بينما كان الجميع ينتظر أن تكون ليلة الأربعاء عنوانها قمة بنفيكا وفنربخشه بدوري أبطال أوروبا لتحديد صاحب البطاقة في المرحلة النهائية، والتركيز على فصل جديد من فصول انهيار جوزيه مورينيو ومسيرته التدريبية، قام برتغالي آخر بإنقاذ مواطنه صاحب محاضرة "الإرث الكروي" الشهيرة في مانشستر يونايتد بمحاضرة وعرض على طريقته الخاصة في إنجلترا خطفت اهتمام الجميع في العالم أجمع!
سقط مانشستر يونايتد ضد جريمسبي من الدرجة الرابعة في دور ال32 من الكاراباو بسيناريو كارثي، تأخر 2-0 وواصل أندري أونانا ارتكاب الأخطاء، ثم تعادل ليخسر في ركلات الترجيح التي تجاهل روبن أموريم، مدرب الفريق البرتغالي مشاهدتها وخرج عقب اللقاء في "محاضرة" جديدة على مسامع الإعلام لتفسير الأمر، وتفسير الخسارة الفاضحة لناديه.
"الفريق الأفضل فاز، الفريق الأوحد في الملعب، اللاعبون الأفضل خسروا، أعتقد أن اللاعبين تحدثوا بشكل عالي اليوم، لم أفكر في ركلات الترجيح من الأساس، الطريقة التي لعبنا بها، الأمر واضح حقًا، أريد الاعتذار للجمهور، افتقدنا كل شيء، لا نملك الفخر للعب، نلعب هكذا ضد فريق من الدرجة الرابعة، برأيي اللاعبون أظهروا حقًا ما يريدون، أنا أتحدث من 7 شهور حول البيئة هنا، ألست مصدوما مما رأيت اليوم (للصحفي)؟ يجب أن يتغير الأمر، الأمر لا يتعلق بالحارس، مع كامل الاحترام، لم يكن أن تصل الكرة نحو أندري (أونانا) من الأساس ضد فريق من الدرجة الرابعة، الأمر ليس بخصوص التشكيل وطريقة اللعب، لعبنا بهذا النظام ضد آرسنال جيدًا وبلغنا نهائي الدوري الأوروبي، الأمر أننا يجب أن نتغير، ركلات الترجيح ليست مهمة، حتى لو فزنا بالمباراة ليس مهمًا بالنظر للطريقة التي بدأنا بيها، لو فزنا كنا سنكون لا نستحق".
تلك كانت كلمات أموريم مع "ITV" على مدار 4 دقائق تقريبًا تحدث فيها بكل صراحة عما حدث، وبدا متأثرًا عاطفيًا بشكل كبير أثناء الحوار وغاضباً، ليعيد للأذهان مؤتمر مورينيو الشهير إبان لقاء إشبيلية أثناء تدريب يونايتد عن الإرث الكروي وأسباب تراجع النادي، وغيرها من تصريحات ومؤتمرات من دربوا الفريق أمثال رالف رانجنيك الذي وصف يونايتد بالمريض الذي يحتاج جراحة قلب عاجلة، أو إريك تين هاج الذي أشار مؤخرًا إلى أن كريستيانو رونالدو لم يكن المشكلة.
ولكن نحن لسنا هنا للحديث عن مشاكل يونايتد التي لا تعد ولا تحصى منذ رحيل سير أليكس فيرجسون، ولكن للحديث عن أموريم نفسه، لا نقول إنه أساس المشكلة، ولكن عقب 7 شهور كما قال هو نفسه يجب أن يتحمل ولو جزء بسيط من مسؤولية هذا الأداء الكارثي وليس فقط الخروج للعلن وتحميل الأمور "للصوت العالي" للاعبيه.
صرف مانشستر يونايتد قرابة 200 مليون يورو لضم الثلاثي ماتيوس كونيا، بنجامين شيشكو، وبريان مبيومو هذا الصيف، واستبعد "فرقة القنابل" من اللاعبين الذين لا يريدهم أموريم أمثال مالاسيا، سانشو، أنتوني، وراشفورد، تخلص من البعض وفشل في الأمر مع البقية، ولكن المحصلة النهائية أن أموريم يملك سلطة التغيير والتشكيل في الفريق الحالي ليطوعه حسب تصوره، والتصور و"الإصرار" هو اللعب بطريقة 3-4-3 التي يحبها منذ فترته في سبورتنج.
الزميل والصحفي محمود ضياء الذي يعاني منذ فترة طويله مع تشجيع يونايتد شرح الأمر بشكل مبسط وفعال: "مشكلة مانشستر يونايتد الرئيسية ليست في غياب صفقة الوسط ولا طريقة اللعب، بل في الأسلوب، رأينا عديد المدربين يلعبون بثلاثة مدافعين في البريميرليج حاليًا وسابقًا، وأبرزهم أوليفر جلايسنر الفائز بكأس الاتحاد والدرع الخيرية مع كريستال بالاس، ولكن أي فريق لديه الحد الأدنى من التنظيم سيتمكن من تخطي ضغط مانشستر يونايتد بسهولة وخلق أفضلية عددية في وسط الملعب بسبب أسلوب المدرب والتباعد الكبير بين خط الوسط والدفاع وهذا لن يتغير بتواجد باليبا أو غيره ولكن بتغيير الأسلوب"، النقطة الأخيرة تلك التي تحدث عنها ثنائي فولهام أليكس أيوبي وإيميل سميث روي عقب التعادل مع يونايتد الجولة الماضية بأنهم لعبوا بشكل مركز على هذا الأمر ودرسوه من أجل ضرب خطوط يونايتد.
ويكمل ضياء: "أضف إلى ذلك البطئ الكبير في المرحلة الأولى من بناء اللعب ثم عدم القدرة على التكيف مع الخصم عند امتلاك الكرة والاعتماد على الفردية بجانب قرارات ثنائي الوسط الكارثية وقت حيازة الكرة. استمرار المدرب بنفس الأسلوب دون تغيير أفكاره سيجعلنا نرى ما حدث أمام فولهام وجريمبسي في كل مباراة بعيدًا عن المباريات الكبيرة التي يجيد مانشستر لعبها تحت قيادة أموريم".
أموريم ليس بمدرب سيء، ولكن يبدو وأنه لا يدرك أنه في طريقه نحو ذلك، بداية من مغامرة قبول تدريب يونايتد ذاتها، تلك الدوامة التي جذبت عديد الأسماء منذ رحيل السير عن الفريق وأدت لهلاك مسيرتهم التدريبية، فما بالك بمدرب شاب يخوض تجربته الأولى خارج البرتغال، وفي غضون 7 شهور تحول من خليفة بيب المنتظر في سيتي ومنقذ يونايتد، إلى المقارنة مع "أضحوكة" التدريب والمادة الأساسية للسخرية في هذا المجال، وأسطورة مانشستر، جاري نيفيل وتجربته الشهيرة في فالنسيا!
أموريم يملك بعض المفاتيح لإنقاذ الأمر أو المحاولة على الأقل وعدم الاستسلام والدخول في سكة لوم الغير، أولها كما أشار محمود ضياء إلى التخلي عن العناد والجمود التكتيكي، خطة 3-4-3 ليست الأنسب للاعبين المتاحين، الفريق لا يعرف كيف يبني من الخلف ولا يعرف اللعب أمام الصغار والفرق التي تدافع وتلعب المرتدات، ربما تناسب المواجهات الكبرى، ولذا التنوع والتفكير في حلول خططية أخرى قد يساعد.
تحميل اللاعبين المسؤولية بشكل علني حتى ولو كانوا مذنبين ليس الحل، بل سيزيد الطين بلة وسيخلق المزيد من راشفورد وسانشو، خصوصًا وأنت تتعامل مع مجموعة تفتقر لثقافة الفوز وتحقيق الانتصارات وقائد برونو فيرنانديش بلا إنجازات تذكر من الأساس، وحتى الصفقات الجديدة قادمة من وولفز وبرينتفورد ولايبزيج، وأصحاب الخبرات أمثال كاسيميرو لا يبالون، وبالتالي المسؤولية على المدير الفني لزراعة تلك الثقافة في لاعبيه وليس أن يخرج متباكيًا عقب الخسارة من فريق درجة رابعة وكأن لا دور له في الأمر برمته!
لو كنت مشجعًا لمانشستر يونايتد، فالمؤشرات مع أموريم لا تختلف كثيرًا عما كانت مع تين هاج أو راجنيك، وصحيح الصورة الأوسع في وجود مجموعة إينوس بقيادة سير جيمي راتكليف تزيد الوضع قتامة، ويبدو أن أموريم في طريقه لينضم إلى قائمة الضحايا الطويلة والمتزايدة في يونايتد بالسنوات الأخيرة، وإن كان الفارق أنه سيندرج تحت مجموعة من ذهبوا إلى مصيرهم بأرجلهم واختار الاستسلام لمصيره بدلًا من القتال، مواقف تجعلك ربما تفكر في مدى صحة قرار نيفيل اعتزال التدريب، لربما كان يستحق هو الآخر فرصته في يونايتد!
