لم يمر أسبوع حتى الآن في الموسم الجديد دون أن نسمع أو نشاهد مشكلة للنجم الفرنسي كيليان مبابي في باريس سان جيرمان
اللاعب الكبير فنيًا لا يبدو وأنه وصل إلى ما يكفي من النضج عقليًا ليعرف كيف يتفادى ذلك النوع من المشاكل الذي هدد مسيرة نجوم كبار من قبله.
مبابي ربما يكون لا يد له في تلك المشاكل وربما يكون الرأس المدبر لها، لكن في النهاية الحقيقة الواضحة أنها تؤثر علي داخل الملعب وعلى صورته خارجه.
فيما يلي دعونا نحاول أن نفهم سويًا أسباب مشاكل مبابي مع نيمار وميسي والمدير الفني وما هي الحلول، وإذا ما كان قد أخطأ عندما قرر الاستمرار مع باريس سان جيرمان والتخلي عن ريال مدريد.
مشاكل لا تنتهي مع نيمار
منذ أن جدد مبابي عقده الأخير مع باريس سان جيرمان والمشاكل حوله لا تنتهي، بالأخص مع نده الأكبر في الفريق نيمار دا سيلفا.
نيمار كان ولا يزال الصفقة الأكبر في التاريخ، والآن تراجع في سلم الرواتب خلف كيليان مبابي عقب العقد الجديد للفرنسي الشاب.
ربما أثر الأمر على البرازيلي أو على مبابي نفسه الذي أصبح يرى نفسه النجم الأول للفريق بحسب ما يعكس راتبه الحالي.
مبابي فعلًا يحصد الراتب الأعلى بحسب مجلة فوربس، لكن النجم الفرنسي ليس النجم الأول ولا حتى الثاني في وجود نيمار وميسي المقربان من بعضهما البعض.
ربما يكون ذلك هو السبب الأساسي خلف كل تلك المشاكل التي تخرج يوميًا للصحف والإعلام، وكما نعلم جميعًا، لا يوجد دخان دون نيران، وإن كان هناك الكثير من الأخبار الكاذبة، لابد أن بعضها صادق أيضًا.
لا يستطيع اللعب دون ميسي ونيمار!
حدود مشاكل مبابي لا يبدو وأنها تتوقف عند نجوم الفريق، فلقد امتدت بشكل أو لآخر لتطول المدير الفني الجديد كريستوف جالتييه.
المدرب خرج بعد لقاء الفريق الأخير في الدوري وأكد أن مبابي شعر ببعض التوهان في غياب ميسي ونيمار، وأنه دفع بالبرازيلي حتى يعيده لأفضل أحواله.
ذلك التصريح العلني من المدير الفني يعني الكثير بالنسبة لمبابي أكثر من أي شخص آخر، فالرجل الذي يعمل معك كل يوم يرى أنك دون نيمار وميسي لا شيء تقريبًا.
هناك إهانة مبطنة في التصريح، ولا يمكننا أن نتصور أن تلك الكلمات لا يوجد لها خلفية سابقة في علاقة الثنائي خلف الأبواب المغلقة، ولا يمكن التخيل حتى أنها ستمر دون أن تؤثر على تلك العلاقة في المستقبل.
في النهاية من المفترض للمدير الفني أن يحمي نجومه، بالأخص لو كانوا من مثيري الشغب مثل مبابي، لكن يبدو أن لجالتييه طريقة مختلفة.
هل وقع مبابي في الخطأ؟
كل ما حدث ويحدث مع مبابي في باريس سان جيرمان يجعلنا نتوقف للحظات ونفكر، هل وقع اللاعب الفرنسي في الخطأ عندما قرر الاستمرار مع فريقه.
تلك اللحظة في منتصف ملعب بارك دي برينس بجوار ناصر الخليفي عندما أعلن عن تجديد عقده لسنوات قادمة، هل ستبقى عالقة في رأسه ومرتبطة ببعض الألم؟!
مبابي رفض ريال مدريد، لكن من يؤكد له أن الحياة هناك في صفوف الملكي كان سيعيشها رغدًا؟! على النقيض فجماهير ريال مدريد من السهل للغاية أن تنتقد اللاعب وتلقي بالضغوطات عليه لو لم يقدم ما يسمو لطموحاتهم.
لنا في الثنائي جاريث بيل وإيدين هازارد خير مثال على ذلك، الأول ظل لسنوات وقدم لمحات طيبة كثيرًا، لكنه رحل منبوذًا عن الفريق، والثاني لم يظهر أي شيء من مستوياته في الدوري الإنجليزي، وتهاجمه الجماهير في كل مرة يظهر فيها دون المستوى أو يتصرف بشكل غير مقبول.
لذلك لا يمكننا أن نجزم أن مبابي وقع في الخطأ عندما قرر عدم اللعب لريال مدريد، لكنه ربما وقع فيه عندما قرر الاستمرار مع باريس سان جيرمان.
خيارات مستقبلية
الحياة ليست كالأفلام التجارية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي خير وشر مطلق، لذلك فخيار البقاء في باريس سان جيرمان أو الرحيل إلى ريال مدريد لم يكونا فقط هما اللذان أمام مبابي.
النجم الفرنسي كان يستطيع بمنتهى البساطة أن يختار مشروع رياضي يستطيع من خلاله أن يخدم الفريق ويحصل على أقصى استفادة ممكنة كفرد.
كان من الممكن أن يحدث ذلك في ليفربول وإن كان يعاني، أو في بايرن ميونخ وإن كان الفرنسي يحتاج للتخلي عن الكثير من الفردية ومن اعتزازه بنفسه حتى ليصلح للعب معهم.
ذلك حتى كان من الممكن أن يحدث في باريس سان جيرمان لو قرر أن يلتزم بدوره كلاعب كرة قدم فقط، ليس كمدير رياضي وفني ومسؤول عن الانتقالات واختيارات الجميع داخل وخارج الملعب.
لذلك فالخيارات المستقبلية أمام مبابي عديدة ومفتوحة ولا يزال من بينها ريال مدريد ودعونا نلقي بالأحاديث العاطفية جانبًا، فالملكي لو حصل على الفرصة لضم مبابي من جديد بما يتناسب مع مشروعه الرياضي والاقتصادي هل سيمانع؟ أشك في ذلك ولو كرر مبابي رفضه عشر مرات قبل أن ينضم لهم.
بيت القصيد
مبابي لم يقع في أي خطأ، لقد اختار الخيار المنطقي من وجهة نظره في نهاية الموسم الماضي، فلا أحد في كل ذلك الكون يستطيع أن يخبرك ما الذي سيحدث في المستقبل، وكان من المستحيل على مبابي تغيير ذلك المستقبل الذي أصبح الآن من الماضي.
لكنه الآن يستطيع أن يكتب مصيره بيده بالكف عن الدخول في صراعات لا هدف منها مع نجوم الفريق والمدير الفني، ويستطيع أن يحقق مستويات أفضل لو ركز على دوره كلاعب كرة قدم فقط.
الندم على ريال مدريد لن يفيده بأي شكل من الأشكال، وفي المستقبل البعيد من الممكن أن تتقاطع طرقه معهم أو مع غيرهم، كل ذلك ممكن.
لكن الأكيد أن مبابي لا يزال لديه بعض الأمور ليتعلمها، والكثير من الخبرة ليحصدها داخل وخارج الملاعب قبل أن يتم الاعتماد عليه كلاعب نجم أوحد وقائد.




