مات الشبح، ودفنه رياض محرز، لم يصبح بيب جوارديولا مطالبًا بعد اليوم بمهاجمة ذكرياته السلبية وكوارث الماضي وأشباح السنوات الأخيرة إلى جانب الفريق الخصم حين يلعب في إقصائيات دوري أبطال أوروبا، لقد كانت مباراة اليوم أكثر من مجرد مباراة.
اليوم، كسر بيب جوارديولا أخيرًا لعنة دوري أبطال أوروبا ووصل بمانشستر سيتي إلى المباراة النهائية لأول مرة في تاريخ النادي ولأول مرة منذ 10 سنوات للمدرب الإسباني، وذلك على حساب باريس سان جيرمان، وبقيادة رياض محرز، وبقيادة رياض محرز، وبقيادة رياض محرز.
نعلم أننا كررنا اسم محرز كثيرًا، ونود إخبارك أن ذلك سيتكرر لفترة ليست بالقصيرة، كيف لا والنجم الجزائري كان سببًا في نهاية عقده أحد أفضل المدربين في تاريخ كرة القدم، وقيادة فريق لنهائي دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخه، وتحطيم أرقام قياسية لم يقم بها لاعب عربي من قبل!
النجم الدولي الجزائري رياض محرز كان عريس الليلة بلا منازع وفرض نفسه كرجل نصف نهائي دوري أبطال أوروبا الأول بعدما سجل هدفي فريقه، مضيفًا إياهما إلى هدف الذهاب الرائع، ليصبح أول لاعب عربي يسجل في ذهاب وإياب نصف نهائي دوري الأبطال.
بين موسم مضى وموسم ما زال يمضي.. كلمة السر رياض محرز




Gettyالموسم الماضي خرج مانشستر سيتي من ربع نهائي دوري الأبطال لأن ستيرلينج أرسل كرة فوق العارضة والمرمى خالي من حارسه في الدقيقة السادسة والثمانين، وبالطبع كان الضحية بيب الذي لم يحرك ساكنًا.
أما نصف نهائي دوري أبطال أوروبا هذا الموسم والذي يتأهل له بيب جوارديولا مع مانشستر سيتي لأول مرة فشهد كرة مميزة من رياض محرز سكنت شباك باريس سان جيرمان لتعلن أفضلية السيتي في مباراة الذهاب وتضع له قدمًا في المباراة النهائية.
بعدها بأسبوع واحد فقط، شهد عزفًا منفردًا بهدفين رائعين قتلا باريس سان جيرمان تمامًا ومنحا تذكرة العبور مؤمنة إلى بيب جوارديولا ولاعبيه إلى المباراة النهائية دون سيناريوهات معقدة وأكثر من صعبة ومستحيلة.
تواجد محرز وقبله فودين بكثافة قلل من مشاركات ستيرلينج، ثم تألق البدلاء فبات جوارديولا أمام فرضية الاعتماد عليهم بشكل مستمر، واتضح ذلك من خلال الأرقام، حيث يتعادل رياض محرز مع ستيرلينج هذا الموسم في عدد المشاركات برصيد 43 مباراة لكل منهما.
بالطبع جوارديولا مع اقتراب المباراة من نهايتها، لحق به شبح ستيرلينج في الموسم الماضي، ولكن أثناء تفكيره في ذلك، جاء رياض محرز ليواصل تألقه في ليلة من أفضل ليالي مسيرته على الإطلاق، ليمنح فريقه الهدف الثاني في الدقيقة الثالثة والستين ويصعّب موقف النادي الباريسي.
وبناء عليه، كان الفارق بين لقطة الخروج أمام أولمبيك ليون من ربع نهائي نسخة الموسم الماضي، وتخطي وصيف البطولة باريس سان جيرمان في نصف نهائي نسخة هذا الموسم هو أن رياض محرز جاء بدلًا من رحيم ستيرلينج.
الدفاع ثم الدفاع ثم الدفاع
Gettyلم يستثمر بيب جوارديولا المدير الفني لفريق مانشستر سيتي في خط دفاع كما فعل في صفوف الفريق الإنجليزي طوال مسيرته التدريبية، وما قام به روبن دياش اليوم من أداء وأرقام يخبرك أن الاستثمار جاء في محله هذه المرة تحديدًا دونًا عن كل ما سبق.
بيب جوارديولا أنفق على دفاع مانشستر سيتي ملايين اليوروهات سواء على الأظهرة أو قلوب الدفاع، وبالرغم من ذلك كان لايزال يستعين بلاعب مثل فيرناندينيو مركزه الأصلي وسط ملعب في الدفاع!
Goalكل ما أنفقه بيب جوارديولا على خط الدفاع في صفوف مانشستر سيتي في كفة، وما أنفقه من أجل ضم اللاعب روبن دياش هذا الصيف في كفة أخرى تمامًا.
ولم يكن المدافع البرتغالي أول خيارات بيب، بل جاء بعد خيارات كخاليدو كوليبالي وجول كوندي، إلا أن المدافع الدولي البرتغالي كان له رأي آخر، وأراد خطف أنظار العالم كله في أشهر قليلة فقط ارتدى فيها قميص مانشستر سيتي.
شراكة ستونز ودياش خطفت الأنظار، دياش منح دفاع مانشستر سيتي الإضافة والعمق الذي بحث عنه جوارديولا لسنوات منذ أن تولى المسؤولية الفنية للفريق خلفًا لمانويل بيليجريني.
لقطة تجديد العقد.. لا تنسوها
Gettyفي بداية الموسم، بدأ جوارديولا متذبذبًا بلا أداء ولا نتائج تشفع له، ثم ماذا؟ أعلن مانشستر سيتي تمديد عقد مدربه بيب جوارديولا لفترة إضافية رغم الحديث عن رحيله بنهاية الموسم الجاري كاحتمال أبرز وفقًا لما حدث في البداية.
خلدون مبارك، رئيس النادي، أوضح أن ثقافة النادي وبيب أصبح ممزوجة بعد سنوات من العمل معاً، وأن تمديد عقده يعد الخطوة الطبيعية بعد العمل الرائع في السنوات الماضية، وأن الخبر سيكون مصدراً لسعادة الجمهور.
بيب جوارديولا أخذ هذه الثقة وبدأ العمل، وعالج النواقص وبدأ في صناعة خطة جديدة لا تشبه في تفاصيلها ما اعتاده، جدد الدماء، وجدد الأفكار، وشحن الهمم، وانطلق جواده بلا أي قدرة ممن حوله على إيقافه ولو مؤقتًا، أو مجاراته على المدى الطويل.
كل شيء بدأ مع الثقة، مع ترسيخ فكرة "المشروع" وليس النجاح اللحظي، مع البحث عن مواطن الخطأ لتجنبه، وليس هدم المعبد على رؤوس من بنوه بعد أول سقوط أو ثاني أو ثالث حتى، في رسالة تبدو هامة لصناعة كرة القدم.
هذه الثقة التي حصل عليها المدير الفني الإسباني كانت البداية نحو استعادة النسق، والأمر الذي كاد يكون نقطة نسف مشروع الرجل بدلًا من أن تكون نقطة الانطلاق نحو أبرز إنجاز في تاريخ النادي وربما المدرب!
ريال مدريد الأرخص، والصدارة لمبابي ونيمار .. الأغلى بين رباعي نصف نهائي دوري الأبطال!
في النهاية، حقق جوارديولا مراده أخيرًا، وفي خامس مواسمه مع مانشستر سيتي، وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، بينما فشل باريس سان جيرمان في الوصول للنهائي الثاني على التوالي، وكلمة السر التي لا يمكن أن تنسى قبل سرد أي شيء آخر كانت رياض محرز.
