لم تكن علامات التعجب التي يختتم بها أي صحفي في أي مؤسسة في العالم كل عنوان خبر يخص استمرار استبعاد نجم ريال مدريد، كريم بنزيما، من المنتخب الفرنسي، لم تكن محض صدفة أو من قبيل المبالغة، لأن الأمر بالفعل يستحق التعجب والاندهاش.
فبالرغم من السخرية الدائمة من أحاديث اللاعبين العرب عن تعرضهم للعنصرية في أوروبا، والتي تندرج بعضها أحيانًا تحت بند المبالغات، إلا أن الأمر في فرنسا ومع مدرب من نوعية ديدييه ديشان، يستحق أن نُنحي هنا السخرية جانبًا ولو بشكل مؤقت.
ظهر استبعاد مهاجم الميرنجي من منتخب بلاده منطقيًا للوهلة الأولى في عام 2015، حين أوردت وسائل إعلام فرنسا إلينا تقاريرها التي زعمت بأن اللاعب قام بابتزاز زميله فالبوينا، وكان الجميع مُهيئًا لتصريحات مانويل فالس رئيس وزراء فرنسا، حين قال إن بنزيما لا يجب أن يتواجد في المنتخب، لكن الأمر بدأ يتجاوز المنطق تدريجيًا حين أثبتت المحكمة براءة اللاعب، وتقرر رغم ذلك استبعاده من كأس أمم أوروبا 2016، قبل أن يخرج عن المنطق تمامًا، بعدما بقي لاعب ليون السابق منذ ذلك التاريخ بعيدًا عن كتيبة ديشامب رغم ما قدمه وما لايزال يُقدمه مع الريال.
Gettyحين خرج المدرب الفرنسي المخضرم "غاي روو" وفضح كواليس استبعاد ديشامب لبنزيما عن المنتخب الفرنسي وكشف عن أن الأصول الجزائرية للاعب، هي السبب الحقيقي وراء ذلك، بدا الوجه الحقيقي للمدرب الحائز مع منتخب بلاده بكأس العالم 1998 ينكشف للناس، لكن الأمر ربما لا يبدو جديدًا على ديشان، الذي سبق وأن تورط في قصة مُشابهة مع لاعب مصري منذ ما يقرب من 18 عامًا.
تلاقت بداية لاعب المصري البورسعيدي السابق، مظهر عبد الرحمن، في أوروبا مع بداية ديشامب التدريبية، داخل جدران نادي موناكو، كانت التجربة الأولى لمظهر في أوروبا والتجربة الأولى لديدييه كمدير فني.
جاء موناكو بمظهر ليكون البديل الأقل ثمنًا للمهاجم الألماني الشهير، أوليفر بيرهوف، الذي كان يحزم حقائبه للرحيل عن الفريق في ذلك التوقيت، خاصةً بعد أن أبدى مسؤولو نادي الإمارة إعجابهم بإمكانيات اللاعب، وهو إعجاب تقاسمه معهم ديشان، فضلاً عن صغر سنه حيث لم يكن قد تجاوز بعد عامه الـ 25.
جاور مظهر في ذلك التوقيت العديد من الأسماء التي أصبحت فيما بعد نجومًا من العيار الثقيل، على غرار باتريس إيفرا، رافاييل ماركيز وإريك أبيدال، وغيرهم.
واستطاع اللاعب أن يحجز لنفسه مكان في تشكيلة موناكو، وكان جزءًا من تشكيلة الفريق الأساسية في الكثير من المباريات، حتى أنه توج مع الفريق بلقب كأس فرنسا موسم 2002-2003 (المصري الوحيد الذي تُوج بها)، غير أن وجه ديشان العنصري ظهر للمرة الأولى مع الفرعون المصري في صيف عام 2003.

كان الأمر صادمًا حقًا مثلما رواه مظهر للمرة الأولى والأخيرة في حوار أجراه مع جريدة الأهرام في عدد "24 ديسمبر من عام 2003"..
كانت سجدة وحيدة كفيلة بتحول وجه ديشان 180 درجة اتجاه مظهر وإخراجه من حساباته تمامًا، حتى في الأوقات التي لم يكن يملك مهاجمًا في قائمته سواه، كان اللاعب يجد نفسه خارج التشكيلة.
دفع ديشامب مظهر للرحيل عن موناكو في شكل الإعارة إلى فريق شاتورو في الدرجة الثانية قبل أن يُغادر الدوري الفرنسي بعد ذلك مُتجهًا إلى الصين في رحلة احترافية أخرى.
وفي هذا الشأن يقول مظهر عبد الرحمن في حواره للأهرام في عدد 24 ديسمبر 2003: "كنت أشارك مع الفريق في مباراة ودية قبل انطلاق الموسم الحالي (2003)، وفي مباراة أمام لافال سجلت هدفًا وعبرت عن فرحتي بالركض إلى وسط الملعب ثم سجدت لله على أرضية الملعب".
وأضاف: "لاحظت أن سجودي وقتها أثار غضب البعض من اللاعبين وكذلك المدرب ديشان، فوجدت علاقتي فجأة قد توترت به وكذلك ببعض نجوم الفريق من دون أي داعٍ".
وتابع: "عندما بدأ الموسم وجدت نفسي خارج تشكيلة الفريق باستمرار، كان ديشامب يتعمد عدم إشراكي حتى في المباريات التي لم يكن أمامه أي خيار سواي، فقررت الرحيل إلى شاتورو".
وصف ديشان مظهر في ذلك التوقيت بأنه كان أسوأ "أميًا" تعامل معه، حين تحدث عن أسباب رحيله في الصحافة الفرنسية آنذاك، في محاولة لتبرير موقفه وإبعاد أي شبهة عنصرية عن الأمر.
