LumumbaGoal Ar Only GFX

أعدموه بالرصاص وأذابوا جثته بطريقة وحشية .. القصة المأساوية خلف "لومومبا الكونغو" بمدرجات أمم إفريقيا

كرة القدم في قارة إفريقيا لا تتعلق بما يحدث في الملعب فقط، بل هي فرصة للمشجعين من أجل إظهار هويتهم وأصولهم التي يعتزون بها، ولنا في المشجع الكونغولي كوكا مولادينجا خير مثال!

ما شاهدناه في كأس الأمم الإفريقية 2025 بالمغرب، يعكس لنا مدى اعتزاز الأفارقة بتاريخهم، رغم العديد من المصاعب والأحداث المأساوية التي مر بها أبناء القارة السمراء في ظل كفاحهم من أجل الاستقلال والحرية.

قصتنا هنا تتعلق بواحد من أهم الشخصيات في تاريخ الكونغو، وهو رئيس الوزراء الأسبق باتريس لومومبا الذي فقد حياته وتم إعدامه وإخفاء جثته.

السنوات تمر ولكن كوكا مولادينجا لم ينسى أبدًا، لذلك شاهدناه في مباريات الكونغو بأمم إفريقيا وهو يحاول تجسيد شخصية لومومبا بطريقة صعبة وفريدة من نوعها!

  • FBL-AFR-2025-MATCH 08-COD-BENAFP

    تمثال حقيقي أم خداع بصري؟

    منذ بداية البطولة، وخلال مباراتي الكونغو أمام بنين والسنغال في أمم إفريقيا، مرورًا بلقاء الجولة الثالثة ضد بوتسوانا، شاهدنا واحدة من أغرب الظواهر في مدرجات البطولة، التي اعتدنا فيها على كل ما هو غريب ومختلف.

    للوهلة الأولى ستظن أن الجماهير جلبت تمثالًا لوضعه بالمدرجات، شخص يقف صامدًا دون أي حركة في هيئة رئيس الوزراء الأسبق لبلاده باتريس لومومبا، الجميع انتظر أي حركة منه للتحقق من الأمر.

    وبعد فترة من الثبات يحرك المشجع الكونغولي يديه، ليؤكد للجميع أنه ليس تمثالًا مصنوعًا من الشمع أو أي مادة أخرى، بل هو شخص يدين بالفضل للومومبا الذي أفنى حياته في مقاومة الاستعمار البلجيكي.

    الغريب هو التشابه الكبير بين ملامح مولادينجا والسياسي الذي تم إعدامه في يناير 1961 بولاية كاتانجا، دون أن يعلم أحد مكان جثته في واحدة من أبشع طرق الإعدام على مر التاريخ.

    بعض الروايات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تؤكد أن مولادينجا وقف بهذه الوضعية لمدة 90 دقيقة كاملة ضد السنغال، ورفع يده 115 دقيقة أمام بنين، وذلك من أجل التعبير عن حبه لبلاده ولهذه الشخصية التي تحمل قيمة هائلة لشعبه.

  • إعلان
  • Patrice Lumumba, Congolese Politician & Independence LeaderHulton Archive

    من هو باتريس لومومبا؟

    قام رئيس الوزراء الراحل بتشكيل أول حكومة كونغولية منتخبة في 30 يونيو 1960، وحرص على أن تضم حكومته كل القوى الوطنية، وأصدر عدة قرارات هامة عشية استقلال بلاده عن بلجيكا، وذلك من أجل إبعادها تمامًا عن أي تدخل في شؤونها.

    الأزمة بدأت في يوم الاستقلال، حيث حدثت أزمة سياسية طاحنة، بحضور ملك بلجيكا بودوان ومجموعة من الشخصيات الهامة في إفريقيا وأوروبا، وحاول وقتها رئيس الوزراء البلجيكي إلقاء خطابًا على الحاضرين، ليمنعه لومومبا وهنا نشبت الأزمة.

    بعدها اشتعلت الأمور بين لومومبا نفسه وملك بلجيكا، ليقوم الأول بمخاطبة شعبه ليذكرهم بالأيام الصعبة التي عانوا منها تحت سلطة الاحتلال، وبعدها بدأت الخطة للتخلص منه.

    فرحة الاستقلال لم تدم طويلًا، دخلت البلاد في عدة أزمات، لومومبا وجد نفسه أمام نيران التمرد العسكري وانفصال إقليم كاتانجا الغني بالثروات الطبيعية في الكونغو بدعم من بلجيكا.

    وفقًا لوثائق تاريخية، فإن لومومبا حاول الاستغاثة بالعديد من الجهات دون جدوى، ليقوم الرئيس الكونغولي "صاحب المنصب الشرفي فقط" بعزله وتجريده من مهام منصبه وسط اعتراضات وتعاطف كبير معه.

    أدرك وقتها أنه سيتعرض للاغتيال في أي وقت، حاول الهروب في شمال البلاد ولكن تم القبض عليه في النهاية واعتقاله، وفي 17 يناير 1961 تم إعدامه برصاص من مجموعة مكونة من 9 جنود كونغوليين مع وجود مسؤولين من بلجيكا للإشراف على العملية التي تمت بطريقة غير آدمية.

    تم اقتياد لومومبا الذي تقبل موته دون أي مقاومة، ليقوم الجنود بإطلاق وابلًا من الرصاص على جسده، ويقال إن الأرض كان عليها نصف كيلو جرام من الرصاصات الفارغة بعد تنفيذ عملية الإعدام، كما أن الشجرة التي أُعدم بجوارها كانت لا تزال مثقبة بالرصاص لمدة 27 عامًا.

    الأسوأ من ذلك كان التخلص من جثة لومومبا مع شخصين آخرين تم إعدامهما معه، وذلك عن طريق تقطيع الجثث إلى قطع صغيرة وإذابتها في حمض الكبريتيك، وقام بهذه العملية ضابط بلجيكي اسمه  جيرارد سويت.

    الضابط اعترف في لقاء تلفزيوني في 1999 بتنفيذ هذه الطريقة الوحشية للتخلص من جثة لومومبا، وقال إنه احتفظ باثنين من أسنان رئيس الوزراء الراحل كتذكار.

  • FBL-AFR-2025-MATCH 08-COD-BENAFP

    تكريم في مصر والمغرب

    المشجع الكونغولي لم يكن أول من يدعم أسطورة بلاده ويُكرمه، الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر قدم الكثير من الدعم الدبلوماسي له وكان له دورًا هامًا مع العديد من الشخصيات الأخرى في حماية عائلته بعد واقعة إعدامه.

    الكاتب المصري محمد فايق، قال عنه في كتابه "عبد الناصر والثورة الإفريقية":"لومومبا كان مقيد اليدين خلال مشهد إعدامه، الحراس كانوا يضربونه بكعوب بنادقهم، سقط على الأرض وقاموا بجذبه من شعره، ليقف ويتم ضربه من جديد".

    مدينة الإسكندرية تعتبر حاليًا من الأماكن التي تشهد على عظمة لومومبا، بعدما قررت مصر إطلاق اسمه على أحد أجمل شوارع المدينة خلف منطقة استاد الإسكندرية في باب شرق.

    تكريم لومومبا لم ينحصر على مصر فقط، بل في بلدان أخرى، منها المغرب التي أطلقت اسمه كذلك على أحد الشوارع الهامة في مدينة الرباط تخليدًا لذكراه كأحد أهم رموز قارة إفريقيا.

    وما فعله هذا المشجع في مدرجات الكان 2025، هو دليل آخر على أن كرة القدم ليست لعبة فقط أو وسيلة ترفيهية، بل طريقة للتعبير عن الهوية والاعتزاز بها، وقارة إفريقيا هي الأكثر براعة في إظهار ذلك بمدرجات ملاعبها.

  • ENJOYED THIS STORY?

    Add GOAL.com as a preferred source on Google to see more of our reporting

0