الحقيقة أحيانًا تكون مؤلمة ولكنها يجب أن تُقال، وربما من شجّع آرسنال في نهائيات القرن الماضي ومطلع القرن الحالي يجد الأمر صعب قبوله وتجاوزه مهما حدث.
آرسنال بدأ الدوري الإنجليزي بأسوأ شكل ممكن منذ سنوات، 3 مباريات أمام الصاعد برينتفورد وحامل لقب دوري أبطال أوروبا تشيلسي وحامل لقب البريميرليج مانشستر سيتي والنتيجة هي خسارة جميع المباريات واستقبال 9 أهداف وتسجيل 0!
البداية سيئة بكل الطرق، مستوى الفريق ينهار بين الحين والآخر، طموح الفريق تحول من الفوز بدوري أبطال أوروبا وتكرار تحقيق لقب البريميرليج إلى التعلق بالمركز الرابع ثم تدريجيًا وصل إلى رغبته فقط في المشاركة بأي لقب أوروبي وفي الموسم الماضي وجد نفسه بعيدًا عن أوروبا تمامًا رغم استحداث بطولة جديدة وهي بطولة الكونفريس.
هل يجب أن نتوقف هنا وننظر إلى آرسنال بشكل مختلف ونتجاهل الإعلام الإنجليزي الذي استمر في اعتباره من الست أندية الكبرى؟
سنوات الضياع بعد الإنجازات
لا أحد يمكن أن ينكر قيمة آرسنال عبر التاريخ، فهو أحد كبار إنجلترا في سنوات خلت ومع إنشاء البريميرليج وقدوم أرسين فينجر لقيادة المدفعجية كان واضحًا أنّه فريق استثنائي بما يقدمه من كرة قدم ممتعة وظهوره على منصات التتويج.
آرسنال حقق العديد من البطولات مع فينجر وأهمها الفوز بالدوري الإنجليزي دون أي هزيمة في موسم 2003-2004 وهو الفريق الوحيد الذي حقق ذلك في إنجلترا، ثم وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في 2005-2006 بعد انتصاره على فرق كبيرة مثل يوفنتوس وريال مدريد ليخسر أمام برشلونة.
هذا الفريق لا غبار عليه دون شك، جيل عظيم به أسماء مبهرة ولكن مع الوقت بدأت الأمور تتراجع لأسباب اقتصادية في البداية بسبب ملعب إمارات الذي حلّ محل هايبري ثم استمر التراجع بشكل واضح.
آرسنال بلا أسماء مرعبة، ومحاولات من فينجر لتجنب عدم المشاركة في دوري أبطال أوروبا كل موسم حتى لو كان أفضل إنجاز للفريق قاريًا هو ثمن النهائي، وجاء موسم 2016-2017 لتكون الطامة الكبرى بالخروج من البطولة أمام بايرن ميونخ بنتيجة 10-2 مجموع المباراتين!
أين آرسنال؟
Getty Imagesمنذ حينها لم يعد آرسنال الفريق المرعب، يأتي مدرب ويرحل آخر والفريق كما هو، يظهر نجم ويتألق ثم يغادر أو يجدد عقده وبعدها ينهار ويتراجع بشكل كبير والفشل يتواصل، وروح الفريق ذاتها أصبحت روح فريق وسط جدول.
آرسنال لم يتراجع لأسباب مالية مثلما حدث لميلان على سبيل المثال أو ما يحدث مع برشلونة في الآونة الأخيرة، ولكن تراجع لأن إدارته قررت أن تقف دون حراك بينما يتحرك العالم كله!
منذ موسم 2016-2017 صرف آرسنال في سوق الانتقالات 783 مليون يورو تعاقد فيهم مع 88 لاعبًا، وهو النادي الثامن في الترتيب ويتفوق على أندية حققت إنجازات كبرى رياضية خلال الفترة ذاتها مثل ريال مدريد الذي صرف 620 مليون يورو 90 لاعبًا أو ليفربول الذي صرف 570 مليون يورو أو بايرن ميونخ الذي صرف 455 مليون يورو!
إذًا لا يمكن أن نقول أبدًا أن مشكلة آرسنال تتعلق بالمادة، فالفريق قادر على ضخ الأموال، ولكن ما هي الأزمة؟
لم أعرف أن كيسًا من المال قادر على حصد الألقاب!
Goalهذه الجملة المنسوبة ليوهان كرويف تلخص ما يفعله آرسنال، فالأمر أحيانًا لا يتعلق بصرف الأموال ولكن كيفية صرفها!
لو نظرنا إلى الأسماء التي جلبها الجانرز سنجد تعاقدات بمبالغ ضخمة دون حل للأزمة الحقيقة، ففي الصيف الحالي جاء بن وايت مقابل 58 مليون يورو ومن قبلها جاء نيكولاس بيبي مقابل 80 مليون يورو وأوباميانج مقابل 65 مليون يورو وغيرها من الصفقات التي كلفت خزينة النادي مبالغ كبيرة دون إضافة فنية حقيقية.
يكفي أنّ الجانرز في الصيف الحالي هو الأكثر صرفًا على اللاعبين في سوق الانتقالات ورغم ذلك لن تجد تطورًا واضحًا أو عمقًا كبيرًا في قائمة الفريق!
وحتى فيما يتعلق بالرواتب، فآرسنال هو خامس أعلى رواتب في إنجلترا بعد مانشستر يونايتد، تشيلسي، مانشستر سيتي وليفربول أي أعلى من فرق مثل وست هام وليستر سيتي وكلاهما يقدم مستويات أفضل ويصل لمراكز أعلى.
إذًا ما الأزمة؟
Getty Imagesآرسنال من الفرق الإنجليزية التي تستخدم شركات الإحصاء والبيانات قبل إتمام أي صفقة، وتعاقد مع شركة اسمها StatDNA في 2011 ثم اشتراها بصورة كاملة بعد عام كامل، وهو أمر عظيم بالطبع ونقطة إيجابية لكن الشيطان يكمن في التفاصيل.
ورغم ذلك إلا أنّ هذه الشركة تعد أحد أسوأ الشركات في أوروبا، ولهم سلطة كبيرة على كل تعاقدات الجانرز تقريبًا خلال السنوات الماضية.
ولأن النتائج التي عادت من الشركة كانت سيئة، وأغلب التوصيات أدت إلى إفساد الأمور أكثر وأغلب اللاعبين الذين جاءوا بسبب هذه الشركة لم تحقق أي نجاح يُذكر فبالتالي قرر تجاهل الإحصائيات بشكل تام في الوقت الذي تعتمد فرق كبرى في البريميرليج تحديدًا على الأرقام!
آرسنال قرر الاعتماد فقط على وكلاء اللاعبين وبالتالي أصبحت مساحة جلب لاعبين متوسطين بأرقام أكبر من المستحقة تزداد وظهر العجز الواضح في إنشاء مشروع رياضي حقيقي.
وطالما أصبح الأمر بيد رئيس النادي كرونكي وكفره بالإحصائيات واتجاهه فقط إلى رأيه الشخصي ووكلاء اللاعبين وغياب المشروع الموجود عند منافسين مثل مانشستر سيتي وليفربول وحتى تشيلسي مؤخرًا، بجانب أن التراجع الرياضي بدأ يؤثر على الوضع الاقتصادي فمن الصعب اعتبار المدفعجية فريق كبير قادر على المنافسة.
آرسنال جمع كل العيوب في الفرق الأوروبية، نادٍ باقتصاد جيد لكن دون مشروع رياضي ولا يعتمد على الإحصائيات والخطط لجلب الصفقات، ورئيس نادي لا يرغب في فعل أي شيء لتحسين وضع الفريق، وأسماء تلعب في النادي لا تمتلك الشخصية والقدرة على الخروج من الأزمات، ومدرب شاب بخبرات محدودة مطالب منه بإعادة تدوير العجلة، وكل هذا أدى إلى مصير النادي الحالي.
وطالما استمرت الأمور على ما هي عليه فلا يمكن أبدًا اعتبار آرسنال مرشحًا لتحقيق أي شيء ولا التعامل معه على أنه من كبار أوروبا أو حتى إنجلترا، وربما البداية السيئة للموسم الجاري تكون جرس التنبيه لتصحيح الأوضاع قبل فوات الأوان.
وحتى يعود آرسنال – كما نتمنى – للمنافسة على الألقاب، فعذرًا صحف إنجلترا، الجانرز ليس أبدًا فريقًا كبيرًا وليس مقلقًا ومرعبًا لأي خصم من الخصوم!
اقرأ أيضًا:-
آرسنال وأرتيتا .. عندما تنفق كل ما لديك لتلعب بنفس الفريق!
انتقالات العقد الأخير .. خسائر بالمليارات للإنجليز وبرشلونة ينافس على الفشل
قبل جرينوود .. نجوم الرياضة الذين احتفلوا بـ "بلاك بانثر" تشادويك بوسمان


