ربما عادت إلى الأذهان اليوم صورة دافيد فيا وهو يحمل لقب الدوري الإسباني بقميص أتلتيكو مدريد في 2014، الأمر الذي يتكرر اليوم مع لويس سواريز، ولكن الفارق أن المهاجم الأوروجوياني أبى إلا وأن يظهر حتى في المشهد الختامي ليكون بطله.
البعض يتحدث عن عدم استحقاق جميع المتنافسين للقب الدوري الإسباني وكونها النسخة الأضعف من البطولة بين السنوات الأخيرة على الرغم من التنافسية والسخونة التي أحاطت بها وصراع الكراسي الموسيقية حتى الجولة الأخيرة.
والبعض الآخر يرى أن أتلتيكو مدريد هو الأحق، كونه الطرف الأضعف دائمًا في المعادلة والأقل حظوظًا فيما يخص الترشيحات الأولية، ولكن كل هذا أصبح جزءًا من الماضي بعد أن حُسم اللقب رسميًا.
لويس سواريز خطف العناوين من الجميع، وكانت صورته هي الشيء الأكثر تداولًا بعد تفريط برشلونة فيه بحجة أنه أصبح عالة على الفريق، ليتوج هو بالليجا رفقة الروخيبلانكوس، ويتركهم دون عالة، ودون ليجا!
سواريز.. كلمة السر
Gettyقبل بداية الموسم، تعاقد أتلتيكو مدريد مع هدّاف تاريخي ليس فقط في برشلونة بل في كل الأندية التي ارتدى قميصها منذ بداية مسيرته مع كرة القدم، رجل لديه من الخبرة في الدوريات الأوروبية المختلفة، ما يجعله قيمة مضافة لأي فريق.
طريقة لعبه وشخصيته المشاغبة ونظرته لكرة القدم على الطريقة اللاتينية كلها أشياء تتناسب مع طباع أتلتيكو مدريد بقيادة سيميوني تحديدًا في السنوات الأخيرة أكثر من برشلونة، على الرغم من كل مساهمته التاريخية مع النادي الكتالوني.
سواريز لم يكن في حاجة للكثير من الوقت لترجمة كل هذه المعطيات إلى نتائج حقيقية، وكان هداف الدوري الإسباني حتى الجولة 20، وقاد الروخيبلانكوس إلى صدارة الليجا بفارق كبير عن ريال مدريد وبرشلونة حتى نهاية الدور الأول.
ومع السقوط واشتعال المنافسة ظهرت من جديد أهداف سواريز لتكون كلمة السر، ولكي يتذكره التاريخ جيدًا، كان هدف التتويج من أقدامه أيضًا، حتى تكون الصورة النهائية خير معبر عن سير الموسم.
في السنوات الأخيرة لسواريز مع برشلونة لم يكن المهاجم الأوروجوياني في أفضل حالاته مقارنة بالسنوات التي كانت قبلها، إلا أنه تميّز دائمًا بالحسم والقدرة على الظهور في الأوقات الصعبة خاصة في مباريات الليجا.
سواريزما حدث في السنوات الأخيرة لبرشلونة حدث هذا الموسم، فلم يكن سواريز حاسمًا في دوري الأبطال وسقط في فجوات خلال الموسم، ولكنه لم يتخلَ عن قدرته على الحسم والتي يبدو أنها غير قابلة للفقدان مع مرور السنوات.
صفقات
Gettyسيميوني تخلى عن ألفارو موراتا الذي ذهب إلى يوفنتوس على سبيل الإعارة، وعوضه خير تعويض بالتعاقد مع السفاح لويس سواريز الذي يعتبر من أنجح الصفقات لأتلتيكو السنوات الأخيرة.
سواريز جاء ليجلب معه الشخصية والقوة والقدرة على الحسم، في لمحات يعرف سرها دييجو سيميوني دائمًا، كيف لا وهو صاحب العين التي تخطف هؤلاء الذين يعتقد العالم أنهم انتهوا، ولكنهم يثبتوا غير ذلك بمجرد ارتداء قميص الروخيبلانكوس، ولكم في دييجو ريباس وماندجوكيتش ودييجو كوستا قبل سواريز أمثلة حية.
إضافة إلى رحيل موراتا، تعرض أتلتيكو لصدمة قوية، بعدما أجبر على التخلي عن نجمه الغاني توماس بارتي الذي رحل إلى آرسنال بعد تفعيل الشرط الجزائي في عقده.
ومن أجل تعويضه، لجأ نادي العاصمة للتعاقد مع جيفري كوندوجبيا من فالنسيا، ولوكاس توريرا الصفقة الفاشلة من آرسنال، كما قام بشراء يانيك كاراسكو.
وفي يناير واصل النادي الإسباني التدعيم، بالتعاقد مع موسى ديمبيلي من ليون على سبيل الإعارة، لكنه لم يظهر سوى في 5 مباريات بالدوري الإسباني.
وفي النهاية نجد أن أتلتيكو دخل الموسم بتحضير أفضل من ريال مدريد وبرشلونة على مستوى الميركاتو والظروف الداخلية المستقرة نوعًا ما، وربما كانت تلك الخطوة بداية الطريق الصحيح نحو استعادة اللقب.
مقارنة سريعة
Getty/Goalأتلتيكو في الموسم الحالي لم يكن القوة الهجومية الأكبر في الليجا، حيث يأتي في المركز الثاني 67 هدفًا بالتساوي مع ريال مدريد، خلف برشلونة الأفضل هجوميًا بـ84 هدفًا.
ولكن قدرة الروخيبلانكوس على حسم النقاط كانت هي المفتاح وراء تتويجه بالليجا، وفاعلية أهداف لويس سواريز تحديدًا كانت أمر لا يمكن أن تغفله بالحديث عن الحسم.
وأما من الناحية الدفاعية، فيعتبر فريق المدرب دييجو سيميوني هو الأكثر صلابة هذا الموسم، حيث اهتزت شباكه 25 مرة، مقابل 28 لريال مدريد، وهو شيء متوقع بالنظر إلى طريقة لعب التشولو.
نتائج أتلتيكو ضد الكبار كانت متوسطة، حيث تعادل مرة وفاز في أخرى على برشلونة، وفاز وخسر أمام إشبيلية ونفس الأمر مع أتلتيك بيلباو، وهزم فالنسيا ذهابًا وإيابًا، وخسر وتعادل مع ريال، ولكنه تميز في جمع النقاط أمام الفرق الصغيرة والمتوسطة.
وبالنسبة لريال مدريد، فقد فاز ذهابًا وإيابًا على برشلونة، وتعادل في مرة وفاز في الأخرى ضد أتلتيكو ونفس الموقف تكرر مع إشبيلية، انتصر مرة وخسر مرة أمام فالنسيا وتفوق مرتين على أتلتيك بيلباو.
وهو ما يضعنا أمام حقيقة أن فريق المدرب زين الدين زيدان، كان الأفضل في المواعيد الكبرى، لكنه أهدر بعض النقاط السهلة، لأسباب فنية وأخرى بسبب الإصابات والصعوبات البالغة التي مر بها الفريق.
وعلى الجانب الآخر حافظ أتلتيكو على توازنه، وتمتع أخيرًا بطول النفس الذي غاب عنه لسنوات، ليكون أكثر جاهزية وربما هو الأحق هذا الموسم بتحقيق اللقب.
ديجا فو
Gettyوبالعودة إلى ما بدأنا به، وإلى متشابهات التاريخ التي تكون ألطف شيء على قلوب الجماهير في مثل هذه الأوقات، وتحديدًا حين تكون النهايات سينمائية إلى هذا الحد الذي حدث هذا العام.
دافيد فيا، يختلف مع إدارة برشلونة ويرحل مقابل 5 ملايين يورو فقط، والنتيجة هي حصول أتلتيكو مدريد على لقب الدوري الإسباني بعد منافسة ساخنة مع ريال مدريد والفريق الكتالوني.
الموسم الذي رحل فيا بنهايته كان موسم 2013 والذي شهد خروج برشلونة من دوري أبطال أوروبا من الدور نصف النهائي على يد بايرن ميونخ والخسارة أمام البافاري بسبعة أهداف مقابل لا شيء في مجموع المباراتين.
سواريز يرحل في نهاية موسم كارثي لبرشلونة أيضًا، خسر فيه الفريق الكتالوني بثمانية أهداف مقابل هدفين من بايرن ميونخ في دوري أبطال أوروبا، فماذا تنتظر من التاريخ سوى أن يعيد نفسه؟
في النهاية لم يعوض برشلونة فيا ولا سواريز، فكانت النهاية الحتمية للقرارات الخاطئة هي خسارة الألقاب، وحين تفعل ذلك على حساب زيادة قوة خصومك، فلا تنتظر منهم إلا أن يفوزوا عليك.
