منذ تولي زين الدين زيدان تدريب ريال مدريد وحتى اليوم مر الرجل بالكثير من منحنيات الصعود والهبوط، حتى المواسم التي حقق فيها بطولات وإنجازات كان يعاني خلالها من انتقادات في أوقات متفرقة.
وبالنظر إلى هذه الحالة ومقارنتها ببقية المدربين، ستجد أن نسبة تعرض زيدان لانتقادات على الرغم من إيجابية النتائج والأرقام التي تصب في صالحه تبدو أعلى بكثير من أي مدرب آخر على الساحة حول العالم اليوم.
هذه التفاصيل صنعت لزيدان حالة خاصة بالإضافة إلى كونه حالة خاصة على مستوى الإنجازات لاعبًا ومدربًا، وكذلك الشعبية التي يمتلكها حول العالم والتي تجعل الزج باسمه في أي شيء مثيرًا لاهتمام قطاع عريض من البشر.
قبل مباراة ريال مدريد وويسكا جاء مؤتمر المدير الفني للنادي الملكي زين الدين زيدان بمؤتمر ناري على غير عادته، ويبدو أن أسبوعي العزل بعد إصابته بفيروس كورونا شحنا بداخله الكثير من الغضب الذي جعله يتخلى عن عاداته الهادئة، الأمر الذي فتح الباب حول الحديث عن استحقاق الانتقادات والمطالبة بالإقالة من عدمها.
وفي رسالة حادة وجهها زيدان للصحفيين قال: "قولوا لي في وجهي بأنكم تريدون تغييري والاستغناء عني، لا أحب أن يحدث ذلك من وراء ظهري فقط وحين لا أكون متواجدًا بينكم"، ليبقى السؤال، هل الصحفيون وحدهم هم من يتفوهون بتلك الانتقادات؟
Getty Imagesفي الحقيقة جماهير ريال مدريد قبل الجماهير المنافسة هي من ترى أن الأداء ليس مقنعًا، والمعاناة المتكررة أمام أي فريق أيًا كان حجمه أزمة كبرى لا يمكن أن تغفرها جماهير النادي الأكثر تتويجًا بدوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني.
هذا على مستوى المردود، والذي لا يتعلق بكرة قدم هجومية أم دفاعية، ولكنه يتعلق بكرة محدودة للغاية تُقدم ليس بها أي مجال للتطوير ولا يبدو أن المدير الفني يقف أمام الخط ليفكر في شيء خارج الصندوق لم يعتد القيام به في الماضي.
السؤال الثاني فيما يتعلق بتقييم المدرب يجب أن يكون إجابة على سؤال ماذا يريد النادي أصلًا؟ فتقييم ما يقوم به من عمل يجب أن يرتبط بكونه يلبي طلبات النادي في المقام الأول أو لا يتم ذلك ويسير الطرفان في اتجاهين متضادين.
مشروع ريال مدريد كان قائمًا على جلب المواهب الشابة من كل أنحاء العالم والاستغناء عن ثقافة الجالاكتيكوس لجلب النجوم الجاهزة بأسعار عالية والتي سيطرت على النادي الملكي في أوقات سابقة تحت قيادة الرئيس الحالي فلورنتينو بيريز.
وبالنظر إلى زيدان فهو ليس المدرب القادر على تطوير المواهب الشابة، وفلسفته قائمة على امتلاك أفضل العناصر القادرة على الابتكار في الملعب دون الحاجة لتوجيهات وتعليمات خاصة، ربما لأنه كان لاعبًا عظيمًا فلذلك يؤمن بقيمة اللاعب الفردي أكثر من مفهوم المنظومة.
ما حفظ للرجل مكانته في الفريق الملكي هو تحقيقه للأرقام القياسية والانتصارات والتتويج بالبطولات، ولكن محدودية تطور صغار السن في مقابل انتهاء الجيل الحالي واحدًا تلو الآخر سيقع بالرجل والفريق في هذه المعضلة، ما بين عدم القدرة على طلب المزيد من الحاليين ولا إعداد جيل قادم.
وفقًا للأرقام، سجل ريال مدريد 37 هدفًا في الدوري الإسباني خلال الموسم الحالي في 21 مباراة خاضها، بمعدل 1.76 في كل مباراة، بلغ معدل تسجيل في الشوط الأول0.81، بينما بلغ معدل تسجيل في الشوط الثاني 0.95، وهو مقارنة بما كان عليه الأمر في الموسم الماضي لا يبدو مبشرًا أبدًا.
ليس فقط إدخال الكرة داخل الشبكة هو المعضلة، بل الوصول من الأساس وخلق الخطورة وترجمة امتلاك الكرة إلى فرص على المرمى لم يصبح كما كان عليه في الماضي، والذي كان يترك هامش من التصحيح فيما يتعلق بترجمة ذلك.
Gettyبالنظر إلى تسديدات ريال مدريد فإن معدل التسديدات في المباراة الواحدة 14.14، تسديدة على المرمى 5.38، بينما التسديدات خارج المرمى 8.76 في الدوري الإسباني فقط.
وفيما يتعلق بالناحية الدفاعية والتي كانت نقطة قوة الفريق الأولى في الموسم الماضي والتي قادته للتويج بلقب الدوري الإسباني واستعادته من جديد بعد غياب من 2017 فتبدو الأمور أيضًا مثيرة للجدل.
تلقى ريال مدريد 19 هدفًا هذا الموسم، بمعدل 0.9 في كل مباراة في الدوري الإسباني، ولكن هذه النسبة القليلة لا تعكس شيئًا من الواقع، أو لا تعبر عن قوة دفاعية للفريق الملكي بالأحرى وبعبارة أكثر دقة.
بالنظر إلى ما يقوم به تيبو كورتوا منذ بداية الموسم ووصولًا إلى المباراة الأخيرة، تجد أن الرجل في كل مباراة يقوم بإبعاد العديد من الفرص المحققة، كرتان أو ثلاثة مما يبعده كورتوا كل مباراة تكون شبه أهداف حقيقية، وهو ما يأخذنا إلى منطقة أخرى.
مقارنة المواسم الثلاثة لتيبو كورتوا ستمنحك إجابة بأن الموسم الحالي هو الأفضل له، وهو السبب في قلة عدد الأهداف التي تدخل في مرمى ريال مدريد بمرور المواسم مع وجود الحارس الدولي البلجيكي في عرينه.
وباستعراض كل هذه المعلومات، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية التي تجبرك على الاستقادة من الموارد المتاحة، تجد أن زين الدين زيدان متهم رئيسي في كل ما وصل له ريال مدريد مؤخرًا، وعليه فإن الصحافة لا تبالغ كثيرًا فيما تقوله.
زيدان: أخبروني في وجهي بأنكم تريدون إقالتي وأشعر بقلة احترام
نتيجة لذلك، يبدو أنه لا مفر من رحيل زيدان بنهاية الموسم الحالي إن لم تحدث معجزة قبل نهايته، الرجل الذي يبدو فاقدًا للسيطرة على كل شيء ولا يبدو أن هناك مؤشرات على تصحيح الأوضاع، خاصة أنك حين تفوز بثنائية يسجلها رافائيل فاران فبالطبع الأمور ليست وفقًا لأي تخطيط.


