لم تكن مواجهة ريال مدريد أمام إلتشي ليلة عادية في الدوري الإسباني، بل جاءت محمّلة بالضغوط والانفعالات، لتكشف عن حجم التوتر الذي يعيشه الفريق الملكي في الأسابيع الأخيرة. ورغم التعادل 2-2 الذي انتهت به المباراة، فإن المشهد الأبرز لم يكن على لوح النتيجة، بل في تلك اللقطات التي التقطتها كاميرات برنامج El Día Después على شبكة Movistar Plus+، والتي كشفت عن إحباط واضح لدى النجم الفرنسي كيليان مبابي، في لحظة بدت كأنها صرخة للاستفاقة داخل فريق يبحث عن هويته.
Getty Images
Getty"نحتاج إلى الضغط"
الدقائق كانت تمضي ثقيلة على لاعبي ريال مدريد، والمباراة تميل نحو الفوضى، حين اقترب مبابي من زميله الإنجليزي جود بيلينجهام في منتصف الملعب. بالكاد حرّك شفتيه، لكن الكاميرات التقطت عبارته بوضوح: "نحتاج إلى الضغط العالي".
لم تكن مجرد ملاحظة تكتيكية، بل أقرب إلى استغاثة قائد يرى فريقه يتراجع بلا مبرر، ويفقد زمام المبادرة أمام خصم أقل جودة، لكنه أكثر تنظيمًا. بيلينجهام استمع، لكنه فضّل إخفاء رده خلف يده، وكأن ما بينهما ليس مجرد حوار في مباراة، بل نقاش داخلي أكبر حول ما ينقص هذا الفريق في اللحظات الحرجة.
انفعالات على الخط
اللقطة لم تكن الوحيدة التي كشفت الارتباك داخل ريال مدريد. المدرب تشابي ألونسو نفسه ظهر في مشهد آخر يناقش جهازه الفني بحيرة واضحة: "ربما الحل من الأطراف... إذا كان لدينا لاعب هناك فليحاول".
كانت تلك الكلمات انعكاسًا لليلة لم يجد فيها ألونسو المفتاح المناسب لكسر دفاع إلتشي، رغم البداية القوية للفريق الملكي في الدقائق الأولى، حين ضغط بحدة واستخلص عدة كرات في مناطق خطرة. هذه البداية المبشرة تلاشت فجأة، تاركة المدرب ولاعبيه في مواجهة أسئلة بلا أجوبة.
لحظات تفلت عن السيطرة
غضب مبابي بدأ مبكرًا، واشتعل أكثر مع كل دقيقة، النجم الفرنسي بدا غير متفهم لتراجع زملائه في الضغط، ولا للارتباك الدفاعي الذي سمح لإلتشي بالتقدم ثم التعادل.
وانفجر غضبه الحقيقي عند لقطة الهدف الثاني المثير للجدل، الذي بدأ باحتكاك بين فينيسيوس جونيور وحارس إلتشي إنياكي بينيا.
مبابي توجّه لزملائه بكلمات حادة: "الحارس واصل اللعب، هيا يا فيني، لا بد أن نسجل".
ومع تكرار إهدار الوقت من لاعبي إلتشي، فقد الفرنسي أعصابه خصوصًا مع تأخر الحكم في اتخاذ الإجراءات: "لقد ضاع الكثير من الوقت… إذا كان لا يستطيع الاستمرار فليخرج".
ومع صافرة النهاية، ذهب مبابي مباشرة نحو الحكم مطالبًا بتفسير عدم إضافة دقائق كافية: "اشرح لي… اشرح لي!"، قبل أن يشهر الحكم البطاقة الصفراء في وجهه.
كاميرات Movistar+ التقطت أيضًا حوارًا آخر يعكس حجم الضغط النفسي الذي يعيشه اللاعبون. هذه المرة بين الحارس البديل أندري لونين، والصاعد راؤول أسينسيو، والقائد فيديريكو فالفيردي. بعد الهدف الثاني لإلتشي، تساءل أسينسيو بدهشة: "لماذا سددها.. تيبو؟".
سؤال ظلّ بلا إجابة، لكنه أظهر حالة فقدان الثقة والتساؤلات الكثيرة داخل الفريق منذ بداية الموسم.
AFPحلول مفقودة
ما حدث أمام إلتشي ليس مجرد تعثر في مباراة، بل مؤشر على أزمة ذهنية وفنية يعيشها ريال مدريد. الفريق يمتلك أسماء لامعة، لكنه يفتقد التوازن. الخط الخلفي يعاني من غيابات وإصابات، وخط الوسط يفتقد الانسجام الكامل، والهجوم رغم قوته الفردية لا يجد التنسيق المطلوب لكسر التكتلات الدفاعية.
مبابي، الذي جاء ليكون قائد المشروع الجديد، يجد نفسه أمام مسؤولية مضاعفة. كلماته، غضبه، احتجاجه المستمر… كلها تعكس شعوره بأن الفريق لا يؤدي بالمستوى الذي يجعله المرشح الأول لحصد الألقاب الكبرى. وبيلينجهام الذي كان شريكه في الحوار داخل الملعب، هو الآخر يعاني تراجعًا في الأداء مقارنة ببدايته مع الملكي.
مشاهد مباراة إلتشي لا تعني فقط تعادلًا بطعم الخسارة، بل ناقوس خطر يقتضي تدخلًا عاجلًا من تشابي ألونسو لإعادة الانضباط الفني والذهني للفريق. الضغوط تتصاعد، والجماهير تنتظر رؤية واضحة تُعيد الفريق إلى الطريق الصحيح.
ووسط هذا كله، تبقى تلك الجملة التي تمتم بها مبابي لزميله: "نحتاج إلى الضغط" وكأنها تعبير مكثف عن الحالة: ريال مدريد بحاجة للضغط، للتركيز، ولإعادة الروح... قبل خسارة ما هو أهم من نقطتين!.



