سيناريو في قمة القسوة، راح مانشستر سيتي ومدربه بيب جوارديولا ضحية له على يد توتنهام هوتسبر الذي انتزع بطاقة التأهل إلى نصف نهائي دوري الأبطال، بالخسارة 4-3 على ملعب الاتحاد بعد الفوز ذهاباً 1-0.
هناك مشكلة، علينا الاعتراف بذلك، فالأمر لم يعُد مجرد خسائر عابرة، أو ضياع حلم الرباعية كما كان يروج البعض.. لا أحد يُفترض به تحقيق شيء مشابه حتى يُحاسب على ضياعه، هي أشياء تنال المدح حين تحققها ولكن لا يجب أن تُلعن لأن العكس قد حدث.
ولكن كون هذا الفريق صار أسطورياً في زمن قياسي، وكونه صاحب الرقم القياسي من النقاط في البريميرليج عن الموسم الماضي، وكون مدربه هو نفسه جوارديولا قائد الحقبة الذهبية لبرشلونة، فإن البعض يرى تعاقد بيب مع سيتي هو نفسه تعاقده مع بايرن، هو نفسه تعاقد كريستيانو رونالدو مع يوفنتوس.. فقط أحد الأندية يحاول التعاقد مع دوري الأبطال.
للأمانة، هي نظرة سطحية للغاية في جميع الحالات، وإن كان أحد الأندية يتبناها حقاً فتلك كارثة إدارية متكاملة الأركان، الأصل في دوري أبطال أوروبا أن فريقاً واحداً يفوز به من أصل 32، وبالتالي قد يعني ذلك أن هذا المدرب الواحد قد حقق النجاح القاري الأكبر، لكن هل هذا يعني أن بقية الـ31 هم مجموعة من الفشلة؟
البطولات الإقصائية تحتاج للكثير من العوامل، عكس مباريات الدوري، في الدوري يمكنك أن تفقد إيقاعك لمباراة أو أكثر ويبقى أمامك آلاف الفرص للتعويض، وهي أحد أهم نقاط قوة بيب كمدرب، قدرته على المواصلة بنسق مرتفع وأسلوب لعب يضمن له أكبر عدد ممكن من النقاط، بينما تتطلب الإقصائيات أمور أخرى، فمباراة واحدة بل بضع دقائق قد يستحيل تعويضها.





قد يفسر ذلك لماذا يملك بيب 7 ألقاب للدوري في 9 مواسم تدريبية مكتملة، وبناءً على ما قدمه في تلك الدوريات ينظر البعض لرقم (2 دوري أبطال) باعتباره فشل، علماً بأن مدرباً بحجم سير أليكس فيرجسون فاز باللقب مرتين في 26 عاماً، كارلو أنشيلوتي الذي يعتبره البعض عراباً للبطولة فاز بها 3 مرات في قرابة ربع قرن من التدريب أيضاً.
الاستثناء الوحيد هو زين الدين زيدان، ولذلك يدعونه "استثناء"، فهذا يعني أنه ليس شيئاً وارد التكرار.. وكما قلنا فإن المدرب لا يلعب دور البطولة دائماً في الإقصائيات، لقطة واحدة تغير كل شيء، فمثلاً مع بايرن هناك مهزلة ريال مدريد 2014، وهناك 75 دقيقة متكافئة ضد برشلونة في قلب كامب نو حتى قرر ليونيل ميسي أن اللعنة على كل ذلك، وهناك أتلتيكو مدريد 2016، حين كان يُفترض بالمدرب أن يسجل ركلة جزاء مثلاً، أو يأتي بواحدة من طوفان الفرص الضائعة.
بين استعراض ما حدث وبين التأصيل لفكرة اعتماد الإقصائيات على أدق التفاصيل غير الخاضعة لتحكم المدربين، في النهاية كان بايرن ميونيخ دائماً من تلك الفرق التي تملك ما يسمونه "الشخصية"، لديهم الخبرة والاعتياد على أجواء الأبطالش، عرفوا الطريق لمنصات التتويج والأدوار الأخيرة أغلب الوقت، بيب تسلم فريقاً كان بطل النسخة السابقة مباشرةً بالفعل، ماذا عن سيتي؟
في بايرن تحدثنا عن الثلاثي الإسباني المزعج للجميع، ريال برشلونة أتلتيكو، لا يوجد من يرغب بمواجهتهم إن كان تفاديها متاحاً، ولكن في مانشستر سيتي الأمر أخذ منحنيات غريبة للغاية، بدءاً من موناكو، وصولاً إلى توتنهام هوتسبر.
Getty Imagesبيب الذي كان أقل ما حققه بين برشلونة وبايرن هو الخروج من نصف النهائي، ودع دور الـ16 لأول مرة في مسيرته ثم دور الثمانية مرتين مع سيتي، علماً بأننا نتحدث عن فريق أكبر إنجاز في تاريخه مع دوري الأبطال هو بلوغ نصف النهائي لمرة وحيدة، قبل وصول جوارديولا مباشرةً أيضاً.
القوام الأساسي للفريق مكون من أفراد رائعين، ولكنهم ليس لديهم أدنى فكرة عن تلك الأجواء تقريباً، فريق لا يملك الخبرة الكافية للتعامل مع مثل تلك المباريات والمواقف، لدرجة أن يخطئ مدافعه الأفضل لابورت مرتين في أول 10 دقائق ضارباً بموسمه الممتاز عرض الحائط، على أقل تقدير يمكننا القول بأن للضغط الذهني يد في ذلك.
رود خوليت حاول اختزال الأمر في ليونيل ميسي، أي أن جوارديولا كان يملك ميسي في برشلونة ولذلك فاز بالأبطال هناك، وحين بات لا يملكه توقف عن الفوز بهذا اللقب، الأمر ليس كذلك بالطبع، فميسي ليس شيئاً ستحظى به كل مرة، ولو كان الأمر بميسي فقط لما خسر برشلونة الأبطال أبداً في وجوده، ولكن هنا تحديداً تتقاطع تصريحات خوليت مع ما نتناوله.. هي لعبة تفاصيل وخبرات تحتاج لعناصر حاسمة، عناصر أكثر قوة على الصعيد النفسي وأكثر اعتياداً على تلك الأجواء، وهو ما عجز بيب عن تحقيقه في أزرق مانشستر حتى الآن.
