Sahar El HawariGoal AR

نساء في كرة القدم | سحر الهواري .. عرابة كرة القدم النسائية في العالم العربي

كرة القدم كانت ومازالت في نظر العديد لعبة الرجال، إذ رغم التقدم الكبير في الكرة النسائية وتواجد لاعبات بجودة عالية، إلا أن مقاليد الحكم خارج الملاعب ظلت بأيدي الرجال .. مع هذا، فهناك عدة نساء اخترقن ذلك الحاجز وفرضن أنفسهن على اللعبة الأشهر في العالم. جول النسخة العربية يُطلق سلسلة جديدة تتحدث عن أبرز النساء في عالم الساحرة المستديرة.

حلقتنا الوم عن المصرية سحر الهواري والتي تُعد العنوان الأبرز لكرة القدم النسائية في مصر، حيث تولت هذا الملف منذ نشأ وعلى مدار السنوات الماضية حتى مأساة سجنها على خلفية قضية لا تتعلق بكرة القدم.

سحر الهواري .. شغف كرة القدم المبكر

ولدت سحر عام 1958 وهي ابنة الحكم المصري الشهير عزت الهواري.

الطفلة التي ترعرعت وسط أجواء كرة القدم أصبحت شغوفة باللعبة مبكرًا جدًا رغم أنها كانت لعبة الرجال في ذلك الوقت، وقد أرادت اقتحامها منذ كانت في المدرسة لكن ذلك لم يكن ممكنًا في ثمانينات القرن الماضي.

والدها قدم لها كل الدعم رغم خوفه عليها من عدم تقبل المجتمع لفكرة كرة القدم النسائية، وقد قالت لصحيفة الشرق الأوسط السعودية عن بداية حبها للعبة "عندما كنت صغيرة، كنت أذهب مع والدي عندما كان يعمل وكنت أرى كل ما كان يفعله، وهو الأمر الذي جعلني أعشق هذه اللعبة. لا شك أن كوني ابنته قد ساعدني كثيراً، لأنه خلق سمعة جيدة يمكنني البناء عليها. لقد واجهت الكثير من التحديات، لأن الجميع لم يكونوا يتعاملون مع كرة القدم النسائية على محمل الجد. لقد كان يتعين علي أن أفعل الكثير من الأشياء بمفردي".

اللبنة الأولى في تأسيس كرة القدم النسائية في مصر

وصلت إلى عامي الـ44 ولا أذكر أبدًا أنني قرأت خبرًا عن كرة القدم النسائية في مصر دون أن يتواجد به اسم سحر الهواري! فهي عرابة كرة القدم للسيدات في العالم العربي أجمع وليس في مصر فقط، وهي الأولى في العديد من القوائم الخاصة باللعبة.

سحر أسست أول نادٍ لكرة القدم النسائية في مصر عام 1993، بعد عام واحد من وفاة والدها، وقد دربت اللاعبات في البداية داخل حديقة بيتها وتحملت كافة التكاليف لإيمانها الشديد بضرورة نشر اللعبة.

تواصلت سحر مع العديد من الهيئات لإقناعهم بالأمر لكن الأبواب كانت مغلفة دومًا، فاتجهت لتقديم فقرات رياضية في الاحتفالات الخاصة، حتى تحول الحلم إلى حقيقة ودخلت اتحاد كرة القدم المصري للإشراف على الكرة النسائية في نهاية التسعنيات.

السيدة الأولى في كرة القدم المصرية قالت عن تلك الفترة لموقع قنطرة "مباشرة بعد الانتهاء من دراستي في الجامعة الأمريكية ، قررت أن أكرس لمجال الرياضة. في أوائل تسعينيات القرن العشرين، بعد إقناع الاتحاد المصري لكرة القدم لدعم كرة القدم النسائية، بدأت في البحث عن لاعبات في المناطق الأكثر فقرًا في جميع أنحاء مصر. زرت النوادي التي تابعت فيها الفتيات رياضات أخرى، والتفت إلى أصدقائهن، وكذلك إلى عائلاتهن. ناشدتهم أن يسمحوا لي بتدريب بناتهم لمدة عام واحد. كان لدي 25 فتاة تتراوح أعمارهن بين 15 و 22 عاما يعشن معي في المنزل. لقد تدربنا معا لمدة خمس سنوات. حتى أنني اضطررت إلى بيع جزء من ممتلكاتي من أجل تحقيق حلمي. في هذه الأثناء، تلعب هؤلاء الشابات المصريات بشكل جيد حقا. لقد شاركوا في البطولات الدولية واكتسحوا اللوحة حقًا".

أشرفت الهواري على أول منتخب كرة قدم للسيدات في مصر، جمعت اللاعبات من جميع أنحاء البلاد ونجحت بالوصول بهم إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 1998 في نيجيريا، ولم تتوقف هنا بل أصبحت أول حكمة في مصر عام 1999، وبعد عدة سنوات دخلت اتحاد كرة القدم المصري وأصبحت أحد أعضائه وقد استمرت في منصبها لسنوات طويلة.

الخروج من حدود مصر للعرب والعالم

لم تتوقف الهواري عند حدود مصر، بل حاولت نشر اللعبة في الوطن العربي، إذ كانت لها محاولات في البحرين والكويت والإمارات.

وقد قالت عن ذلك لموقع قنطرة "روجت بقوة لكرة القدم النسائية في دول عربية أخرى. منذ أوائل عام 2003، على سبيل المثال، كنت ناشطة مع الاتحاد البحريني لكرة القدم. كما أقنعت اتحاد الإمارات لكرة القدم بإنشاء فريق وطني للسيدات .أقنعت جامعة الكويت بتنظيم بطولة لكرة القدم مع جامعات نسائية أخرى. وقد أثار ذلك معارضة هائلة من المسلمين المحافظين في الكويت، لأنهم يعتبرون تعدي النساء على المجالات الذكورية التقليدية عملا من أعمال التمرد".

سحر الهواري هي أول سيدة تدخل اتحاد كرة القدم المصري، وهي رئيسة أول دوري عربي لكرة القدم النسائية، وأول حكمة في شمال إفريقيا، وقد قادها ذلك للبروز على المسرح العالمي بقوة، حيث أصبحت عضوًا في لجنة الكرة النسائية في الاتحاد الدولي لكرة القدم وكذلك رئيسة نفس اللجنة على المستوى العربي.

وفازت الهواري عام 2001 بجائزة اللجنة الأولمبية الدولية لأفريقيا تقديرا لجهودها في الرياضة النسائية، وخاصة كرة القدم النسائية، وقد تكرر الأمر عام 2004 حيث حصلت على كأس اللجنة الأولمبية الدولية في جميع أنحاء العالم، إذ منحت الجائزة إلى الفيفا تقديرًا لجهود الاتحاد في تطوير كرة القدم النسائية، وقد اختار سيب بلاتر رئيس فيفا السابق الحواري لاستلام الجائزة تقديرًا لجهدها الكبير في كرة القدم النسائية، وذلك بعد عام واحد من توليها منصب المراقب الرسمي لنهائي كأس العالم للسيدات 2003.

وقد قالت لموقع بي بي سي عن تلك الجائزة "لا أستطيع أن أشرح مدى فخري بالحصول على كأس اللجنة الأولمبية الدولية الثانية في ثلاث سنوات. هذا يؤكد أنني أسير في الاتجاه الصحيح في تطوير الرياضة النسائية وخاصة كرة القدم".

السجن والانسحاب من الصورة

سيطرت سحر الهواري على ملف كرة القدم النسائية في مصر طوال الفترة من نهاية التسعينات إلى عام 2017 حين تعرضت لمأساة كبرى في حياتها.

تولت الهواري الإشراف على هذا الملف وحققت نجاحات شخصية على جميع الأصعدة، وإن لم يطل هذا النجاح كرة القدم النسائية في مصر كثيرًا، حيث ظلت اللعبة مرفوضة من جل طبقات المجتمع المصري، ولذا لم يستطع المنتخب المصري تحقيق نجاحات كبيرة على الصعيدين القاري والعالمي.

اتهمت سحر الهواري وشقيقها، عضو اتحاد كرة القدم السابق، حازم الهواري بالنصب والاحتيال عام 2017، على خلفية إعلان إحدى شركاتهم إفلاسها عام 1998 دون وجه حق وباختلاس أموال بالاتفاق مع أحد البنوك.

حُكم على سحر الهواري بالسجن لـ5 سنوات، وقد دخلت السجن بالفعل وقطعت جميع علاقاتها بكرة القدم النسائية وأقيلت من جميع مناصبها، وقد أسقطت عضويتها في البرلمان المصري.

قضت صاحبة الـ66 عامًا مدة سجنها في مصر وقد خرجت عام 2023 ولكنها لم تعد للنشاط الرياضي بل اكتفت بعدة حوارات صحفية والتعليق على أحداث كرة القدم النسائية المصرية والعالمية.

نجل سحر الهواري يُواصل المسيرة

توقفت مسيرة سحر الهواري في كرة القدم النسائية، لكن نجلها محمد عبد الله حمل المشعل وقرر مواصلة مسيرة والدته وأخذ على عاتقه مهمة تطوير الجيل القادم من اللاعبات، وذلك بإنشاء أكاديمية "إيمز" للفتيات لكرة القدم عام 2014.

وقد قال لصحيفة الشرق الأوسط السعودية في ديسمبر الماضي عن ذلك "الأكاديمية تضم حاليًا 800 فتاة من جميع أنحاء مصر. بدأت أكاديمية إيمز عملها بتنظيم بطولات كرة القدم المدرسية في عام 2013، للمدارس الدولية في جميع أنحاء القاهرة، للبنين والبنات على حد سواء. بعد أول بطولة قمنا بتنظيمها، وجدنا الكثير من المواهب الجيدة التي لم يكن لديها مكان للعب كرة القدم، لذلك قررنا إنشاء هذه المنصة من خلال دعوة جميع الفتيات اللاتي شاركن في بطولتنا، وبدأنا من هناك. بدأنا بفرع واحد في شرق القاهرة، وفي العام الثاني أصبح لدينا فرع في شرق وغرب القاهرة".

مسيرة سحر الهواري في كرة القدم النسائية صاحبها الكثير والكثير من الجدل واللحظات الصعبة والانتقادات، لكن كل هذا لا يمحي أبدًا دورها الرائد في وضع حجر أساس كرة القدم للسيدات في مصر وعدد من الدول العربية.

إعلان