يُعرف عن أنطونيو كونتي حدته الشديدة، لكنه يبقى مهوسًا بالحالة البدنية للاعبيه، حتى لو وصل الأمر للتدخل في حياتهم الشخصية وتقديم نصائح جنسية لهم إن تطلب الأمر.
كونتي أيضًا لديه هوس بالرضا التكتيكي الذي يسعى له، والحصول على تشكيلة تلعب بطريقة الضغط والتنظيم الذي يهتم بالتفاصيل الصغيرة والتحول بشكل سريع هجومًا ودفاعًا وإن لم يحدث ذلك فإنه يبدا بالشكوى وانتقاد رؤوساءه في النادي.
حدث ذلك في يوفنتوس وفي تشيلسي سابقًا، ويحدث في الإنتر حاليًا.
الدلالة الأكبر على ذلك كانت في فورة غضبه بعد الهزيمة أمام بوروسيا دورتموند في نوفمبر الماضي 3/2 في دوري أبطال أوروبا رغم أنه كان لا يزال في أشهره الأول كمدرب.
وقال كونتي لقناة سكاي سبورت إيطاليا بعد تلك المباراة مباشرة "ارتكبت أخطاء كبيرة في التخطيط لهذا الموسم. لا يهمني يناير أو فبراير. كان يجب أن نخطط لهذا الموسم بشكل أفضل بكثير".
"لقد أثبتنا أننا يمكن أن نزعج أي فريق آخر إذا كنا في حالة جيدة، ولكن هناك لاعبون لعبوا بلا توقف. لا يمكننا اللعب في الدوري ودوري الأبطال بهذا الشكل".
"أنا حقا أشعر بالغضب، لأننا لا نستطيع أن نفعل أكثر من هذا. لقد سئمت من قول الشيء نفسه مرارًا وتكرارًا. آمل أن يخرج الإداريون ويقولون شيئًا ما بدلاً من ذلك".
إذا بدا أن هجوم كونتي على الإدارة لا مبرر له، بالنظر إلى أن إنتر قد أنفق 155 مليون يورو لتعزيز فريقه خلال الصيف، فإن إحباطه كان على الأقل مفهومًا.
فقد قدم الإنتر مباراة رائعة في تلك الليلة في سيجنال إيدونا بارك، وتفوقوا بشكل رائع على دورتموند القوي، وتقدموا بثنائية، لكن بشكل مفاجئ في الشوط الثاني، نفذت طاقتهم واستفاد دورتموند من هذا الأمر وحقق الريمونتادا.
هذا هو الشيء الذي أثار غضب كونتي، حيث شعر أنه ليس لديه العمق الكافي في التشكيلة لتدوير لاعبيه من أجل إبقائهم في أتم انتعاشة بدنية لتنفيذ تكتيكاته الخاصة واللعب على بطولتين.
وقد أوضح كونتي ذلك بشكل صريح بعد التعادل مع ليتشي "التعادل يؤكد حقيقة أننا يجب أن نلعب دائمًا بسرعة 200 كيلومتر في الساعة. نحن لسنا فريقًا يستطيع تحقيق الفوز بسرعة متوسطة. وعندما لا نستطيع الوصول إلى الحد الأقصى، فإننا نصبح فريقًا عاديًا".
Getty Imagesوهذا هو بالضبط السبب وراء سعي كونتي لإضافة لاعبين جدد خلال فترة الانتقالات في يناير، لمواصلة زخم المنافسة مع يوفنتوس الذي يعتلي الصدارة بفارق 3 نقاط عن فريق كونتي، الذي تعادل في خمس من مبارياته السبع السابقة.
لكن كونتي أيضًا لا يُريد أي لاعبين، هو يُريد نوعية معينة، يُريد لاعبين من الدوري الإنجليزي الممتاز بمعنى أصح.
في الصيف الماضي، تعاقد إنتر مع اثنين من مهاجمي مانشستر يونايتد: روميلو لوكاكو، وأليكسيس سانشيز، على سبيل الإعارة لمدة موسم.
وهذا الشهر عاد وضم أشلي يونج من مانشستر يونايتد، وفيكتور موسيس على سبيل الإعارة من تشيلسي، وقد يتعاقد مع أوليفييه جيرو من تشيلسي أيضًا.
واليوم أعلن الإنتر عن ضم صانع ألعب توتنهام كريستيان إريكسن مقابل 20 مليون يورو، وهذه القيمة تأتي لأن عقد اللاعب كان سينتهي في الصيف.
من الواضح أننا نتحدث عن لاعبين بدرجات متفاوتة من الجودة والنضج هنا ولكن جميعهم إما لعبوا تحت أو ضد تشيلسي كونتي.
خلال الفترة التي قضاها لمدة عامين في ستامفورد بريدج، حول كونتي موسيس إلى جناح خلفي نموذجي، لعب دورًا رئيسيًا في تحقيق الفوز للقب الدوري 2017، بينم حصل على جيرو من آرسنال في يناير 2018، والثنائي عانا بعد رحيل كونتي من ستامفورد بريدج.
أمضى موسىس العام الماضي على سبيل الإعارة في فنربخشة، في حين لعب جيرو دور الكومبارس لتامي أبراهام تحت قيادة فرانك لامبارد. أما أشلي يونج فقد تراجع ترتيبه ليصبح الظهير الأيسر الثالث لدى اليونايتد قبل رحيله عن أولد ترافورد.
رغم ذلك فكونتي لديه أقصى إيمان في قدرته على تنشيط اللاعبين وإحياء مسيرتهم من جديد، وله سبب وجيه.
Getty/Goalفي حالة سانشيز فهو بالكاد لعب مع إنتر بسبب الإصابات ولكن لوكاكو كون شراكة هجومية مدمرة مع لاوتارو مارتينيز، وهما أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الإنتر ينافس بمنتهى القوة مع يوفنتوس حامل اللقب ثماني مرات في الدوري هذا الموسم.
وقد وصف المهاجم البلجيكي مدربه بأنه المدرب المثالي له في هذه المرحلة من مسيرته، وبالمثل تحدث بعض اللاعبين الآخرين مثل أليساندرو باستوني الذي وصف كونتي بأنه "ميسي المدربين" ونيكولو باريلا الذي ادعى أنه مستعد للموت من أجل مدربه، وتصريح باريلا يدل على نوع الالتزام والقتالية التي يطلبها كونتي والتي تجعل من لاعبيه كالجنود المشاة.
إنه بالتأكيد لن يتسامح مع أي شيء أقل من الحد الأقصى للالتزام. وكما كتب أندريا بيرلو ذات مرة، فإن غرفة الملابس مع كونتي ليست لضعاف القلوب، كما يقول الإيطاليون "لديه شعر كشعر الشيطان، وإذا كان الشعر مزيفًا، فالشيطان حقيقي!".
وعن ذلك أيضًا قال نيمانيا ماتيتش لاعبه السابق في تشيلسي "من الناحية البدنية، هو يُريد فريقًا قادرًا على الركض لمدة 95 دقيقة على نفس المستوى".
كما رأينا بالفعل في دورتموند وليتشي، فإن إنتر مع كونتي لا يستطيع حتى الآن القيام بذلك مرتين في الأسبوع.
ومن هنا كانت الحاجة إلى تعزيزات هذا الشهر، حيث يشعر كونتي بوضوح أنه من الأفضل خدمته من خلال اختيار لاعبين على دراية بالسرعة المحمومة للدوري الممتاز بدلاً من أي دوري آخر.
Gettyربما تجاوز يونج أفضل سنواته، لكن كونتي يؤمن بأهمية توظيفه كجناح خلفي لديه من يسانده في الخلف، ويعتمد على ميزته في إرسال العرضيات لمهاجمين عمالقة متخصصين في ألعاب الهواء مثل لاوتارو ولوكاكو وجيرو إن جاء.
لكن الأهم أن يونج يتمتع بخبرة تذوق البطولات، وهذا شيء تحدث عنه كونتي عندما قال بعد هزيمة دورتموند "بدون دييجو جودين من في هذا الفريق فاز بشيء؟ نيكولو باريلا الذي جاء من كالياري؟ أو ستيفانو سينسي، الذي جاء من ساسولو؟!".
كونتي إذًا لا يريد فقط الطاقة أو الجهد؛ إنه يريد أيضًا لاعبين لديهم خبرة في الأداء على أعلى مستوى. بالنسبة له هذا يعني بوضوح الدوري الإنجليزي، حتى عندما بحث عن لاعب مبدع في الوسط "وهذه كانت أكبر نقطة ضعف في فريقه"، توجه للبريميرليج.
إذا وجد كونتي دورًا مناسبًا لإريكسن في تشكيلته المفضلة 3/5/2 - حيث يمكن الاعتماد عليه في المركز رقم 8، أو كرقم 10 في طريقة أقرب إلى 3/4/1/2 - يمكن أن يثبت الدنماركي أنه القطعة المفقودة في تشكيلة الدوري الإنجليزي التي يجمعها كونتي في سان سيرو.

Getty Imagesإريكسن قد يلعب نفس دور بيرلو السابق مع كونتي في يوفنتوسنجح مدرب إيطاليا السابق في الدوري الإيطالي من قبل بمجموعة من الصفات المماثلة في يوفنتوس، الذي تأسس بدفاع قوي، ولاعب وسط مبدع وهو أندريا بيرلو، وفريق يتفاخر بالقوة البدنية والمثابرة.
كان ثلاثي دفاع يوفنتوس "أندريا بارزالي، ليوناردو بونوتشي، جورجيو كيليني"، وهذا الموسم لديه ميلان سكرينيار وستيفان دي فري، وأليساندرو باستوني.
في الهجوم ، يبدو أن شراكة لوكاكو ومارتينيز أفضل من كارلوس تيفيز وفرناندو لورينتي في يوفنتوس، وبينما لم يصل خط وسط إنتر حتى الآن إلى مستوى مثل كلاوديو ماركيزيو وبول بوجبا وأرتورو فيدال وبيرلو، لكنه يحاول تعويض ذلك بإبداع إريكسن وقوة الأجنحة بموسيس ويونج.
يعرف كونتي هؤلاء اللاعبين ويعرف أنه يمكنهم التعامل مع أسلوب لعبه. في كل حالة تقريبًا، يعرف أن أنديتهم كانت راغبة للتخلص منهم كما أنهم يرغبون في الرحيل، وهو شيء جيد للإنتر أيضًا في قيمتهم حيث أنه يعاني من ضائقة مالية.
تمامًا مثل لوكاكو وألكسيس وموسيس ويونج، يبحث إريكسن عن تحدٍ جديد. من المؤكد أنه سيحصل عليه في الإنتر مع مدرب سيدفعه لتقديم كل ما لديه، حيث يتوقع منه تقديم عروض استثنائية باستمرار. على الأقل في الملعب.




