هل تتذكر عزيزي القاريء دافيدي فراتيسي؟ لو كنت مشجعًا لإنتر أو برشلونة بالتأكيد تتذكر ذلك البديل الإيطالي الذي شارك في إياب نصف نهائي دوري الأبطال وسجل هدف النيراتزوري الرابع ضد الفريق الكتالوني ليقود ناديه نحو نهائي دوري أبطال أوروبا.
من لا يتابع إنتر سيظن أن فراتيسي أحد نجوم هذا الفريق، لما لا وهو صاحب هدف حاسم ودُفع فيه 32 مليون يورو لساسوولو قبل عامين لضمه، ولكن الواقع يختلف تمامًا عن لغة الأرقام، والسبب هو سيموني إنزاجي، مدربه في إنتر لعامين، والمدير الفني الحالي للهلال الذي يمر بحالة شبيهة مع لاعب بخصائص أيضَا شبيهة في صورة مصعب الجوير.
بزغ نجم الجوير الموسم الماضي في إعارته من الهلال إلى الشباب، السبب الرئيسي كان توظيف اللاعب في مركز ملائم لإمكانياته، أي لاعب خط الوسط الذي يملك حرية التقدم لإنهاء الهجمات استغلالًا لحاسته التهديفية الجيدة وتحركاته الإيجابية نحو المرمى، والحصيلة 7 أهداف و13 تمريرة حاسمة مع الليوث.
عودة الجوير هذا الصيف إلى الهلال كانت ستكون دائمًا مغامرة، المنافسة على المقاعد في وسط الزعيم مشتعلة بالأساس بوجود أمثال روبن نيفيش، ميلينكوفيتش سافيتش، محمد كنو، والبقية، وأُضيف إلى ذلك تعيين إنزاجي مدربًا، مدرب بقناعات وأسلوب لعب خاص.
في إنتر، طبق إنزاجي خطة 3-5-2، وكان ثلاثي الوسط الأساسي هو باريلا - مخيتاريان - تشالهان أوغلو، ثلاثة بإمكانيات خاصة في التمرير وقراءة اللعب وصناعته، ما يساعده على تنفيذ أسلوب لعبه بالضغط على الخصم والاستحواذ أمام الصغار وصناعة اللعب، أو سرعة الارتداد ونقل الهجمة أمام الكبار، وفي كلا الحالتين لاعب مثل فراتيسي لا يملك تلك الخصائص لم يكن مناسبًا ليكون أساسيًا.
في عامه الأول مع إنتر، عانى فراتيسي للعب أساسيًا ولكن تحول ليكون البديل الذهبي، عندما يكون الفريق متأخرًا وبحاجة للاعب يدخل ليساهم هجوميًا يكون مثاليًا كلاعب خط وسط بنزعة على المرمى ويجيد في مناطق الجزاء، ولذا سجل أكثر من هدف حاسم كما فعل ضد فيرونا وأودينيزي بالدقيقة الأخيرة، هدفان سُجلا بمتابعة كرات مرتدة من الحارس في تجسيد لأفضل ما يجيد اللاعب.
في عامه الثاني مع إنتر وإنزاجي، اتضح أن اللاعب لا يناسب خطط وأسلوب لعب الفريق، وكلما شارك أساسيًا بدا غير منسجمًا، ومن هنا حاول الرحيل في يناير الماضي نحو روما ولكن مطالب إنتر المرتفعة لبيعه عطلت الصفقة، ليكمل موسمه كلاعب على الهامش، مكتفياً بلقطة البديل الذهبي كما فعل ضد برشلونة وبايرن ميونخ.
ما حدث مع فراتيسي في إنتر ظهرت مؤشرات تشير إلى احتمالية تكرره في الهلال مع الجوير، نفس المدرب بنفس الأفكار أمام لاعب بإمكانيات لا تتناسب مع طريقة اللعب، 29 دقيقة موزعة على 5 مباريات كانت حصيلة النجم السعودي الشاب في مشوار الهلال بمونديال الأندية الأخير، ودون أي ظهور كأساسي، دلائل تشير إلى عدم دخول الجوير في خطط إنزاجي الأساسية للموسم المقبل.
الجوير يبدو وكأنه أدرك سريعًا وضعيته مع ناديه، ومن هنا الحديث عن رغبته بالرحيل، اللاعب بعمر 22 عامًا ويعد من أبرز المواهب الصاعدة في الكرة السعودية، وحظه أن عودته عقب تألقه في الإعارة مع الشباب للزعيم تزامنت مع التعاقد مع مدرب بأفكار لا تناسبه، وجاء المونديال مبكرًا ليكشف ذلك، ولا يضطر لإمضاء موسم ونصف كما فعل فراتيسي مثلًا.
رحيل الجوير هو الحل الأسلم للطرفين، للاعب سعودي واعد يحتاج للعب بشكل أساسي ولا يستحق أن يكون مجرد بديل ذهبي لإنزاجي والهلال، وللأخير الذي سيكون خسر موهبة ولاعب جيد للغاية، ولكن بأمواله قد يضم آخر يتناسب مع أفكار مدربه الجديد، بدلًا من المحاولة لتوظيفه في مراكز أخرى ومن يعلم إذا كان سينجح الأمر، أو جعله حبيسًا لدكة البدلاء وضياع الموسم.




