"عصفور في اليد ولا عشرة على شجرة" هكذا نقول نحن العرب في أمثالنا الشعبية، أما ما هو أكثر منطقية من هذا هو ما يقوله الحكام "لا تنظر تحت قدميك بل انظر إلى الآفاق البعيدة، ولا تختار متعة عاجلة، بل اختر مستقبلًا مريحًا"..
والفرنسي هيرفي رينارد طبّق كلام الحكام, لكن ينتظر الأيام كي تثبت له ما إذا كان مستقبله مربحًا ومريحًا بالفعل أم لا!
اختار رينارد الرحيل عن المنتخب السعودي، رغم تمديد عقده حتى عام 2027م ووضع خطة لكأس العالم 2026م، وبالفعل أعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم رسميًا، ليلة أمس الثلاثاء، نهاية عقد الفرنسي.
بحسب التقارير الفرنسية، فإن منتخب سيدات فرنسا هي الوجهة المقبلة لهيرفي، في خطوة صادمة للكثيرين، فكيف له أن يضحي بما بناه مع الأخضر منذ عام 2019 وبدأ في جني ثماره بتحقيق فوز تاريخي أمام الأرجنتين في كأس العالم قطر 2022م، وإقباله على المشاركة في كأس آسيا 2023م؟
دعك من النظرة الضيقة، ووسع عدستك، كي تعي لماذا فكر صاحب الـ54 عامًا في التضحية بما بناه مع منتخبات الرجال في إفريقيا وآسيا؟!
في حقيقة الأمر، تبدو الخطوة لي أكثر من مجرد منتخب سيدات، بل هي أكثر بكثير من ذلك، خاصةً وأن الراتب المتفق عليه بحسب التقارير أقل من نصف ما يتقاضاه مع الأخضر..
بدايةً دعني أخبرك أن رينارد – حال صدقت التقارير وتعاقد مع سيدات فرنسا – فإنه سيستهل مشواره معهن بخوض منافسات كأس العالم أستراليا ونيوزيلندا في منتصف العام الجاري.
على الجانب الآخر، يعاني منتخب الديوك للرجال من عديد الخلافات بقيادة مدربه ديدييه ديشان سواء مع لاعبين وعلى رأسهم أحد أفضل المهاجمين في العالم حاليًا كريم بنزيما أو مع مسؤولي الاتحاد الفرنسي لكرة القدم.
هذا بجانب خلقه أزمة بين لاعبي المنتخب بعدما منح شارة القيادة للنجم الشاب كيليان مبابي وهو ما أغضب زميله أنطوان جريزمان.
كل هذا أحدث هزة كبيرة في استقرار الديوك، وعند الحديث عن البديل ومطالب الجماهير التي اتجهت نحو زين الدين زيدان، نشبت أزمة أخرى بتصريح نويل لو جرايي المعادٍ لزيزو، ليغلق هذا الباب طالما استمر في رئاسة اتحاد القدم.
وهنا يأتي دور نظرة رينارد البعيدة، سيدات فرنسا هي تجربة هيرفي الأولى في بلاده بشكل عام، وهي فرصة حقيقة للاقتراب من مسؤولي اتحاد القدم وتقريب المسافات بينه وبين منتخب الرجال كذلك، ويكون ضالة فرنسا لفرض الاستقرار على منتخبها الغائب منذ سنوات.
هذه الخطة قد يكتب لها نجاحًا مبكرًا، في حال نجاح رينارد في مونديال السيدات، فهل يفعلها؟، دعونا ننتظر ما تخبؤه جعبة الأشهر المقبلة!
