Messi Cristiano RonaldoGettyImage

ميسي أم رونالدو .. من يقود سيارة "التخاذل"؟

"انظر كيف انقلبت الآية"

في صيف 2016 كان ليونيل ميسي على موعد مع فرصة ذهبية – حرفيًا – للفوز ببطولة كوبا أمريكا في الذكرى المئوية على أرض الأمريكان.

ميسي كان قد خرج لتوه من عامين على التوالي وصل مع الأرجنتين إلى نهائي بطولة كبرى دون تحقيق اللقب، الأولى خسر بهدف قاتل في الوقت الإضافي والثانية تلقى الضربة من أصحاب الأرض بضربات الجزاء.

كل من تابع البطولة رأى أنّ الأرجنتين كانت الطرف الأقوى، وميسي قدّم بطولة من أفضل ما يكون بل ونجح وقتها في أن يصبح الهداف التاريخي للتانجو بركلة حرة إعجازية.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

ولكن في النهائي تكرر المشهد أمام تشيلي، خسر منتخب الأرجنتين اللقب رغم الأفضلية وأثبت أنّ "بلاد الفضة" لن تحقق الذهب حتى لو امتلكت أحد أفضل اللاعبين في التاريخ.

في الفترة ذاتها وفي الجهة الأخرى من الكوكب، وصل البرتغال بسيناريو درامي إلى دور الـ16 في يورو 2016 دون تحقيق أي فوز في دور المجموعات، ثم تأهل بهدف متأخر ثم ركلات جزاء ثم انتصار ساحق على ويلز ليصل للنهائي ويخطف إيدير اللقب.

لم تكن البرتغال مرشحًا للبطولة – عكس الأرجنتين – ولم يُظهر أبدًا ملامح التفوق على المنافس سوى ربما أمام ويلز ولكن النتيجة لم تعكس ذلك.

ما الذي تحدث عنه العالم؟ تخاذل ميسي مع الأرجنتين – خاصة بعد إعلان اعتزاله الدولي عقب البطولة – وعبقرية رونالدو مع البرتغال.

التاريخ يكتبه المنتصرون

Messi Ronaldo 2016GettyImage

لماذا؟ لأنّ منتخب البرتغال حقق اللقب، لا يهم حتى لو غاب كريستيانو رونالدو عن المباراة النهائية بعد الإصابة لأنّ دوره القيادي على الخطوط كان حاضرًا لمنحه الأفضلية!

لماذا تخاذل ميسي؟ لأنّه وصل مع الأرجنتين لـ3 نهائيات متتالية دون أن يحقق البطولة وخسر بتفاصيل صغيرة للغاية فبالتالي جاءت الآراء المعلّبة، فكما تواجد البطل كان هناك المتقاعس!

ترددت جملة تخاذل ميسي. لا يهم السياق ولا يهم حتى تحليل مشكلة أمة بأكملها لم تحقق لقبًا منذ أن كان ليو بعمر 6 سنوات، المهم وضع شعار يكون مناسبًا للاستهلاك الإعلامي أو استهلاك مواقع جمهور مواقع التواصل الاجتماعي.

ولذلك لم يكن مدهشًا أن تنقلب الطاولة بعد خمس سنوات فقط، فحينما خرج رونالدو من دور الـ16 في يورو 2020 أمام بلجيكا، حقق منتخب الأرجنتين اللقب الغائب ورفع ميسي لقب كوبا أمريكا، وبينما خسرت كتيبة صاروخ ماديرا من صريبًا واتجهت للملحق، حقق التانجو تعادلًا مثمرًا أمام البرازيل وحجز التذكرة مباشرة إلى قطر في المونديال.

التاريخ يكتبه المنتصرون، وبالتالي يمكن لكاتب التاريخ أن يعدل من وضع جلسته الآن ويقول عن كريستيانو متخاذلًا وميسي بطلًا.

الصراع يفقد الجوهر

Lionel Messi Ronaldo 2015 Ballon d'OrGetty Images

لو حاولنا تنحية كل الانتماءات جانبًا، وتجاهلنا الهالة الإعلامية التي تدور حول ميسي ورونالدو نجد أنّ السؤال الأهم هو لماذا يجب أن يكون هناك متخاذلًا بينهما؟

ميسي لاعب غير عادي، يمتلك قدرات فنية أعجزت من بعده، فهو قادر على اللعب في كل مراكز الهجوم وتقديم مستويات مذهلة سواء على صعيد الصناعة، المراوغة، التمريرات الكاسرة للخطوط وكذلك التسجيل.

لا نحتاج إلى إحصائيات أوبتا لنتحدث عن قيمة ميسي، فبينما يتصدر البعض خانة واحدة من خانات الأرقام، نجد أسطورة برشلونة الخالدة في أغلب المواسم يتصدر الأفضلية في كل العمليات الهجومية تقريبًا، وإن لم يكن الأول فلن يخرج من الخمسة الأوائل.

أما رونالدو فحدّث ولا حرج، لاعب يعرف كيف يجلب الانتصار لفريقه، ذكي وقوي وقادر على التحرك وخلق الهجمات والفرص وتسجيل الأهداف بصورة متكررة.

كريستيانو مع كبر سنه تحوّل ليصبح مهاجم فتاك أمام المرمى، وحتى لو قلت عدد الأهداف التي سجلها عن فترة القمة مع ريال مدريد، فلا يزال قادرًا على ترك بصمة في مباريات مؤثرة وتسجيل أهداف قاتلة تحقق لفريق الفوز.

المنافسة بين الثنائي استمرت فوق 15 عامًا كان كل منهما في قمته ويقدم إبداعه على طريقته الخاصة، وحتى لو فشل كريستيانو في 2016 واعتزل ميسي دون بطولة دولية لخلّدا اسمهما في كتب التاريخ، تمامًا كما حدث مع يوهان كرويف ودي ستيفانو وأوزبيو وبوشكاش ومالديني والقائمة تطول.

إذًا لماذا يجب وصف أحدهما بالبطولة والآخر بالتخاذل؟ السبب كما قلت في بداية الحديث عن الاثنين، الانتماءات. فميسي أصبح يمثل قاعدة جمهور أغلبها تشجع فريق برشلونة دون شك، ورونالدو كذلك تسلح بملايين الجماهير التي ترى في برشلونة وميسي منافسًا ضخمًا.

لابد إذًا من رفع علم فريقنا ونجمنا وإسقاط علم الآخر، فلا يمكن أن يتعايش الاتحاد السوفيتي مع الولايات المتحدة الأمريكية، لا يمكن أن يتواجد الفُرس دون صراع مع الروم!

الانتماء يتحكم في العقول قبل القلب، فإنّ كان ميسي الأفضل إذًا رونالدو الأسوأ، لا يمكن أن يكون ثاني الأفضل بل يجب أن يوجد في الحضيض، والعكس صحيح بالطبع.

ميسي ليس متخاذلًا ولم يكن يومًا كذلك، ورونالدو حقق الكثير والكثير عبر تاريخه ولم يكن أبدًا مقصرًا أو عاجزًا بل فعل كل ما بوسعه لأجل بلاده والفرق التي مثلّها.

الثنائي سطّر اسمه في كتب التاريخ لكنكم تفضلون الصراعات!

إعلان