FBL-EUR-C1-PSG-TROPHYAFP

باريس سان جيرمان دون مبابي .. رهان "الإدارة قبل التجارة" الذي فاز به الخليفي وكامبوس وإنريكي!

14 عامًا من العمل، عديد النجوم الكبار، عدد من المدربين المميزين، عديد اللاعبين من الصف الثاني والثالث، والكثير الكثير من الأموال، وعدد من المشاريع المختلفة .. رحلة صعبة قام بها باريس سان جيرمان منذ استحواذ القطريين عليه عام 2011 تُوجت أخيرًا بتحقيق الحلم الأكبر وهو الفوز بدوري أبطال أوروبا وبإقناع كامل بعد نهائي شهد سيطرة مطلقة على الخصم، إنتر، وسحقه بـ5 أهداف نظيفة.

دعونا نوضح أولًا أننا لا يجب أن ننجرف إلى القول المتردد حول أن تتويج باريس اُثبت أن المال لا يصنع الأبطال والإنجازات، بالنظر لأن هذا الإنجاز تحقق بعد رحيل ليونيل ميسي ونيمار وكيليان مبابي، أصحاب الرواتب الخيالية، إذ أن المال لعب دورًا هائلًا في تحويل الحلم إلى واقع لكن فقط حين استخدم المال جيدًا وطبقت إدارة النادي الفرنسي ما كان يقوله لي جدي قبل سنوات عديدة .. "الإدارة قبل التجارة"، أي أن إدارة المال أهم من البيع والشراء في عالم المال والأعمال.

ناصر الخليفي، رئيس النادي، تبنى مشاريع كبيرة لتحقيق حلم الأبطال، لكن المشروع الوحيد الذي نجح كان القائم على الانضباط والالتزام أولًا، والاختيار المثالي للاعبين ثانيًا، وإطلاق يد المدير الفني ثالثًا، والصبر والحفاظ على الدوافع والشغف رابعًا، وكل هذا كان بتخطيط من المدير الرياضي لوكاس كامبوس والمدير الفني لويس إنريكي.

الباريسيين ومع اقتراب نهاية عقد مبابي، اختاروا أن يتوقفوا عن الخضوع للابتزاز الرياضي أو المالي وسمحوا للاعب بالرحيل، وهي الخطوة التي جعلت من الجميع يتوقع انهيار المشروع الفرنسي وتضاؤل فرصه في التتويج القاري، لكن الإدارة كانت تُجهز لمشروع جديد لا يعتمد على "القطب الواحد" في الفريق أو حتى "الأقطاب المتعددة"، بل بناء فريق جديد يعتمد على مزيج متوازن من المواهب الشابة والعناصر الخبيرة والقيادة الفنية الذكية، ولذا تم التعاقد مع لاعبين ذوي طابع جماعي، وتم منح إنريكي الصلاحيات الكاملة لتطبيق أفكاره، بعيدًا عن ضغط النجوم وطلباتهم الفنية المرهقة لزملائهم.

عمل الإدارة، الخليفي وكامبوس، توقف عند إحضار اللاعبين المطلوبين من المدرب الإسباني والتخلص السريع من أي "عقبات" قد تُعيق المشروع وتمنع تقدمه، ومن ثم تقديم الدعم الكامل للمجموعةن وبعدها انتقل الأمر إلى المدرب المخضرم الذي نجح في صناعة فريق جماعي منسجم تكتيكيًا وفنيًا بشكل هائل، قوي دفاعيًا وخطير هجوميًا، يعتمد على التحركات الجماعية المتناغمة دون كرة والأداء الجماعي المتقن بالكرة، والأهم يعتمد على التضحية من الجميع وللجميع، لا نجم فوق الفريق ولا أحد يلعب لصالح لاعب محدد .. الجميع يلعب لصالح باريس سان جيرمان فقط ولا غير.

ما ميز رحلة باريس سان جيرمان حتى النهائي في ميونخ هو السلاسة التكتيكية الهائلة في أداء اللاعبين، إذ مهما اختلف الأفراد فاليد العليا لأفكار المدرب التي كانت حاضرة دومًا بأي أسماء على الملعب، لذا لم نلحظ اختلاف كبير إن لعب هذا أو ذاك .. كانت روح الفريق وشخصيته الفنية والبدنية والتكتيكية حاضرة دومًا وهي بطل الرواية لا أي لاعب آخر مهما كانت قيمته الفنية.

هذا لا يعني بالطبع أن مبابي كان العائق أمام التتويج القاري، ولا يعني أنه لاعب سيئ أو أن ريال مدريد سيفشل بتواجده في الفوز بلقبه المحبب، بل يعني أن المهاجم الفرنسي لا يصلح لمثل تلك المشاريع الجماعية الطموحة، هو يُناسب مشاريع أخرى قد يكون منها مشروع ريال مدريد ... بالمناسبة، أثق تمامًا أنه يُناسب أفكار مدرب مثل كارلو أنشيلوتي، الذي اعتاد دومًا الاعتماد على خط هجوم يمتاز بالجهد والمهارة الفردية بعيدًا عن الجمل الفنية المتقدة في الهجوم.

باريس سان جيرمان حاول مع نيمار ومبابي وميسي ولكنه فشل في دمجهم في قالب جماعي واحد، لأن هذا يبدو مستحيلًا إلا في حالات استثنائية، مثلما حدث في برشلونة بيب جوارديولا الذي سخر كل مهارات النجوم لصالح الفريق، وحين تخلى عنهم وجلب اللاعبين القادرين على الاندماج والانسجام والتضحية لصالح الجماعية حقق حلمه الكبير.

ما حدث درس للجميع أن المال وحده لا يكفي، يجب أن يُستخدم جيدًا لبناء مشروع كروي ناجح، ولكن في نفس الوقت هو درس أن المال أصبح صاحب اليد العليا حاليًا في كرة القدم لأن بناء هذا الفريق البطل لم يكن بمجرد عدة ملايين من اليوروهات بل بالكثير منها!

إعلان

ENJOYED THIS STORY?

Add GOAL.com as a preferred source on Google to see more of our reporting

0