جوزيه مورينيو وبرشلونة.. خطان مستقيمان لا يلتقيان أبدًا في الرؤية والنظرة لكرة القدم.. رغم أن أول تجربة للرجل الاستثنائي في كرة القدم خارج البرتغال كانت في كامب نو، حين عمل كمساعد/مترجم تحت قيادة المدرب الإنجليزي الكبير بوبي روبسون.
ومنذ أول لقاء مع برشلونة وهو على رأس القيادة الفنية لتشيلسي 2005 بدأت العلاقة بين مورينيو وبرشلونة العاطفية السابقة تتلاشى بسبب تصريحاته المثيرة دائمًا، ولنجاح تشيلسي في ذلك الوقت في الإطاحة بالبارسا من دوري الأبطال بالفوز الشهير 4/2 في ستامفورد بريدج.
وكانت هذه فقط البداية، وحرق مشجعو البارسا "الماضي القليل" لمورينيو معهم عندما انفجر محتفلاً في الكامب نو بعد أن أطاح بهم مرة أخرى من دوري الأبطال 2010، ومشهد فيكتور فالديز وهو يمنعه من الاحتفال، لدرجة أن مورينيو اعتقد أنه بات مكروهًا بين أوساط جماهير برشلونة أكثر من فيجو "الخائن الأكبر في نظرهم" على حد قوله.
مواجهاته العديدة مع الفريق الكتالوني خلال فترة وجوده مع ريال مدريد وفيرة للغاية بحيث لا يمكن سردها هنا، لكن تأصلت النظرة إليه كعدو حقيقي.

لكن كل شيء كان يمكن أن يكون مختلفًا جدًا، فمورينيو كان على مقربة من تولي تدريب برشلونة في 2008.
كان برشلونة في نهاية حقبة فرانك ريكارد، حيث كان النادي يأمل في تجديد فريق يعاني من شيخوخة، كان لديهم قائمة مختصرة مكونة من مدربين لا ثالث لهما: مدرب برشلونة "ب" معدوم الخبرة بيب جوارديولا، والمدرب اللامع جوزيه مورينيو.
قام خورخي مينديز بترتيب مقابلة لموكله مورينيو مع مجلس إدارة برشلونة ووضع رؤيته للنادي. انقسم المجلس الكتالوني حول مورينيو، لكن رئيس النادي خوان لابورتا ويوهان كرويف في نهاية المطاف اختاروا جوارديولا، وهو اختيار منطقي من كرويف تحديدًا لأن جوارديولا كمدرب أقرب لقلبه وعقله من مورينيو.
ولكن ماذا لو تغفل برشلونة عن ابنهم قليل الخبرة واختاروا تعيين مورينيو؟
قبل الإجابة يجب القول إن كرة القدم في تلك الفترة كانت مختلفة حاليًا عن الكرة الهجومية والمتدفقة حاليًا، أفضل فرق في أوروبا في تلك الفترة كانت تعتمد على اللعب المتحفظ مثل ميلان وليفربول وتشيلسي.
1. لا تيكي تاكا وقتل هوية برشلونة
Gettyعندما سئل أندرياس إنييستا عن فكرة تولي مورينيو تدريب برشلونة رد بجملة مختصرة "الأمر معقد للغاية".. إنييستا أكثر من غيره يُدرك إجابته جيدًا.
كان نهج برشلونة مع جوارديولا القائم على الاستحواذ مفتاحًا للنجاح الكبير الذي حققه، لكن هذا النهج يكرهه مورينيو، الذي قال عندما كان مع إنتر أن مفتاح النجاح ضد برشلونة هو التخلي عن فكرة السيطرة على الكرة.
يفسر مورينيو أسلوبه "ليس من المهم كيف نلعب"، وتكمن عبقريته في إيجاد واستغلال عيوب خصمه، فيقول "لكي أهزمك في سباق يجب أن أحطم عجلة سيارتك، أو أضع السكر في خزان الوقود".
وبناء على ذلك ربما لم يكن لتشافي ولا إنييستا أن يكونا على حالتهم اليوم، وربما استغنى عنهم أصلاً وجاء بمايكل إيسيان وتياجو موتا وأبقى على ديكو.
2. لم يصبح ميسي بنسخة اليوم
Getty Imagesالتاريخ خدم ميسي لأن جوارديولا جاء معه وليس مورينيو.. لأن مورينيو يُطالب كل لاعبيه بواجبات دفاعية، وبرشلونة يخرج ميسي من حساباته الدفاعية، لذلك لا غرابة أنه استغنى عن أفضل لاعب مبدع في تشيلسي تحت قيادته خوان ماتا.
كما أن مورينيو اعتاد دائمًا على فكرة بناء الفرق حول مهاجم رقم 9 قوي كما فعل مع دييجو ميليتو وإبراهيموفيتش وديدييه دروجبا، وبالتالي هو المهاجم المخلص للهجمات وليس ميسي الذي لا يجيد اللعب في هذا المركز الصريح.
لا شك أن ميسي موهبة ضخمة يُمكنها النجاح مع أي أسلوب ويمكنه هزيمة فريق بأكمله، لكنه كان سيكون مقيد كثيرًا بالواجبات، وبالتالي لم نكن لنرى نسخة ميسي الحالية.
3. لا فرصة لبيكيه ولا بوسكيتس ولا بيدرو
Gettyأبرز سلبيات مورينيو كمدرب أنه لا يعطي الكثير من الفرص للشباب أو أبناء النادي، لذلك في تلك الفترة كان من المستحيل ظهور لاعبين مثل جيرارد بيكيه القادم من دكة مانشستر يونايتد، ولا صعود سيرجيو بوسكيتس ولا بيدرو.
هذا الثلاثي رفقة "إنييستا وتشافي" وميسي معهم.. بنى عليهم برشلونة نهجه وهويته وفترته الذهبية مع بيب جوارديولا، لكن مع مورينيو ربما لم يكن لينالوا الفرصة.
4. مصير بوبي روبسون
Offside Sportصحيح أن فترة بوبي روبسون كانت مقبولة للغاية، حيث أمضى موسمًا واحدًا فقط وقاده للحصول على ثلاث بطولات، لكن وكان سبب تغييره آيديولوجيًا بالكامل كما أوضح المدرب الهولندي فان خال. فبرشلونة سئم من تلك الأفكار.
مجلس إدارة النادي كان يرغب في رؤية الفريق يلعب بنفس طريقة رينوس ميتشيلز ويوهان كرويف، وأفكار مورينيو قريبة من أفكار مُعلمه الأول، لذلك ربما كان ليستمر موسم واحد فقط مع برشلونة، وربما بعدها كان يعودوا لجوارديولا لكن بعد أن يكونوا قد أضاعوا سنة من عمرهم، ليس قبل أن تقضي على أوراق بنى عليها جوارديولا أفكاره ونجاحه.


