خرج الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قبل سنوات قليلة بمشروع جديد ليحكم عملية البيع والشراء وسوق الانتقالات الخاص بكل نادي.
أطلق وقتها الاتحاد الأوروبي حزمة من القوانين الجديدة الخاصة بتنظيم تلك العملية بهدف منع أي نادي من تحقيق خسائر فادحة قد تتسبب في افلاسه لاحقًا، وأطلق عليها قوانين اللعب المالي النظيف.
كان من ضمن أهداف تلك القوانين أيضًا بجوار حماية الأندية من نفسها، حماية الفرق الأقل قدرة على الشراء من تلك التي تشتري بأرقام مرعبة.
لكن ليس ذلك ما حدث فعلًا في السنوات الماضية، فكيفية تطبيق القوانين جعلت الأمر أصعب على الأندية الأقل دخلًا، فهم بالتبعية لا يستطيعون أن يشتروا بنفس الطريق التي يتسوق بها غيرهم من الكبار أصحاب المدخلات العالية.
بحث الكبار عن مخارج من تلك القوانين وبالفعل أوجدوها بأكثر من شكل، فمنهم من يملك علاقات طيبة بأندية آسيوية يسوق فيها لاعبينه الذين أصبحوا غير هامين للتشكيلة الأساسية للحصول على دخل كبير حتى لو كان وهمي، فسيسمح لهم بإعادة استثمار ذلك المبلغ على سوق الانتقالات الخاص بهم دون الدخول في حسابات خاصة بالخسارة المادية.
gettyومن تلك الأندية من أبرم عقود رعاية أكبر بكثير من قيمتها الحقيقية فقط لأن مالك النادي يعد مالكًا لشركة تضع الإعلانات على قمصان الفريق.
ذلك الأمر الأخير تكرر في أكثر من فريق لكنه لم يصبح بنفس الفاعلية التي بدأ بها قبل سنوات، فخضعت تلك الفرق للتحقيق من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في ذلك الشأن.
لكن لتكون الكفة متساوية من جديد أو لتتقارب الفوارق الكبيرة بحثت الفرق الأقل دخلًا على مخرج لتلك الأزمة، وانضمت لهم الفرق الكبيرة مؤخرًا.
الفكرة الأساسية هنا هي شراء مالك النادي لنادي آخر يبرم معه الصفقات بما يسمح له بالتلاعب في الأرقام ليمنح فريقه الأساسي أفضلية مادية على بقية الفرق في نفس الدوري أو الاتحاد القاري.
لكن دعونا لا نلقي الاتهامات بشكل علني على أشخاص وأندية، بل نلقي الضوء فقط على أمثلة للأندية التي يمتلك ملاكها أندية آخرى يبرمون معهم صفقات عديدة، دون أن نشير لكون تلك الصفقات تخدم مصلحة فريق على حساب الآخر فيما يتعلق باللعب المالي النظيف.
بين إيطاليا وإسبانيا وإنجلترا في وقتًا ما كان هناك مالك واحد لثلاث أندية هم غرناطة وواتفورد وأودينيزي، تلك الفترة شهدت تعاقدات كثيرة بين الأندية الثلاثة، وأحيانًا لم تكن ضرورية بشكل كبير، المثير هنا أن عائلة بوتزو التي امتلكت الثلاث فرق تم التحقيق معها بشأن مخالفات مالية في إنجلترا مع نادي واتفورد في ٢٠١٧.
Getty Imagesليس بالضرورة أن تظهر مخالفات مالية عندما يتعلق الأمر بمالك واحد لأكثر من نادي، فمن الممكن أن نرى الملكية المشتركة تذهب لما هو أهم من ذلك، وهو تطوير اللاعبين مثلما هو الحال بين مانشستر سيتي وجيرونا.
في عام ٢٠١٧ أعلنت مجموعة سيتي لكرة القدم عن شراء أغلبية أسهم نادي جيرونا الصاعد للدوري في ذلك الوقت، ومن وقتها ودعم مانشستر سيتي للأخير مستمر بشراء اللاعبين واعارتهم لهم، في المقابل يحصل السيتزينز على ما يريده، وهو تطوير هؤلاء النجوم وحصولهم على دقائق ثم عودتهم لهم أكثر نضجًا وقدرة على المشاركة في مستويات أعلى، فإما البقاء مع الفريق أو البيع برقم أكبر، وهكذا الأمر لا يعد مخالفة مالية بل استثمار شرعي في نجوم لديهم مستقبل مشرق.
مثال آخر على الأندية التي لدى ملاكها نادي آخر في دولة مختلفة هو إنتر المملوك لمجموعة "صانينج هودينجز" الصينية، والتي تمتلك أيضًا فريق جيانجسو صانينج.
ومؤخرًا رأينا جيانجسو يشتري جواو ميراندا من صفوف إنتر بشكل مجاني رغم أن اللاعب عقده في النيراتزوري كان مستمرًا.
الأمر تكرر في الصيف الماضي عندما إنضم إيدر لصفوف الفريق الصيني مقابل حوالي ستة مليون يورو فقط.
هل يتنبه الاتحاد الأوروبي لسبل التلاعب المتاحة أمام الأندية التي يملك ملاكها أكثر من نادي آخر ويزيد من صرامة قواعده الخاصة باللعب المالي النظيف، أم يترك الباب مفتوحًا للإخلال بالمبادىء التي وضعها قبل سنوات لتنفيذ أفكار.
