رأسية من أرتورو فيدال تصل إلى ليونيل ميسي، يراوغ الأخير ويسدد هدف حسم الليجا رقم 26 في شباك ليفانتي.
تبدأ الحكاية من الصيف الماضي، لاعب الوسط التشيلي الدولي يطأ أراضي كتالونيا في الحادية والثلاثين من عمره، اعتراضات مصاحبة مرتبطة بهذا الرقم، نوع مفهوم من الاعتراضات في نهاية المطاف..
ولكن دائماً ما يكون أسوأ أنواع الاعتراضات هو ذاك المبني على مغالطات واضحة، ولهذا سمعنا كثيراً عن "رحيل باولينيو وقدوم آخر". أي متابع لمسيرة اللاعبين جيداً يعلم أنهما ليسا الشيء نفسه.
باختصار فيدال كان علامة فارقة في كل خط وسط لعب له، من يوفنتوس إلى بايرن إلى تشيلي، أينما ذهب كان فيدال عنصراً لا غنى عنه، ولكن البعض ارتأى منطقاً ما في مقارنته بلاعب فشل في توتنهام هوتسبر لينتدبه برشلونة من الدوري الصيني، وحتى هذا الدوري الصيني كان له فيه أرقام كارثية..
مع تقليم أظافر تلك الأكذوبة شيئاً فشيئاً بقي منها "أن باولينيو لاعباً يملك القوة البدنية في الوسط ولهذا أراد فالفيردي ضم فيدال".. حسناً لدينا مشكلتين هنا، الأولى هو أنه نعم قد يكون فيدال لاعباً يملك وفرة في البدنيات ولكنها لم تكن أبداً رأس ماله الوحيد في كرة القدم، والثانية هي افتراض تدخل فالفيردي فيما يجري من صفقات أصلاً، وهي فرضية متفائلة للغاية.

يتحدث البعض عن "كينج أرتورو" باعتباره "كلب حراسة" في الملعب وهذا ليس سباباً بل وصفاً لقوته كارتكاز دفاعي، كون جماهير ميلان كانت تسمي جاتوزو "البولدوج" وبالتأكيد لا يمكن افتراض أن جماهير ميلان تحاول سب جاتوزو، جاتوزو اللاعب على أقل تقدير، ولكن لم يخبرنا أحدهم متى كان بوسع كلاب الحراسة اللعب في مركز صانع الألعاب في منتخب يفوز بكوبا أمريكا!
حتى لقطة فيدال الأكثر حصولاً على الإشادات الجماهيرية هذا الموسم كانت الدقائق العشرين التي خاضها في كلاسيكو الدور الثاني ضد ريال مدريد (1-0)، حين نجح في 5 تدخلات صحيحة لينتزع صدارتها في هذا الوقت القصير، فهل يعتمد هذا الأمر على الشراسة فحسب؟!
قبل تلك المباراة، وقبل حصول اللاعب على ما يستحقه من الحفاوة، بالغ البعض الآخر ووصفه بالمقلب، لماذا؟ لأن الأمور لم تسِر على ما يُرام في البداية، وكأن هذا ما يحدث طوال الوقت في صفقات برشلونة الأخيرة! لقد رأينا جميعاً كيف انفجر كوتينيو منذ وصوله قبل عام ونصف، وديمبيليه بالفعل قبل عامين.
لنُجري حساباً سريعاً قبل 4 جولات من نهاية الليجا، فيدال يملك 30 مشاركة بينها 20 مباراة فقط بدأها كأساسي، البقية عادةً ما سيطرت عليها المباريات التي يحتاج فالفيردي لإغلاقها بقوة أرتورو، حيلة مشابهة في الأساس لحيلة لويس إنريكي الشهيرة مع تشافي في موسمه الأخير، حيث لعب الدقائق الأخيرة عادةً لضمان التحكم في نسق الملعب.
على الرغم من ذلك سجل فيدال هدفين وصنع 6.. لنجرب مع البقية، بوسكيتس صنع هدفاً واحداً ولم يسجل في 33 مشاركة بينها 28 بصفة أساسية، راكيتيتش سجل 3 وصنع 4 في 32 مشاركة (27 كأساسي)، أرتور ميلو الأقل حظاً في عدد المشاركات (26 بينها 18 مشاركة أساسية) صنع هدفاً واحداً ولم يسجل.
ليست الأرقام الأفضل؟ بالطبع.. باولينيو سجل أكثر؟ بالتأكيد.. ولكن مسائل مثل تباين الأدوار وحجم الجودة الحاضرة بالفعل واختلاف الطرق بين موسم وآخر لا تدخل في الحسابات، أو بديهية مثل أن برشلونة كان يلعب 4-4-2 لتقتصر مهمة التسجيل على ميسي وسواريز يليهما باولينيو بتلك الانطلاقات التي لا يجيد غيرها تقريباً، وأن الآن بات هناك ما يشبه المنظومة الهجومية بوجود لاعب ثالث في الأمام بشكل متكرر، هي أشياء لا علاقة لها بأي شيء.
الآن نهنئ فيدال بحصوله على لقب الدوري الثامن على التوالي في مسيرته الأوروبية، الآن نال حفاوة بتحقيق إنجاز كبير كهذا، ولكنه كان يستحقها طوال الوقت.. العمر يبقى دائماً أكثر ما يخيف في كرة القدم، فحين أتحدث عن أرتورو فيدال لا أجد نقداً حقيقياً سوى "ليته أتى أبكر".


