداني أولمو، بل سجل الثالث عن طريق رافينيا، ليبدو أن الضيوف أصبحوا على أعتاب الوصول للمباراة النهائية، ولكن أتشيربي ظهر في الدقيقة 93 ليقتل الحلم الكتالوني بهدف التعادل المباغت.

وبعد الذهاب إلى شوطين إضافيين، ظهر دافيد فراتيسي، نجم إنتر الذي خطف هدف الفوز لتصبح النتيجة 4/3 ويتحول مجموع المباراتين إلى 7/6، قمة الجنون!

السطور التالية هي ليست سوى محاولة متواضعة للحديث عن هذه الملحمة، كلنا استمتعنا، الجميع خرج في حالة من السعادة والنشوة، إلا عشاق برشلونة!

  • FC Internazionale Milano v FC Barcelona - UEFA Champions League 2024/25 Semi Final Second LegGetty Images Sport

    شوط أول مثالي

    في أول 45 دقيقة إنتر فعل كل شيء بالطريقة الصحيحة أمام برشلونة، خاصة وأنه يلعب على أرضه أمام خصم عنيد يمتلك كثافة في العناصر الهجومية المميزة، ولكن لديه مشاكل دفاعية واضحة.

    أوقفوا لامين يامال ببراعة شديدة، حيث اختفى صاحب الـ17 سنة بشكل كامل عن الصورة، وكان لفيديريكو ديماركو فضلًا كبيرًا في هذا الاختفاء، حيث انتقم الظهير الإيطالي من السخرية التي تعرض لها بعد مباراة الذهاب بسبب مراوغات النجم الشاب له.

    كرة القدم قررت مكافئة إنتر ومدربه سيموني إنزاجي، عن جدارة واستحقاق، بسبب التنظيم الدفاعي المميز وإغلاق كافة المساحات أمام برشلونة، دون أن يتحول ذلك إلى حالة من "ركن الأتوبيس" واستسلام تام!

    وبالفعل، حصل إنتر على تلك المكافأة، بهدف من لاوتارو مارتينيز في الدقيقة 21 بمساعدة زميله دينزيل دومفريس، في لقطة شاهدها دفاع برشلونة مثلنا تمامًا وكأنه يتابع المباراة عن طريق التلفاز وليس من الملعب.

    هنا جاء وقت سيمون مارشينياك، الحكم البولندي الذي اعتاد على إثارة الضجة بقراراته الجريئة، ومنح إنتر ركلة جزاء من عرقلة لباو كوبارسي للاوتارو مارتينيز، لقطة جدلية يمكنك معرفة الكثير عنها من هنا.

    هاكان تشالهان أوجلو كان بالمرصاد وأدى وظيفته بشكل مميز ليسجل الركلة في شباك فويتشيك شتشيسني، ليبدو أن الفريق الإيطالي أصبح قاب قوسين أو أدنى من التأهل إلى نهائي ميونخ 2025!

    كل شيء كان على ما يُرام، وبرشلونة لم يهدد مرمى يان سومير كثيرًا، بفضل المستوى المتواضع ليامال وداني أولمو ورافينيا وفيران توريس "العنصر الأسوأ"، وكان من المتوقع أن يدخل إنتر الشوط الثاني ليؤمن تأهله للنهائي، ولكن سيناريوهات كرة القدم ليست دائمًا بهذا الوضوح.

  • إعلان
  • FC Internazionale Milano v FC Barcelona - UEFA Champions League 2024/25 Semi Final Second LegGetty Images Sport

    الأفاعي لدغت نفسها

    الشوط الأول لم يكن جيدًا بالنسبة لديماركو وفقًا للمستوى المعروف عنه، ولكنه كان كافيًا لإيقاف جبهة يامال ومن خلفه إريك جارسيا الذي لعب بسبب غياب جول كوندي للإصابة.

    لذلك ما السبب وراء قرار إنزاجي بتغييره والاعتماد على كارلوس أجوستو بدلًا منه؟ الأخير جعل من إريك جارسيا بطلًا وسمح ليامال بالحصول على بعض المساحات في أوقات متفرقة من الشوط الثاني.

    الطريقة التي دخل بها إنتر الشوط كانت خاطئة بشكل عام، لأنه لم يظهر بنفس الطاقة والحيوية التي لعب بها في أول 45 دقيقة، وفتح دفاعاته على مصراعيها أمام برشلونة.

    هدفان بنفس الطريقة من إريك جارسيا وأولمو بعرضيتين وضعا برشلونة على طريق الريمونتادا، والسبب يعود إلى التراجع الغريب من إنتر ولعبه وكأن المباراة أصبحت محسومة له بالفعل، متناسيًا ما حدث من دراما وجنون في مباراة الذهاب.

    الأمر كان أشبه بقيام الأفاعي "إنتر" بلدغ نفسها، أمام خصم لا يمكنك أن تأمن له خاصة وأن مدربه هانز فليك لا يعرف الاستسلام، ويمكنه خلق الحلول ولو عن طريق إريك جارسيا وهو يلعب في غير مكانه!

    الأغرب من ذلك أن إنتر لم يفعل أي شيء للعودة بعد التعادل، ولم يحرك ساكنًا إلا بعد هدف رافينيا الثالث، وعندما قرر فعل ذلك أنقذه فرانشيسكو أتشيربي بهدف قاتل في الدقيقة 93 ليأخذ المباراة إلى شوطين إضافيين.

    الدرس المستفاد هنا، أن إنتر يمتلك الفاعلية وكل المقومات لإيذاء برشلونة وتهديد مرماه في أي لحظة، فلماذا التراجع ومنح الخصم فرصة العودة؟ نعم الأمور مرت بسلام، ولكن الكرة قد لا تخدم إنزاجي مرة أخرى في النهائي.

  • FC Internazionale Milano v FC Barcelona - UEFA Champions League 2024/25 Semi Final Second LegGetty Images Sport

    معجزة إنزاجي

    كم شخص من مشجعي الدوريين الإنجليزي أو الإسباني "الأشهر والأكثر لمعانًا في العالم" أو أي شخص لا يتابع الكرة الإيطالية بانتظام يعرف من هو دافيد فراتيسي؟ بطل الليلة الذي سجل الرابع لإنتر وقاد فريقه لهذه الريمونتادا الأسطورية؟

    دعنا من فراتيسي، فرانشيسكو أتشيربي صاحب الهدف الثالث القاتل الذي أعاد الحياة لإنتر وجماهيره، والذي يبلغ من العمر 37 سنة، هل هناك أحد مشجعي ريال مدريد أو برشلونة أو ليفربول أو أي فريق آخر يتمناه بفريقه؟ البعض يعتقد أنه اعتزل من الأساس بعدما أصابه مرض السرطان مرتين!

    الإجابة بالطبع لا، لا أحد سيحلم بضمه لفريقه هو وبعض الأسماء الأخرى من إنتر، وهذا يمنحنا فكرة عن حجم الإنجاز الذي قام به سيموني إنزاجي أمام برشلونة، بمجموعة ربما يجهلها العديد من مشجعي كبار أوروبا، ولكنها تقدم مستويات تجعل الفريق الإيطالي يستحق الفوز بدوري الأبطال وبكل جدارة، إلى جانب عناصر لامعة مثل نيكو باريلا ولاوتارو وباستوني.

    الأسماء ليست كل شيء في كرة القدم، فراتيسي وأتشيربي، فعلا ما عجز عنه روبرت ليفاندوفسكي في الشوط الثاني الإضافي، حيث أهدر الأخير كرة رأسية والمرمى خاليًا من حارسه يان سومير.

    لامين يامال نجم الشباك الأشهر في العالم على مدار هذا الأسبوع، والذي يبدو أنه سيعاني قليلًا بسبب حبه لخطف الأنظار داخل وخارج الملعب، اختفى تمامًا، وظهر بدلًا منه بعض الجنود المجهولين، أقل شهرة منه، ولكنهم ليسوا أقل منه في الإصرار والقتال وبذل كل نقطة عرق لإرضاء الجماهير.

    تشكيل إنتر ليس أفضل من مانشستر سيتي وريال مدريد وبايرن ميونخ وحتى أتلتيكو مدريد، ولكنه كمجموعة يمكنه التفوق عليهم جميعًا، وحتى على برشلونة الفريق الذي ظن الكثيرون أنه لا يُقهر.

    البعض تهكم على إنتر بسبب نشر الحسابات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي لصورة أفعى على ملعبه في محاولة لإرهاب خصمه الكتالوني، أين هم الآن؟ الأفاعي لم تمزح، ولدغت برشلونة بفضل أبطاله!

    الأفضلية لم تكن لرافينيا ويامال وبيدري وليفاندوفسكي وكوبارسي، بل للمتألق يان سومير وفراتيسي وماركوس تورام ودومفريس وغيرهم، في ليلة أكدت لنا أن كرة القدم ليس لها كتالوج ولا تعترف بما يتوقعه الجميع على الورق، بل بما يحدث على أرض الملعب فقط.

  • FBL-EUR-C1-INTER MILAN-BARCELONAAFP

    ارفع رأسك يا فليك .. ليست نهاية العالم

    من رفعوا نجوم برشلونة ومدربهم هانز فليك إلى عنان السماء بعد الفوز بكأس الملك على حساب ريال مدريد، ربما هم نفس الأشخاص الذين سيقومون بالزج بهم إلى سابع أرض بعد هذه الخسارة.

    مستويات كارثية من فيران توريس وفرينكي دي يونج وكوبارسي وإينيجو مارتينيز، يامال كان جيدًا خاصة في مراحل متأخرة من المباراة، ولكنه لم يكن فعالًا بالشكل الكافي، واختفى في بعض الفترات، لذلك سنسمع كثيرًا أنه لا يستحق المقارنة بليونيل ميسي في الأيام القليلة القادمة.

    الجميع حذر من تلك الكارثة، هذه الفراغات الدفاعية التي يتركها فليك في خطه الخلفي، لا تجعل برشلونة قادرًا على تحقيق التقدم وتأمينه خلال المباريات، سياسة "سنسجل أكثر مما نستقبل" ربما نجحت كثيرًا في الدوري الإسباني، ولكن معارك الأبطال مختلفة تمامًا.

    الألماني تلقى الكثير من الإنذارات، لعل أبرزها مبارة أتلتيكو مدريد هذا الموسم التي تقدم فيها 4/2 وانتهى الأمر بالتعادل برباعية لكل فريق، السيناريو تكرر الليلة وبأسوأ صورة ممكنة.

    دقيقة واحدة فقط كانت كافية لتحويل برشلونة من فريق خاسر يستعد لاستقبال الانتقادات، إلى خصم لا يُقهر يشق طريقه نحو الثلاثية وربما الرباعية - قبل أن يظهر أتشيربي لتدمير هذا الحلم، في الوقت الذي تمركز فيه الخط الخلفي بصورة عشوائية ليعكس حاجة الفريق الكتالوني لتقوية دفاعه فرديًا وتنظيميًا.

    ولكن لا تدع هذه الدقيقة تدمر مشروعك المبهر يا فليك، مستقبل برشلونة لا يزال مشرقًا، وما حدث اليوم أمر طبيعي ووارد الحدوث أمام خصم عنيد وسط عشاقه الذين عاشوا كل لحظة في المباراة بكل أفئدتهم وساندوا إنتر حتى آخر ثانية!

    ربما ملحمة الليلة هي مجرد فرصة، من أجل النزول على الأرض قليلًا ومواجهة الواقع، بأن هذا الفريق لم يكتمل بعد، ولا يزال أمامه بعض العمل لإعادة العملاق الكتالوني إلى عرش منصات التتويج بدوري الأبطال.