عاد "الرئيس الذهبي" جوان لابورتا لرئاسة برشلونة لفترة ثانية بعد الفترة الأولى التي امتدت من 2003 الى 2009، لكن بظروف مختلفة وعهد مختلف ومسؤوليات أكبر بكثير مما كانت عليه فترته الأولى.
اعتاد لابورتا على الأزمات وتخطيها، فترته الأولى لم تكن تتويجات وأمجاد فقط، بل العمل في فترة انتقالية بين حقبتي ريكارد وبيب جوارديولا، بظل ما حملته هذه الفترة من انتقادات لخياراته.
لكن اليوم؟ "النوستالجيا وحدها لا تنفع"، لابورتا أمام تحديات تاريخية بكل ما تحملها الكلمة من معنى، ولكنه عاد إلى النادي مرتكزاً على إنجازات سابقة، فالأسئلة الكبيرة تُطرح: كيف سيُقنع ميسي بالبقاء أو التمديد حتى؟ كيف "يُعيد سمعة النادي"؟ لأن الماضي الجيد لا بُد وأن يقترن مع خطط كبيرة خصوصاً بالشق الأهم: ما تركه سَلَفه من ديون فلكية قصيرة الأمد، وتعبير "قصيرة الأمد" تعني أن هناك مبالغ مالية هائلة مُستحقة بعد 3 أشهر فقط (يوليو 2021).
لابورتا يبدأ العمل مباشرة ويحاول خطف ألابا من ريال مدريد
تفاصيل "تركة بارتوميو المالية"
دخول الشرطة مكاتب الكامب نو والتحقيق الذي ينتهي بسجن الرئيس السابق بارتوميو هو إشارة إلى هذه التركة، إلى سوء إدارة ليس بالسهل خلافتها، فالإدارة السابقة كانت تهتم بشأن "إلغاء الخصوم" قبل الاهتمام الفعلي بالشؤون الإدارية والمالية، هل نتجنّى عليها أو نبالغ بالكتابة القاسية؟ فلتحكموا/ن:
- حجم الدين الذي تركه بارتوميو خلفه للابورتا يبلغ مليار و200 ألف يورو (زيادة قدرها 15.3% عن العام الفات)، أعلى نسبة ديون في أوروبا والنسبة الأعلى في تاريخ النادي، الأزمة ليست بالرقم، فأندية أوروبا بكاملها تُعاني بسبب جائحة كورونا، إلا أن برشلونة يُعاني بفداحة أكبر.
- أكثر من 300 مليون يورو يتوجّب على برشلونة سدادها مع شهر 6 هذا العام، أي بظرف 3 أشهر من كتابة هذه السطور واستلام لابورتا سُدة الحكم.
- 196 مليون يورو من هذه الديون تعود لنادي ليفربول عن فيليبي كوتينيو - أياكس أمستردام عن فرينكي دي يونغ - أتلتيكو مدريد عن أنطوان غريزمان - بوردو عن مالكوم- غريميو البرازيلي عن آرثر وبايرن ميونخ عن ارتورو فيدال، أي عن لاعبين معظمهم غادروا النادي لكن برشلونة ما زال مديون لأنديتهم السابقة كدفعات مستقبلية مُستحقة ضمن العقود (صفقات أتت بالتقسيط).
- يُعاني النادي مع البنوك من أجل المزيد من القروض للتسديد، ماذا يعني ذلك؟ الصعوبات في سوق الانتقالات القادمة، إذ لم تتوفر السيولة المطلوبة للتدعيمات الأساسية.
- هل برشلونة هو النادي الوحيد "المديون"؟ بالطبع كلا، الديون أمر طبيعي لدى الأندية لكن ليس بهذا الحجم وليس عندما يتعلّق الأمر بلاعبين أصبحوا أصلاً خارج النادي، المسألة هنا أن بارتوميو الرئيس السابق اعتمد أسلوب واحد بالتعامل مع الأمور: التأجيل وتحميل المسؤولية لسلفه،
ماذا يعني ذلك؟
- كان يتم اعتماد سياسة التوقيع مع لاعبين "أسماء على الورق فقط" وإدخالهم بالمنظومة لاحقاً، فيليبي كوتينيو وأنطوان غريزمان مثالاً، ما زال النادي مديون بسببهما، ما زالا "لم يتأقلما (مشكلة أضافتها إدارة بارتوميو على الجهاز الفني) كما أن دخلهما هو ضمن قائمة الأعلى في النادي (مشكلة إدارية)، لكن "ما الذي يهم طالما الفاتورة تُدفع بعد رحيله"؟
- يُعاني برشلونة من مشكلة أجور مرتفعة إذ تُشكل فاتورة الرواتب ما يُقارب 76% من مصاريف النادي، وهذا الأمر ليس عائداً لمطالب اللاعبين فقط بل لإدارة لم تتفاوض بشكل صحيح؛ تجدر الإشارة إلى أن رابطة الدوري الإسباني أجبرت مراراً الأندية الإسبانية على تخفيض أجورها بهدف تخفيف النفقات الموسمية، لكن ما زال برشلونة هو العلى انفاقاً، وهذا أمر يتطلب إدارة مالية ومفاوضات كبيرة مع اللاعبين جميعهم لتخفيض هذه الفاتورة.
لابورتا: ميسي أعطى إشارة واضحة حول استمراره مع برشلونة
هذه هي التركة الإقتصادية فقط.. فما هي خطط لابورتا؟
قبل الدخول بأي تفاصيل إقتصادية تجدر الإشارة أن برشلونة رياضياً يريد العودة لمنافسة "الكبار"، لمقارعة كبار القارة الذين يملكون ثبات إداري والهم إقتصادي كبير، من مانشستر سيتي بايرن ميونخ باريس سان جيرمان، لكن النادي لا يملك ترف أن يكون مملكواً من شركات خاصة أو مستثمرين كبار، هو ملك الأعضاء، وهنا حالياً آفته الكبرى.
بنى خوان لابورتا حملته الانتخابية بمعظمها على قرار ميسي وقدرته على إقناع ليو بالبقاء، طبعاً الكتلان اقتنعوا بهذا الطرح لأنه حاز على أكثر من 53% من الاصوات ولأن علاقته بميسي متينة بالفعل، لكن السؤال كيف له أن يُمدد لميسي بعد كُل ما ذُكر؟ بل كيف سيصل إلى شهر يوليو والدفعة الأولى من الديون؟
كشفت صحيفة سبورت الكتالونية أن من أحد أول القرارات التي سيتخذها لابورتا هو الاتفاق على تعديل بعض عقود اللاعبين، أي تخفيض الأجور وتعديل بعض البنود، الأمر لا يقتصر على تعديل فقط:
*ميسي:
الاتفاق على تمديد عقده بنصف الأجر السابق

عقود أخرى وقروض
- بيع بعض اللاعبين الكبار، هذا حل، لكن هل هو مطروح أم لا وما هي الأسماء؟ عثمان ديمبيلي قد يُمدد عقده بطلب من لابورتا الموسم المقبل، أما أنطوان غريزمان فهو مُتاح وسُرّب بالاعلام أنه مهتم بالعودة إلى أتلتيكو، لكن تبقى شائعات صُحف، الأمر بخصوص فيليبي كوتينيو، وأخيراً فرانكي دي يونغ الذي طُرح بالاعلام ان بايرن ميونخ أبدى إهتماماً كبيراً به. برشلونة مُجبر على البيع، مجبر ولا خيار له، الأمر بمن سيقرر الاستغناء عنه، خصوصاً وأن بعض اللاعبين مددوا عقودهم قبل رحيل بارتوميو أي أن قيمة كسر عقودهم ارتفعت (بيكيه - لانغليت)
- قروض من البنوك او إعادة جدولة ديون، هو أمر مستبعد حصوله بسبب صعوبة قبول البنوك طلب برشلونة نظراً لعلنية أزمته المالية
- إبرام صفقة مع رُعاة جدد وهذا أمر كلياً منوط بعلاقات الرئيس الجديد، الذي يعرف عنه أنه قادر على هذا الأمر وبالفعل تواصل مع بعض الشركات كما أوضح في بيانه الانتخابي، ومع بعض الوقت ستظهر حقيقة الأمر.
- عودة الجماهير تدريجياً قد يُخرج برشلونة من الحال الحرجة لكن هذا الخيار ما زال مؤجلاً، ويُعتبر هذا الخيار مهم جداً للنادي لأن الكامب نو هو أكبر الملاعب سعةً للجماهير، كما أن ملعبه مرتبط بالمتحف الذي يُدخل عائدات كبيرة
