"التمثيل المشرف" مصطلح قُتل تقتيلًا من قبل العرب في السنوات الأخيرة، فلم يعد ينفع كـ"شماعة" للنتائج السلبية في كؤوس العالم سواء للفرق أو المنتخبات، فماذا ينقص أي فريق ليلحق بركاب إنجاز الرجاء المغربي في مونديال 2013 أو بمفاجأة العين الإماراتي في نسخة 2018 وصولًا للهلال السعودي في 2022، فجميعهم كسر المعتاد ووصل للنهائي العالمي، وعلى صعيد المنتخبات فما إنجاز المنتخب المغربي في مونديال قطر 2022 عنا ببعيد، فلم يمر عليه عام كامل بعد عندما عبر لنصف النهائي لأول مرة في تاريخ العرب.
والآن الدور على الاتحاد السعودي كي يسطر اسمه بين هذه الفئات، فكأس العالم للأندية 2023 بين أحضان جدة وفي معقل النمور.
مشوار العميد سيبدأ بملاقاة أوكلاند سيتي النيوزيلندي في 12 من ديسمبر الجاري، حال الفوز يصعد لمواجهة الأهلي المصري في الدور الثاني في يوم 15، وإذا استمرت انتصاراته، يلتقي بفلومينينسي البرازيلي حيث نصف النهائي يوم 18 من الشهر ذاته.
لكن إن سألت عن أكثر شيء يقلق الجماهير في تلك المشاركة المنتظرة، أكاد أجزم لك أن حراسة المرمى على رأس تلك المخاوف، فالحارس مارسيلو جروهي لم يعد هو ذاك "الأخطبوط" الذي أبدع في الموسم الماضي، فهل يعتمد عليه الاتحاد في الحدث العالمي أم أن بديله الحارس السعودي عبد الله المعيوف هو الأنسب؟
جروهي بين الماضي والحاضر
البرازيلي في الموسم الجاري من دوري روشن شارك في كافة الجولات التي لُعبت حتى الآن (16 جولة)، استقبل خلالها 18 هدفًا، أي أنه يستقبل بمعدل 1.1 هدفًا في المباراة الواحدة، ولم يخرج بشباك نظيفة إلا من ست مباريات فقط.
ولم يحقق الاتحاد معه أي انتصار أمام الكبار حتى الآن، فتلقى الهزيمة أمام الهلال 4-3، وأمام الأهلي 1-0، مرورًا بالهزيمة أمام الشباب 1-0، هذا بجانب خسارته للنقاط بالتعادلات والهزائم أمام فرق بحجم الفيحاء، التعاون، الحزم، الاتفاق وضمك.
GOAL AR / Gettyبالمقارنة بنفس الجولات الـ16 الأولى من الموسم الماضي، فجروهي لم يستقبل وقتها إلا ستة أهداف فقط أي بمعدل 0.3 هدفًا في اللقاء الواحد، وخرج بشباك نظيفة من عشر مباريات.
بينما وقتها لم ينهزم إلا أمام الهلال 1-0، وتعادل أمام النصر 0-0، والشباب 1-1.
الفرق بيّن، بل بيّن جدًا حد الصدمة!
تكريم؟ إذًا فهي مشاركة شرفية!
"هذه المجموعة هي التي شاركت معي في التصفيات وقادت السعودية للنهائيات وهي التي ستشارك معي في كأس العالم قطر 2022" هكذا دائمًا كان يرد الفرنسي هيرفي رينارد؛ المدير الفني للأخضر آنذاك، عند سؤاله عن أسباب استدعائه للاعبين لا يشاركون مع فرقهم في الأساس أو موقوفين.
هذا المبدأ هو نفسه الذي يعمل به عدد من المدربين، لكن هل هو أمر منطقي؟
ربما من يعملون بهذا المبدأ هم من يريدون تكريم المجموعة التي حققت النجاحات معهم، بدافع "المشاركة شرفية في الأساس ولن نصل بعيدًا في البطولة"، لا أجد مبررًا إلا ذلك!
جروهي بالطبع أحد الركائز الأساسية التي قادت الاتحاد للظهور في المونديال للمرة الثانية في تاريخ النادي، لكن يبقى السؤال: هل يستحق تاريخ الاتحاد المجازفة أم أن تكريم جروهي أولى؟ الإجابة متروكة للجهاز الفني بقيادة جاياردو..
جروهي والمعيوف .. بين الظلم وإنقاذ الموقف
حقيقةً لا توجد أرقام في الموسم الجاري تدعم موقف الحارس البديل عبدالله المعيوف في مقارنته بجروهي، فالأول خاض سبع مباريات فقط، استقبل خلالها خمسة أهداف وصنع ثلاثة آخرين.
لكن التاريخ يمكنه أن يحسم جدل هذه المقارنة، ليس من ناحية خبرة كل منهما في المونديال فكلاهما سبق له المشاركة؛ السعودي في ثلاث نسخ 2019 و2021 و2022 ووصل لنصف النهائي في أول مرتين وللنهائي في المرة الثالثة، أما البرازيلي في شارك في نسخة 2017 بقميص جريميو، ووصل وقتها للنهائي، مقدمًا مباراة رائعة أمام ريال مدريد، لكنه خسرها 1-0.
لكن دور التاريخ في حسم جدل هذه المقارنة يأتي من متابعة مسيرة كلا الحارسين بأم أعيننا داخل المستطيل الأخضر وتفاعلهما مع الهجمات والكبوات التي يتعرضون لها..
حاليًا ليس لدى أي شخص – حتى جروهي نفسه – الخبر اليقين حول إمكانية البرازيلي من استعادة مستواه مرة أخرى، حتى وإن قلنا أن عودة المدافع المصري أحمد حجازي لتشكيل الفريق من جديد بعد غياب ستساهم في قلة الأهداف المستقبلة، لكن مشكلة الحارس البرازيلي أكبر من ذلك.
المشكلة ليست فقط في استقبال هذا الكم من الأهداف، بل أيضًا في رد فعل جروهي الكارثي في الموسم الجاري في الكثير من الكرات، التي كان يتصدى لها بسهولة في الماضي، حتى أنها من المفترض أن تكون في متناول أي حارس!
أما عن المعيوف فرغم أن التاريخ كذلك شاهد على بعض الأخطاء الغريبة منه إلا أنه أكد أنه دائمًا ما يكون على قدر الحدث، فطالما انتقدناه في مباريات وفي قلب الحدث، لكن خلال الديربيات والكلاسيكيات والبطولات المهمة، يكون في الموعد برد فعل سريع وموفق.
هذا هو المعيوف؛ يمكنك أن تنتقد بعض تحركاته في المباريات المتوسطة والصغيرة، لكن مستحيل أن يخذلك في المناسبات الكبرى، هكذا شاهدناه مع الهلال في السنوات الأخيرة.
إذًا إن وضعت تكريم جروهي في كفة وإنقاذ الاتحاد بالمعيوف في الكفة الأخرى، حتمًا المصلحة العليا تتفوق على المصلحة الفردية، فالجميع في النهاية فائز إن حقق العميد إنجازًا عالميًا.
.jpg?auto=webp&format=pjpg&width=3840&quality=60)