"عندما تمتلك 10 يورو لا يمكنك أن تذهب للأكل في مطعم الوجبة فيه ستكلفك 100 يورو"، كلمات خالدة لن ينساها أي مشجع ليوفنتوس تلك التي قالها أنطونيو كونتي في 2014 قبل أشهر من رحيله المفاجيء عن تدريب الفريق.
كونتي في ذلك الوقت رحل بطلاً للسيري آ، ولكن اختلاف وجهات النظر مع الإدارة حول التدعيمات وبناء فريق قوي يبحث عن الانتصار الأوروبي كانت سبباً في مغادرته أثناء التحضيرات للموسم التالي.
صاحب الشعر المستعار خرج بتصريحات مشابهة في الأيام الماضية بعد تذبذب نتائج فريقه الحالي إنتر، السقوط أمام بولونيا الغريب ثم التعادل مع فيرونا في الدقائق الأخيرة، الآفة التي عانى منها النيراتزوري مراراً هذا الموسم، جعلت الأجواء متوترة وفتحت مجالاً للحديث حتى عن رحيل مبكر لكونتي.
(C)Getty Imagesالحديث يدور عن عدم رضا المدير الفني عن قائمة فريقه الحالية، يريد لاعبين أصحاب خبرة وشخصية انتصارية، وليس مُعارين لسد الخانة، هو يريد فريقاً جاهزاً لتحقيق الانتصارات مباشرة كما تعود مع تشيلسي ويوفنتوس، وليس الدخول في عملية بناء لمشروع كما كان الاتفاق منذ الأيام الأولى مع إدارة النادي.
إنتر صرف الأموال الصيف الماضي، صحيح لم يلب كل طلبات كونتي في الميركاتو وفشل مثلاً في ضم إدين دجيكو أو أوليفييه جيرو، وأرتورو فيدال، ولكن في المقابل أعطاه روميلو لوكاكو، وكان هو من طلب ستيفانو سينسي وكريستيان بيراجي وفيكتور موسيس وأشلي يونج، بعضاً ممن وصفهم بمن لا يملكون العقلية الانتصارية ولاعبي "ساسوولو وكالياري".
يمكن تفهم موقف كونتي من لاعبيه مع تعاقب الإصابات واضطراره أحياناً لاستخدام تشكيل معين يجبر عليه، ولاعبين أصحاب إمكانيات محدودة مثل جاليارديني، ولكن أصابع الاتهام توجه نحوه أيضاً في جموده التكتيكي ورفضه اعتماد خطط بديلة تناسب إمكانيات لاعبيه والظروف الراهنة، أو فيما يخص برامجه التدريبية هو ومعده البدني بينتوس، والتي قد تكون سبباً في كثرة الإصابات العضلية للاعبيه.
Goal / DAZNكونتي كان يعلم منذ البداية أن الأجواء في إنتر ليست مثل يوفي أو حتى تشيلسي، الفريق غائب عن الانتصارات منذ عقد كامل فقد فيه الكثير من شخصية البطل ويحتاج لعمل كبير لإعادته لمكانته، ورغم ذلك وافق على التحدي، ومن هنا ربما الحديث عن تعجب الإدارة من تصريحاته الحالية عن "التقييم" لوضعه بنهاية الموسم.
من حق المدير الفني المطالبة بالمزيد من التدعيمات الصيف المقبل، ولكن الحديث عن قائمة تضم نجولو كانتي، إيمرسون بالمييري، دافيد ألابا، إدين دجيكو، ساندرو تونالي، وآخرين تعد ضرباً من المزاح، الفريق الحالي ليس بهذا السوء، يحتاج لدعم في بضعة مراكز ولكنه قادر على المنافسة والدليل أنه رغم كل العثرات يجلس ثانياً على بعد ست نقاط من يوفنتوس.
Gettyكونتي يحتاج للتعلم من أخطاء الماضي والتوقف عن الشكوى التي تكون طفولية أحياناً من طرفه، وإثبات جديته في التعامل مع التحدي الذي قبله بإعادة إنتر للقمة وإسقاط ناديه السابق يوفنتوس عنها، نعم الظروف ليست بالمثالية، ولكنها أيضاً ليست بذلك السوء الذي يصوره في بعض التصريحات، الفريق رغم كل ذلك ثانياً، صاحب أفضل دفاع في إيطاليا مع كل تلك الانتقادات، وهجومه الثاني فقط خلف أتالانتا.
في مؤتمره الصحفي الأول قال كونتي إنه يريد إنتر أقل جنوناً، ولكن العكس ما يحدث حتى الآن، النيراتزوري جذب مدربه "العاقل" وجعله أكثر جنوناً، فلمن ستكون الغلبة بنهاية الأمر، هل يسود الجنون أم العقل في تلك التجربة التدريبية الفريدة؟


