"من الواضح أن مانشستر يونايتد في منتصف الجدول، وهذا يقود لأشياء أخرى".
كانت تلك كلمات أسطورة كرة القدم الإنجليزية جاري لينيكر بعد هزيمة الشياطين الحمر من فريق إيفرتون بنتيجة (1-0) هذا الموسم في الدور الأول من الدوري.
جملة تطرح العديد من التساؤلات حول نظرة مجتمع كرة القدم حاليًا للفريق الأكثر تتويجًا بلقب الدوري الإنجليزي.
التعامل مع اليونايتد على أنه فريق في منتصف الجدول، هي عبارة عن فكرة لو قالها صاحبها من سنوات لكان يعامل كالمجانين.
لكن حاليًا لم يصبح الأمر من خيال البعض، فبالفعل النادي العريق ذهب رونقه أدراج الرياح، وتبقى منه القليل من اللحظات الرومانسية التي تذكر جماهيره بوجوده من وقت للثاني.
لماذا تشجع مانشستر حتى الآن؟
إذا كنت من مشجعي مانشستر يونايتد، فستجد أن كرة القدم تدمر لك عواطفك في أيام السبت والأحد وتقضي عليها في يوم الإثنين، وتتجاهلها تمامًا في الثلاثاء والأربع منذ بضع سنوات حتى الآن.
كيف يمكنك فعل هذا في نفسك، في نفس الوقت الذي بدا وأن نادي الشياطين الحمر عازمًا على تدمير كل فرصة تتمتع بها، عندما يبدو أن سبب وجودهم هو فقط لإزعاجك.
Gettyربما تكون المشكلة الحقيقية هي الإدراك، فمشجعين اليونايتد، اعتادوا على النجاح على مر السنين، خاصةً إذا نشأت خلال التسعينيات، فقد تعاملت مع اللقب بعد اللقب، وعلى الأرجح توقعت الفوز في كل مباراة.
الارتباط العاطفي للمشجع مع فريقه لا يمكن تفسيره، وهذه حقيقة مسلمة لا بد من أن نتجنبها في الحديث، لأنه لا يوجد شيء ملموس فيها يمكن التحدث حوله.
لكن إذا كانت العلاقة غير متبادلة، فلما لا؟ فالجماهير تحاول بشتى الطرق بث الروح الإيجابية كل موسم، والحديث عن نقاط القوة التي ستعود باليونايتد من جديد، في نفس الوقت الذي يتقهقر فيه مانشستر سريعًا على مدار الموسم.
ليظل التساؤل موجودًا لجمهور الشياطين الحمر، لماذا تشجع فريقك حتى الآن؟
واقع مرير ومستقبل مبهم
مصطلح "منتصف الجدول" له دلالات سلبية، بالنسبة للكثيرين، فهو يعكس الركود وانعدام الطموح، لكن بالنسبة للآخرين، فهو يعكس الراحة وقلة التوقعات الجامحة.
بالطبع يتواجد مانشستر في مراكز متقدمة في بطولة الدوري لفترات معينة من الموسم، ويعطي مشجعيه بعض الأمل في المنافسة على اللقب أحيانًا، أو حتى التواجد ضمن الأربعة الكبار.
والاتهام بكون الفريق في منتصف الجدول ليس حقيقيًا -الآن- لكن سيصبح كذلك إذا ما ارتضى جمهور النادي بالحالة المزرية التي تدفع الإدارة فريقها نحوها.
جملة جاري لينيكر لم تكن قاسية، ولا ظالمة، لكنها مؤشر على حالة انعدام الرؤية المتواجدة.
بجانب الغطرسة التي لا مبرر لها من قبل منظومة مانشستر يونايتد كلها، سواء من لاعبين قدامى أو جماهير ساخطة على فريقها.
فهناك حالة من التعالي على بقية الفرق وجماهيرها، وتقليل من طموح الآخرين في الحصول على لقب الدوري مثل ما حدث مع ليفربول.
على الرغم من كون هذه الفرق تحاول في صناعة مشاريع قوية وطويلة الأمد مثل مانشستر سيتي والريدز، كان جمهور اليونايتد يسخر منهم ويقلل من طموحهم، دون النظر إلى حالته التي تتدنى يوم بعد يوم.
كل شيء الآن في مانشستر هو عبارة عن عبث، لا رؤية ولا مشروع، واستحقاق زائف عند مشجعي الفريق، ومنظومة لا ملامح لها ولا أحد يعرف مستقبلها.
هوية مفقودة
إذا سألنا أحد مشجعي مانشستر حول هوية الفريق التاريخية سيسكت قليلًا ثم يبادر بالحديث قائلًا إنها هي الفوز في كل مباراة وتحقيق كل بطولة.
ثم يتحدث بعض الوقت حول فلسفة الانتصارات وتحقيقها بأي شكل وفي أي حالة، ويستطرد في كلامه عن بطولات فريقه التاريخية التي جاءت عبر هذه الفلسفة المتفردة.
والحقيقة أنه لا يمكن لوم هذا المشجع حول رأيه، وحتى وإن بدا غير واقعيًا، ففلسفة الفوز ليست إجابة منطقية عند الحديث عن الهوية التي يرسخها النادي منذ عقود إلى الآن.
لأن هذا المشجع اعتاد على الانتصارات، وتحقيق البطولات، ونعم بأي شكل وفي أي ظروف، هذه حقيقة لا يمكن إنكارها.
Gettyلكن نقطة الخلاف تكمن في شرح هوية النادي، الغير موجودة من الأساس، والمشكلة أن انعدامها يؤثر على الاختيارات الفنية للمدربين.
فبعد رحيل السير أليكس فيرجسون، جاء ديفيد مويس، وبعد فشله رحل وتم استقطاب المخضرم لويس فان جال، قبل أن يغادر بعد عدة مشاكسات ويأتي التاريخي جوزيه مورينيو، ومن بعد الهجوم الناري عليه من الجماهير والسخط على أسلوبه الدفاعي، لجأ اليونايتد لأولي جونار سولشاير، وحاليًا رالف رانجنيك والقادم تين هاج.
وبالنظر إلى هذه القائمة المدهشة من المدربين أصحاب الخبرات والشباب، والذين يلعبون كرة قدم دفاعية، وغيرهم من يلعبونها هجومية، سنفهم سويًا فكرة انعدام الهوية التي نطرحها الآن.
فكيف يمكن لفريق أن يستمر على نهج واحد، وهو يغير مدارس التدريب في النادي بهذه السرعة ودون وجود فلسفة اختيار واحدة، فما هي المعايير؟ هل هي أن يكون المدرب صاحب نجومية عالية؟ أم كرة قدم مختلفة؟
لا أحد يعلم، لكن الواضح للكل أن الاختيارات لم تكن مبنية على أسس علمية ورياضية، لكن العشوائية هي ما تحكم كل شيء.
Getty / Goalالآن يدرب مانشستر المدير الفني الألماني رالف رانجنيك صاحب أفكار الضغط القوي على حامل الكرة والوصول للمرمى بأقصى سرعة ممكنة وفي عدد تمريرات قليلة، والموسم المقبل سيتحمل المسؤولية تين هاج، المدرب الهولندي صاحب أفكار الاستحواذ والسيطرة وصناعة الفرص عبر تمريرات عديدة.
ومن قبل كان هناك جوزيه مورينيو، الرجل الحديدي صاحب الأفكار الدفاعية الصلبة، واللعب على التحولات السريعة المرتدة.
بين هذا وذاك يظل الفريق تائهًا، فلا يعلم أحد ولا حتى اللاعبون ما هي رغبة الإدارة أو المشجعون، أو الكرة التي يتمنى الجميع رؤيتها من النادي، العشوائية في القرارات هي ما تحكم الآن.
مانشستر بلا مشروع، أو معايير واضحة في أي اختيارات، ولا منظومة متماسكة، وبدون رغبة في صناعة هوية خاصة للفريق، أو حتى استدعائها من شخصية النادي.
لا أحد يعلم إذا ما كان سيدخل الفريق في نفق ظلم، أم ستكون بداية النور عبر رحلة تين هاج، في كل الأحوال، هذا ما جناه على مانشستر الجلايزرز، فلا تتعب أعصابك يا صديقي، مشجع الشياطين الحمر.
اقرأ أيضًا..
التركيز على مدريد جعله خارج الخدمة .. ردود الفعل حول أداء صلاح ضد توتنهام
إلى صلاح وليفربول .. أحذروا موبقات بايرن ميونخ وريال مدريد!
وسط المداورة والتجارب .. هل يفكر تشافي في موسم برشلونة المقبل؟


