#Pirlolandia أو عالم بيرلو، هكذا عنوت الصحف الإيطالية تجربة أندريا بيرلو مدرباً ليوفنتوس في الأسابيع الأولى لها، حتى قبل خوضه أي لقاء رسمي مع السيدة العجوز، وذلك بالاعتماد على أفكاره ومبادئه الكروية.
عندما أعلن يوفنتوس تعيين صانع ألعابه السابق مدرباً للفريق الأول في الثامن من أغسطس الماضي، بعد أقل من أسبوع فقط من تعيينه مدرباً لفريق تحت 23 عاماً، كان بيرلو يعلم حجم المخاطرة بأن يخوض أولى تجاربه التدريبية من بوابة البيانكونيري المتزعم لتسع سنوات متتالية في إيطاليا، والمهووس بنقل نجاحاته المحلية إلى الصعيد القاري.
وصول بيرلو إلى يوفنتوس أتى معه مزيجاً من التشكيك بسبب قلة الخبرات أو انعدامها إذا صح التعبير، والتفاؤل بأن يكون ربما بيب جوارديولا أو لويس إنريكي جديد، وبعد ثلاثة شهور يمكن القول إن بعضاً من ملامح الرجل التدريبية بدأت في الظهور.
Gettyوقت تعيينه، انتشرت الأطروحة الخاصة برسالة المدير الفني من أجل حصوله على شهادته التدريبية، والتي كشفت إعجابه بالكرة الشاملة، وخصوصاً تلك الخاصة بأريجو ساكي مع ميلان، إذ يفضل الاعتماد على الكل في الهجوم والدفاع، كما أبدى انبهاره بمدربه السابق والحالي لأبرز منافسيه إنتر على صعيد الرسم الخططي وتحفيز اللاعبين وتجهيز اللقاءات.
وكان بيرلو وفياً لأفكاره، فكان الاعتماد على خطة كونتي باللعب بثلاثة في الخلف، ولكن طبقها على شاكلة 3-4-1-2، بالاعتماد على ثلاثي ميدان هرمي بوجود لاعب منوط أكثر بالأدوار الهجومية عن الثنائي الآخر، ومرة وحيدة غيرها للعب برباعي خلفي في الخسارة أمام برشلونة بالأبطال، وإن كانت طريقة اللعب داخل المباراة تنقلت بين الخطتين.
Goal Arلعب يوفنتوس حتى الآن 10 مباريات تحت قيادة بيرلو، مع الأخذ في الاعتبار أن من ضمنها لقاء نابولي الذي فاز به على الورق 3-0 بسبب عدم حضور الخصم، ففاز في خمس منها، وتعادل في أربع، وخسر مرة وحيدة أمام برشلونة.
أولى الملاحظات الفنية على الفريق هي الدفاع، مرتان فقط خرج بشباك نظيفة، أمام سامبدوريا بالجولة الأولى، ومع دينامو كييف خارج أرضه أوروبياً، الفريق يستقبل الأهداف بسهولة، وأي خصم منظم يعرف كيف يصل لشباك تشيزني أو بوفون بكل يسر، سواء كان برشلونة أو سبيزيا.
ولكن بيرلو الذي يفضل ثلاثي خلفي لم يحالفه الحظ بسبب الإصابات، فدي ليخت بعد غائب منذ الصيف ولم يلعب معه أي مباراة، وكيليني كعادته في السنوات الأخيرة مصاب معظم الأوقات، ليتبقى فقط ديميرال وبونوتشي، ودانيلو الذي أصبح رجل الثقة للمدير الفني بعد أن أجاد يسار ويمين الدفاع ولعب كل الدقائق حتى الآن.
ثاني الملاحظات هي خط الوسط، فكما أحيا بيرلو دانيلو، نجح في الأمر ذاته مع رابيو وجعله لاعباً متكاملاً وقطعة أساسية في خطته، ولكن بقية الأسماء بعد لم تتوهج، فبينتانكور ليس نفس اللاعب الذي كان عليه مع أليجري وحتى ساري، وأرتور حتى الآن لم ينسجم، مما جعل الفريق سهل الانكشاف في المرتدات، وظهور فجوة كبيرة بين خطي الوسط والدفاع، مما عجل بالاستعانة بالورقة الجديدة مكيني بسبب مجهوده البدني الوافر، وأحياناً حتى كثالث الوسط لتوفير يد إضافية للثنائي الآخر في التغطية.
Getty compositeثالث خط الوسط، والذي يعد أقرب لدور صانع الألعاب فضل فيه بيرلو رامسي لما يملك من خصائص هجومية مميزة، ولكن الويلزي كان وفياً لعادته وأُصيب، ليتحول بيرلو نحو السويدي كولوشيفسكي الذي حتى الآن لم يجد له التوظيف الأفضل، إذ جربه على الأطراف كظهير جناح، وصانع ألعاب، بالإضافة إلى مركز المهاجم الثاني، مما أثر على مردوده وأبعده عن التألق الذي كان عليه الموسم الفائت في بارما.
ثالث الملاحظات تتعلق بخط الهجوم، بدا واضحاً أثر الكرة الشاملة، فرغم غياب رونالدو لقرابة أسبوعين بسبب كورونا، لم يتأثر الفريق هجومياً كثيراً واستمر في هز الشباك بفضل المتألق موراتا، وازداد توهجاً الأخير مع عودة النجم البرتغالي والثنائية المميزة التي تكونت بينهما.
ولكن علامة الاستفهام في هجوم يوفنتوس تبقى باولو ديبالا، وتلك مشكلة واجهها ساري ومن قبله أليجري والآن بيرلو في البحث عن المركز الأفضل للأرجنتيني الذي حتى الآن بدا تائهاً ولم يقدم الإضافة كما كان الحال في الموسم الماضي.
Getty Imagesالأشهر الأولى لبيرلو لم تكن سهلة كما كان متوقعاً، وجرأته الخططية ساهمت مع غياب النجوم بسبب الإصابات وكورونا، بالإضافة لتلاحم وضغط المباريات في تذبذب النتائج، ولكن نحن نتحدث عن يوفنتوس الذي يبحث عن لقب عاشر على التوالي في الدوري على أقل تقدير، ويطمح للذهاب بعيداً في أوروبا.
المراهنة على بيرلو منذ البداية كانت قراراً جريئاً من أنييلي وإدارة يوفنتوس، وكانت تعلم أن النجاح ليس مضموناً منذ العام الأول في ظل الظروف الراهنة وتحسن المنافسين، ولكن هل يكون الصبر حليفها أم يكون القرار مختلفاً إذا استمر التذبذب؟ الموسم بعد في بدايته، وبعد انتهاء فترة التوقفات الدولية للعام الحالي واستقرار الرزنامة سيختلف الكلام، ووقتها يمكن الحكم بشكل أفضل على بيرلو.


