يعود مساء الأربعاء دوري أبطال أوروبا من جديد، ولكن بحُلة جديدة بحثاً عن تجديد الدماء وإعطاء البطولة الأشهر والأقوى حول العالم روحاً جديدة، أو إذا أردنا التعبير بكلمات غير مصطنعة ومنمقة، بحثاً عن مزيد من الأموال وإضافة المزيد من المباريات لموسم مكتظ من الأساس.
36 فريقاً بدلاً من 32، لا دور مجموعات بل مجموعة واحدة بأربع مستويات وكل فريق يلعب 8 مباريات بالمرحلة الأولى بدلاً من 6، ويسافر أربع مرات بدلاً من ثلاث، والفرق التي لا تحل بالمراكز الثمانية الأولى ستكون أمام مباراتين إضافيتين لحجز تذكرة في دور ال16 وبداية مشوار البطولة الحقيقي.
هل تشعر بأنك قرأت عن نظام مشابه من قبل؟ نعم بالفعل، بالتحديد في 2021 عندما أعلنت السوبرليج عن النظام الذي ستقام به البطولة المغضوب عليها، 20 فريقاً ستقسم على مجموعتين، كل مجموعة يلعب فرقها ضد بعضهم البعض ذهاباً وإياباً، ثم الثلاثة الأوائل من كل مجموعة يتأهلون مباشرة لربع النهائي، والرابع والخامس يلعبون ملحق لإكمال الثمانية فرق بنفس الدور.
تشابه كبير في الشكل النهائي لدوري الأبطال والمسابقات الأوروبية بداية من هذا الموسم بنظامها الجديد، وذلك الذي كان مقترحاً للسوبرليج، ولكن مع بعض الاختلافات، إذ في الأخيرة الفرق محدداً مسبقاً، وإن كان الأمر بدا أنه قابل للتغيير بعد عاصفة الرأي العام، وقال المسؤولون إن سيتم فتح باب الهبوط والترقي، بينما يبقى دوري الأبطال والدوري الأوروبي والمؤتمر التأهل لهم عبر الدوريات المحلية والترتيب النهائي بها، وإن كان تحصلت إيطاليا وألمانيا على مقعد إضافي من باب النظام الجديد ومعادلة النقاط المجموعة تراكمياً.
فارق جوهري بين البطولتين هو حجم الأرباح الذي سيتحصل عليه كل نادي، في السوبرليج صافي ربح كل نادي كان لن يقل عن قرابة 400 مليون يورو عن الموسم، بينما في دوري الأبطال إذا أخذنا إنتر الإيطالي كمثال، فالنادي يضمن مبلغاً في حدود 60 مليون يورو فقط عن مشاركته هذا الموسم، قد ترتفع مع تقدمه في المسابقة وحساب الأرباح عن البث، بينما الموسم الماضي الذي شهد خروجه من الدور ال16، جمع الفريق تقريباً 50 مليوناً، وحين بلغ نهائي البطولة قبلها بعام وصل إجمالي مكاسبه لقرابة 80 مليوناً.
السؤال، أين ستذهب تلك الفوارق في الأموال؟ لماذا في السوبرليج كان سيحصل كل نادي على الأقل على أكثر من ثلاثة أضعاف ما يتحصل عليه من الأبطال في شكلها الجديد؟ ذلك لأن النظام الجديد لبطولات يويفا سيزيد من أرباح الاتحاد نفسه، عكس السوبرليج التي كانت الأموال ستدور بين الأندية المؤسسة فقط، وبالتالي تضمن ربح صافي وحصولها على كل عوائد البث والإعلانات عكس يويفا الذي يستأثر بالجانب الأكبر من تلك الأموال بسيطرته على البطولات المجمعة.
أثناء إقامة قرعة دوري الأبطال لهذا الموسم، تم عرض فيديو أثار حفيظة الكثيرون رغم ظهور عديد النجوم من أمثال لويس فيجو وزلاتان إبراهيموفيتش وجيجي بوفون، ولكن بسبب الإسقاط المباشر على السوبرليج أثناء الترويج للشكل الجديد للأبطال، وإظهار رئيس يويفا أليكساندر تشيفرين في دور البطولة وكأنه الفارس الذي أنقذ كرة القدم بتقديم هذا النظام المستحدث.
لم يخف أبداً تشيفرين امتعاضه من مؤسسي السوبرليج، وعلى رأسهم رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز، وصديقه المقرب السابق أندريا أنييلي، وخرج واتهمهم علناً بإفساد الكرة، وخلط الأمور الشخصية بالعمل لدرجة التحسر على كونه الأب الروحي لإبنة رئيس يوفي السابق، وعمل طوال السنوات الثلاث الأخيرة على دفن مشروع البطولة ومحاربتها بكل الطرق، وإن كان القضاء حكم بشرعية تأسيسها بنهاية الأمر.
مع ظهور السوبرليج كانت بمثابة الشيطان الأعظم والسطر الأخير في حكاية كرة القدم بالشكل الذي نحبه من وجهة نظر الكثيرون، ولكن الآن مع مرور الوقت أدرك أغلبية هؤلاء أن هذا الشيطان صنع شيطاناً أكبر يتخفى تحت قناع "حامي الحماة"، مجهول الهوية صعد من سلوفينيا حتى قمة الهرم الكروي في أوروبا، واستغل شر كبير لصناعة ما هو أسوأ ولكن لخدمة مصالحه الشخصية هو ومؤسسته، متناسياً الأضلاع الرئيسية من لاعبين وجمهور في المعادلة، هؤلاء الذين سأموا وتعبوا من كثرة المباريات وتكرارها، وبدأ يصل لهم معنى ما كان يقوله بيريز أو بيكيه بخصوص أن الأجيال المقبلة لن تطيق مشاهدة اللعبة من الأساس.
بدا الأمر مزاحاً في الفيديو التقديمي بين إبرا وتشيفرين عندما قال له الأول إن هذه البطولة تبدو مثل السوبرليج، ليقاطعه الثاني قائلاً لن تحدث هذه أبداً، لأننا في إمبراطورية السلوفيني التي تخضع لكلمة رجل واحد في هذا العصر الجديد تحت شعار "كرة القدم للجميع".