الإصابات تضرب من كل حدب وصوب، لا يمر يوم أو جولة سوى ونسمع عن مصاب جديد في فرق الدوري الإنجليزي، سواء الإصابات المعتادة التي سمعنا عنها في السنوات الماضية أو مرض كورونا.
في مباراة مانشستر سيتي وليفربول قبل التوقف الدولي، تعرض أرنولد للإصابة ولم يكمل المباراة، لكن الأبرز كان الانهيار البدني للفريقين وصعوبة نقل الكرة في الشوط الثاني، حتى تحول أكثر لقاء مثير في البريميرليج خلال السنوات الأخيرة للقاء ممل ورتيب.
إما إصابة أو إرهاق، الكل تأثر بذلك دون شك بما فيهم فريق إيطاليا وإسبانيا وحتى فرنسا وألمانيا، لكن ما يحدث في إنجلترا أمر تجاوز الكارثة ووصل إلى أزمة حقيقية، طرفاها الاتحاد الإنجليزي والأوروبي.
يورجن كلوب، مدرب ليفربول، وغريمه المدير الفني لمانشستر سيتي، بيب جوارديولا، أجمعا على شيء واحد، أنّ ما يحدث في الدوري الإنجليزي هو تدمير للاعبين وإفساد للمسابقة، فهل هذه مجرد حجج أم اتهامات حقيقية؟
الفيل الذي في الغرفة
Getty Imagesيحاول البعض تجاهل الفارق الزمني الضئيل جدًا بين نهاية دوري 2019-2020 وبداية 2020-2021، والذي جعل البعض يفشل في التعامل ذهنيًا وفنيًا وبدنيًا مع الموسم الجديد.
فرغم أنّ المسابقات توقفت منذ مارس حتى يونيو، أي نحو ثلاثة أشهر وهي فترة أطول من العطلة الصيفية المعتادة سنويًا، لكن وقتها لم يكن أحد يعرف مصير الموسم أو موعد العودة، والجميع محبوس في منزله يخشى الخروج أو التحرك.
لم يتسنى لكل لاعب الخروج في عطلة وتجاهل أحداث كرة القدم ومحاولة التخلص من تأثيرات الموسم، فالجميع بانتظار قرار العودة واستكمال التدريبات وعينه على كيف ينهي الموسم الحالي.
وبعد انقضاء الموسم، نجح أكثر المحظوظين في الحصول على راحة لعدة أيام أو ربما أسبوعًا ثم عاد للتدريبات لاستكمال الموسم الجديد، وهو إرهاق ذهني غير معتاد.
دمج الموسمين بهذه الطريقة، تسبب في تأثر اللاعبين على جميع المستويات وانعكس ذلك على كثرة الإصابات والإرهاق في الملعب.
لماذا إنجلترا؟
Getty/Goalالاتحاد الدولي لكرة القدم كان قد أقر بزيادة التغييرات إلى 5 في المباريات المختلفة، على أن يكون الاتحادات المحلية والقارية الحق في السماح بتطبيق القانون.
وفي إنجلترا التزموا بالقانون الجديد في موسم 2019-2020 لكن تجاهلوه في موسم 2020-2021 وأصبح البريميرليج الوحيد الذي لا يوجد فيه سوى 3 تبديلات فقط في المباراة الواحدة.
هذا الإصرار الإنجليزي تسبب في عدم حماية العديد من اللاعبين، واضطرار المدرب للعب بالأسماء ذاتها لفترة طويلة ما بين الدوري والأبطال.
حتى ديفيد مويس، مدرب وست هام، عبّر عن ندمه للموافقة على وجود 3 تبديلات، فرغم أنّ سبب موافقته جاء لأن الفرق الكبرى تمتلك دكة بدلاء أفضل، لكنّه وجد فريقه يعاني بدنيًا ولن يستطيع المواكبة، فرغم غيابه عن المشاركة الأوروبية لكنّه بحاجة إلى مزيد من التبديلات.
الأزمة حتى الآن لم تتفاقم – رغم إصابة أغلب لاعبي ليفربول والعديد من النجوم الآخرين – فلا تزال فكرة البوكسينج داي وخوض المباريات بصورة مضغوطة في فترة عطلة أعياد الميلاد مطروحة، مما يعني مزيدًا من الدمار البدني للاعبين.
مبابي، هالاند وأبرز المواهب القادرة على الفوز بـ "جول 50" في 2030
أوروبا تشترك في الجريمة
Gettyلأن فترة التوقف كانت طويلة والاتحاد الأوروبي يرغب في اللحاق بما فاته فقرر ضغط المباريات بشكل كبير.
بطولات مثل دوري الأمم الأوروبية مستمرة دون أزمة رغم أنّ الاهتمام الإعلامي بها أقل بكثير من بطولات أخرى، بجانب اللقاءات الودية الدولية التي لا قيمة لها وينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم.
هذه المباريات أدت إلى جرّ اللاعبين إلى المزيد من الإصابات، إما بكثرة اللقاءات التي يلعبونها أو حتى كثرة التنقل من بلد إلى بلد والعودة في الأخير بإصابة بفيروس كورونا.
حينما قررت اتحادات كرة القدم المختلفة التعامل مع اللعبة عقب جائحة كورونا لم تفكر سوى في الوضع الاقتصادي للعبة فقط وتجاهلوا العنصر الأهم وهو اللاعب.
لا مانع من إجبار فريق مثل غرناطة على خوض مباراة بغياب ثمانية من عناصره الأساسية بسبب كورونا، ولا ضرر من سفر شاختار إلى مدريد أو دينامو كييف إلى برشلونة في دوري أبطال أوروبا دون العديد من مصابين كورونا.
الكل مستمر واللعبة قائمة ولا يهم كم من مصاب ومن يحقق اللقب في النهاية وهل هناك عدالة، المهم أنّ عجلة المال لن تتوقف!
وكما قال توني كروس، نجم ريال مدريد، في حواره الأخير: "هذه البطولات الجديدة تأتي فقط من أجل الأموال والحصول على المزيد منها دون مراعاة لاستنزاف اللاعبين"!