معضلة ميسي - هل برشلونة أفضل به أم دونه؟

لأن البعض يتعامل مع كرة القدم وكأنّها أبيض فقط أو أسود فلا يتقبل حقيقة وجود المنطقة الرمادية في جميع المنافشات الدائرة حول الساحرة المستديرة.

هل ليونيل ميسي، هداف برشلونة التاريخي، هو الأفضل في العالم أم أنّه الأسوأ؟ هل سيرخيو راموس أعظم مدافع أنجبه ريال مدريد أم لا يستحق التواجد في منصات التتويج؟ ويجب الإجابة إما بنعم أو لا رغم أنّ التفاصيل أكبر من رد مقتضب.

في الموسم الحالي وفي الفترة الأخيرة وبعد انخفاض نجم ميسي في مباراتي الكلاسيكو وغاب عن التهديف ضد ليون في فرنسا أصبح البعض يرى البرغوث عبئًا إضافيًا يجب رحيله أو التخلي عنه في الفترة المقبلة.

الغريب أنّه حينما أحرز الأرجنتيني هاتريك ضد إشبيلية وأعاد برشلونة من خسارة بهدفين لفوز بالأربعة أصبحت النغمة السائدة أنّ النادي الكتالوني لا يساوي شيء دون البولجا، وكأنك يجب أن تقبل بأحد الحلين لا ثالث لهما.

AS

لم ينتظر ميسي طويلًا لكي يثبت للعالم أنّه أحد أفضل المواهب الصاعدة والقادر بقوة على أنّ يكون الأعظم في العالم أو حتى في تاريخ كرة القدم.

حينما سجل أول هاتريك في مسيرته جاء ضد ريال مدريد ليصبح حديث العالم فهذا الصغير ضعيف البنية أحرز ثلاثية في أكثر مباراة بالليجا متابعة حول العالم.

بعدها تدرج اللاعب وجاء بيب جوارديولا ليمنح البرغوث الحرية داخل الملعب ليكون النجم الأول وانفجر ميسي وقدّم للعالم سحرًا لن ينساه التاريخ.

المتوج بخمس كرات ذهبية لا يسجل فقط ولكنه يصنع ويرواغ ويساعد زملائه ويظهر في وقت الأزمات ببصمة تقلب النتيجة، من ضربة حرة يسجل ومن خارج المنطقة يفعل العجب وفي كل ركن في الملعب هو خطير.

ميسي صنع لنفسه مكانة خاصة فأصبح لا يُقارن فنيًا سوى بنفسه فقط أو أساطير جاوزهم الزمن ليصبح مصطلح "سيء المستوى" يعني أنّه يقدم مستويات لاعب عادي.

Getty Images

غاب ميسي عن كلاسيكو الليجا في الجولة العاشرة وقبلها لم يلعب أمام إنتر ثم لم يتواجد مرة أخرى ضد النيراتزوري في إيطاليا والنتيجة أنّ برشلونة فاز بخماسية في الكلاسيكو وثنائية في التشامبيونزليج وتعادل في إيطاليا ليضمن التواجد بثمن النهائي.

برشلونة لم ينتصر فقط بنتائج كبيرة ولكن قدّم مستويات جيدة للغاية وظهر الفريق بحلول مختلفة بغياب نجمهم حتى أنّ مباراة إنتر في "سان سيرو" قدّم واحدة من أفضل مباريات الفريق مع إيرنستو فالفيردي في دوري أبطال أوروبا.

بغياب البولجا، أوجد فالفيردي توليفة وطريقة لعب مناسبة واضطر كل لاعب في الفريق لبذل مجهود إضافي لتعويض الجزء المبتكر الذي يمثله ليونيل ميسي.

برشلونة لم يعد فريق الرجل الواحد بل ظهرت حلول أخرى مما جعل مستقبل الفريق بعد اعتزال الأرجنتيني ليس ضبابيًا وأنّ انتهاء الجيل الذهبي لن يدعو لهذا القلق المضاعف. 

اعتزال ميسي - هل يواجه برشلونة مصير ميلان ومانشستر يونايتد؟

أحيانًا - كما قال يورجن كلوب مدرب ليفربول - يكون غياب نجم الفريق الأول عامل مساعد لباقي اللاعبين لأنّه يخلق مساحة ابتكار للبقية كما أنّه يضمن تسليط الضوء على المجموعة بدلًا من منح الفضل دائمًا لشخص بمفرده.

Getty

مع ميسي الأمور أكثر تعقيدًا، فهو اللاعب القادر على صناعة الفارق بطريقة تجعلك تغفل الدور الذي يقوم به البقية فحتى حينما ظهر مع جيل ذهبي شمل تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا وسيرجيو بوسكيتس والبقية كان هو النجم الأول.

معايير الحكم على هداف البلوجرانا التاريخي جعلته في مكانة خاصة وأصبح أقل من ذلك هو تراجع للمستوى والجميع يطلب منه ما فوق طاقته حتى بعد كسر حاجز الثلاثين من عمره.

حينما يتراجع مستوى البرغوث فهذا لا يعني أنّه صار سيئًا ولكن من الضروري معرفة أنّ مستقبل النادي سيكون دون ميسي ومن الضروري إيجاد حلول أخرى وهذا ما يحدث بالتعاقد مع دي يونج وإمكانية ضم مهاجم إضافي ووجود عثمان ديمبلي.

علينا الآن حينما نشاهد ميسي ألا نتعامل معه وكأنّه ابن الـ 22 من عمره الذي سجل رباعية في مرمى أرسنال وسحق ريال مدريد مرارًا وتكرارًا ولم يكن يفكر في شيء سوى كرة القدم.

يجب ألا نقيد اللاعب بشيء، فما فعله لبرشلونة يكفي لأن يكون أفضل لاعب ظهر في تاريخ "كامب نو" ونفكر في مستقبل جديد لجيل مختلف قادر على جعل المتعة مستمرة في كتالونيا.