رحلات فاشلة في عالم التدريب، وكشاف مميز للاعبين، ومديرًا رياضيًا لأقوى الفريق الأوروبية، نتحدث باختصار عن لويس كامبوس، الرجل الذي صنع المجد ضد باريس، وعاد اليوم لكتابته للفريق العاصمي.
حيث أعلن نادي باريس سان جيرمان تعين لويس مديرًا رياضيًا لفريق كرة القدم الفرنسي، ليصنع بذلك "التوازن" الذي طالب به المدرب الجديد كريستوف جالتييه.
كامبوس الذي كان قريبًا للغاية من الذهاب إلى مدريد، وجلب كيليان مبابي معه إلى الفريق الملكي، غير وجهته في آخر اللحظات نحو العاصمة الفرنسية.
حيث أن باريس في أمس الحاجة لوجود صاحب الخبرات الاستثنائية في هذا المنصب، بعد أن رحل ليوناردو عن الفريق بعد رحلة متذبذبة تمكن منها عدم الهدوء والاستقرار.




المدرب الفاشل.. الكشاف الناجح
لم تكن رحلة لويس إلى الوضعية التي يوجد فيها الآن سهلة كما يظن البعض، كما أنها لم تكن من خلال بوابة الإدارة الرياضية أو العمل كوكيل للاعبين، بل أنها عبر الإدارة الفنية لبعض الفرق البرتغالية.
البداية كانت في موسم 1992-1993 بعمر الـ 27، حينما تولى مسؤولية تدريب نادي يونياو دي ليريا، كما أشرف على عدة أندية أخرى، مثل "جيل فيسنتي"، الذي تمكن معه من إيقاف سلسلة اللاهزيمة لجوزيه مورينيو، مع فريق بورتو عام 2004.
Getty Imagesوعرف عن كامبوس أنه رجل "الهبوط" حيث هبطت معه عدة أندية برتغالية إلى دوري الدرجة الثانية، أبرزها "فيتوريا دي سيتوبال" و"فارزيم" و"بيرا مار".
رحلة كامبوس التدريبية لم تكن مشرفة على الإطلاق، لكنها ساعدت في تكوين رؤيته لكرة القدم، واستطاع لويس أن يحظى بثقة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، ففي عام 2012 جلبه "سبيشال وان" إلى فريق ريال مدريد آنذاك، ليعمل كمحلل تكتيكي وكشاف للمواهب.
وقال كامبوس لصحيفة "O Jogo" البرتغالية في عام 2016: "لم يكن ذلك عن طريق الصدفة، ليس لأن عيني زرقاء أو لأنني جميل، لقد دُعيت لأن جوزيه مورينيو أدرك أن لدي الكفاءة للعمل معه".
ووصلت إحدى توصيات كامبوس إلى مدريد بعد وقت قصير من توليه المسؤولية، وهو الظهير الأيمن البرازيلي فابينيو، الذي ظهر مرة واحدة فقط مع الفريق الأول في النادي، ولكن بعد لم شمله مع كامبوس في موناكو بعد عام، تطور ليصبح لاعب وسط مركزي بقيمة 50 مليون يورو.
Getty Imagesوعن ذلك، قال أيتور كارانكا مساعد جوزيه مورينيو السابق ومدرب غرناطة الحالي لموقع "Bleacher Report": "إنه من نوعية اللاعبين الممتازين الآن، عندما تراه يلعب على هذا المستوى [مع ليفربول]، فإنك تدرك مدى جودة لويس".
فن الإدارة الرياضية
مر على فريق موناكو فترة ذهبية امتلك فيها بعض الأسماء التي لمعت في بطولة دوري أبطال أوروبا، فمن منا من ينسى ما قدمه نادي الإمارة أمام مانشستر سيتي وإخراج فريق بيب جوارديولا من دوري الأبطال بعد الأداء المذهل الذي قدم في فرنسا وإنجلترا.
وبالعودة بالزمن، سنجد أن هذا الفريق امتلك عدة أسماء شابة وواعدة في كرة القدم لعل أبرزها كيليان مبابي وبرناردو سيلفا وتيموي باكايوكو وفابينيو وليمار.
Gettyما قصة تلك المرحلة؟ الإجابة على السؤال في يد كامبوس الذي غير من وجهة موناكو من صرف الأموال الطائلة إلى الهدوء والعقل، فقد تحكم الرجل البرتغالي في إدارة الموارد وما حدث بعد ذلك كان النجاح.
حيث غادر كامبوس مدريد إلى موناكو في عام 2013، وعمل في البداية كمستشار لرئيس النادي "فاديم فاسيليف"، ثم في أغسطس 2014، تحول إلى عمله ككشاف للمواهب والإدارة الرياضية.
ومن هنا تغيرت منظومة موناكو، حيث أنفق النادي قبل لويس ببذخ في فترة الانتقالات الصيفية لعام 2013، حيث دفع حوالي 150 مليون يورو على النجوم المشهود لهم بالجودة مثل "راداميل فالكاو" و"جيمس رودريجيز" ولكن في العام التالي، قرر المالك "ديمتري ريبولوفليف" أن مثل هذه الصفقات الضخمة غير مستدامة، عندها جاء كامبوس بمفرده.

وباستخدام شبكاته الواسعة، شرع في تجميع فريق من اللاعبين الشباب الصاعدين، وجميعهم يتمتعون بقيمة إعادة بيع كبيرة، حيث جاء برناردو سيلفا من بنفيكا مقابل 15.75 مليون يورو، وتيموي باكايوكو من رين مقابل 8 ملايين يورو، وفابينيو من ريو أفي مقابل 6 ملايين يورو، وليمار من كاين مقابل 4 ملايين يورو، وبنيامين ميندي من مارسيليا مقابل 13 مليون يورو، وتم بيعهم جميعًا في وقت لاحق مقابل رسوم أعلى بكثير.
عدو باريس الأول!
رحلة موناكو لم تكن الوحيدة التي وقف فيها كامبوس ضد باريس وشرع في تقوية صفوف نادٍ آخر فرنسي وقف في وجه أموال نادي العاصمة.
في حين أن كامبوس لعب دورًا محوريًا في نهضة ليل، حيث أنفق النادي الذي يعاني من ضائقة مالية 8.9 مليون يورو على الانتقالات في أول موسمًا له، والبداية كانت مع خوسيه فونتي بصورة مجانية، زكي سيليك بحوالي 2.5 مليون يورو، جوناثان إيكون بـ 5 مليون يورو، جوناثان بامبا ورافاييل لياو بشكل مجاني.
Gettyلكن فريق كامبوس ساعد في كسر التوقعات السلبية، حيث تطور الأداء بشكل مذهل تحت قيادة كريستوف جالتييه، وانتقل الفريق من خطر الهبوط إلى التأهل لدوري أبطال أوروبا في 12 شهرًا فقط وذلك في موسم 18-19.
وبعدها فقط بموسمين، يجني فريق ليل ثمار ما زرعه كامبوس، ويفوز بالدوري الفرنسي للمرة الخامسة في تاريخه.
ترك الريال لأجل عيون باريس
في الفترة الماضية انتشرت العديد من الأنباء التي تشير إلى عودة كامبوس إلى ريال مدريد، بالطبع بعد الرحلة المميزة الذي قضاها في فرنسا في اكتشاف المواهب وتطوير الأندية، خاصةً مع تحبيذ رئيس الملكي، فلورنتينو بيريز إلى العمل مع المواهب الشابة وهو ما وضح في صفقتي فينيسيوس جونيور ورودريجو جوس.
لكن لويس قد قرر الذهاب إلى فرنسا، ومن غير المعلوم حتى الآن السبب الحقيقي لتغيير الوجهة، ربما لأن باريس يفتقد الآن إلى النظام وهو التحدي الذي قد يروق إلى كامبوس، وربما هي الأموال.
لكن في كل الأحوال فالتقارير الإسبانية لم ترحم لويس بعد قراره، حيث اعتبرته "خائنًا" بسبب صفقة انتقال كيليان مبابي، فبحسب صحيفة "ماركا" فإن كامبوس لعب دورًا هامًا بإقناع كيليان بالبقاء في باريس، وذلك قبل أن يوقع لويس على عقوده مع الفريق الفرنسي.
والحقيقة أن السبب الحقيقي وراء ذهاب كامبوس إلى باريس لا يهمنا، لكن الشاغل الحقيقي هو ما سيفعله الرجل البرتغالي في كتيبة المدرب كريستوف جالتييه، وهو الذي سبق وأن عمل معه في فريق ليل.
فالنادي العاصمي يعاني من مشاكل عديدة في قوام الفريق من حيث عناصر متوسط الميدان تحديدًا، الأمر الذي حاول ليوناردو من قبل لمعالجته حينما تعاقد مع إدريسا جاي وأندير هيريرا، ومن بعدهم جورجينيو فاينالدوم.
والبداية هذا الموسم كانت بالفعل من مركز وسط الميدان حيث تعاقد باريس مع اللاعب فيتور فيريرا من صفوف نادي بورتو البرتغالي.
سياسة كامبوس كما تحدثنا من قبل لا تعتمد على الأسماء الضخمة التي توجه الزخم الإعلامي نحو الفريق، ولكنها تركز على معرفة الاحتياجات وسد الفراغات للمدير الفني، ومن ثم الربح المالي من إعادة البيع، لكن النقطة الأخيرة يمكن الاستغناء عنها في حالة العمل مع باريس.
الشاهد من رحلة كامبوس من البرتغال إلى فرنسا أن لويس لن يترك باريس يقوم بعمل "صفقات الضجة الإعلامية" مجددًا، بل سيضفي نوعًا من الهدوء والاستقرار في النادي العاصمي.
