Curtis Jones Liverpool 2019-20Getty Images

الطريق نحو المجد.. كيف يبني ليفربول الجيل القادم من كرة القدم؟

لو سألنا جيمس ميلنر عن اللحظة المفضلة له هذا الموسم، الإجابة لن تكون كما تتوقعها أبداً، ليست هدفه من ركلة جزاء في اللحظة الأخيرة ضد ليستر سيتي في أكتوبر، أو الفوز على مانشستر سيتي بعدها بشهر.

لحظة ميلنر المفضلة لا تتضمن كذلك الانتصارات على أرسنال وتوتنهام وليفربول ومانشستر يونايتد وتشيلسي، بل في الحقيقة مباراة لن يلعبها من الأساس هذا الموسم.

المواجهة التي أبهرت ميلنر كانت فوز ليفربول على شروزبيري تاون بالمرحلة الرابعة من كأس الاتحاد الإنجليزي، وبالتحديد مباراة الإعادة على ملعب أنفيلد التي انتصر فيها فريقه.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

مصدر مسؤول داخل ليفربول قال عن موقف ميلنر من هذه المباراة:"لم أراه بهذه السعادة أبداً، كانت في حالة نشوة وفخر بكل ما قدمه اللاعبون الشباب والجهاز الفني بقيادة نيل كريتشلي.

ربما يمتلك ميلنر كل الحق تجاه شعوره نحو هذا اللقاء، لأنه كان استثنائياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، الفريق لعب بدون الأساسيين وبدون حتى مدربه ومُلهمه يورجن كلوب، ومع ذلك ظهرت عظمة الأنفيلد بفضل شبابه مرة أخرى.

نماذج مُشرفة

Neco Williams Liverpool 2019-20Getty Images

متوسط أعمار الفريق بهذه الليلة وصل إلى 19 سنة و18 يوماً فقط، تحت قيادة أصغر كابتن في تاريخ النادي أمام 52 ألف متفرج.

الظروف اتحدت مع أزمة يورجن كلوب والاتحاد الإنجليزي الشهيرة، من أجل منح هؤلاء الشباب الفرصة من أجل تذوق طعم ارتداء قميص الفريق الأول، 22 لاعبًا ظهروا للمرة الأولى لهم هذا الموسم بمتوسط أعمار قليلة جداً.

ميزة كبيرة يمنحها ليفربول للاعبيه، لتظهر العديد من المواهب الصاعدة، مثل كورتيس جونز، بيدرو تشريفيلا وجانا هويفر، وهارفي إيليوت القادم من فولهام، بالإضافة للغني عن التعريف ترينت أرنولد.

قصص عظيمة في كل مكان، بداية من آدم لويس الظهير الأيسر، الذي تألق ضد شروزبيري في الظهور الأول له بعد العودة من إصابة كبيرة في الركبة، حيث حصل أخيراً على الفرصة لتحقيق حلمه بالنادي الذي تواجد به من سن الخامسة.

ماذا عن توم هيل؟ صاحب الوجه الملائكي البالغ من العمر 17 سنة فقط، ومع ذلك تراه يلعب بدون أي رهبة، أو ياسر لعروسي صاحب الأصول الجزائرية الذي كان جناحاً منذ 18 شهراً، لكن مركزه تغير في يناير ليلعب كظهير أيسر ويتصدى لثيو والكوت وريتشارليسون في ديربي الميرسيسايد أمام إيفرتون.

وعلى الناحية الأخرى كان هناك نيكو ويليامز، الذي قدم مستوى لا يقل عن ما يفعله ترينت أرنولد، ليؤكد لكلوب أن مركز الظهير الأيمن في أمان لسنوات طويلة.

الطريق نحو المجد

HD Alex Inglethorpe Jurgen KloppLiverpool FC

قصص عظيمة وذكريات رائعة، ولكن الرسالة واضحة للجميع، استمتع باللحظة ولا تفكر كثيراً في المستقبل.

"نحن لا نحتفل بالبدايات لأننا لا نريد أن تكون اللحظة الأفضل بمسيرة اللاعب هي ظهوره الأول بقميص الفريق أو الفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي للشباب، السؤال الأهم ما هو قادم".

بهذه الكلمات يلخص أليكس إنجليثورب مدير أكاديمية ليفربول عقلية الريدز، في تصريحات خاصة قالها لموقع "جول" العام الماضي.

وأضاف:"البعض يستخدم المصعد والآخر السلم العادي"، لا توجد ضمانات لأي لاعب حتى يصبح مثل أرنولد كواحد من أفضل الأظهرة في العالم في زمن قياسي.

البعض سينزل لسفح الهرم والآخر سيتخفى تماماً عن الصورة، وهو ما جاء في دراسة لرابطة اللاعبين المحترفين في 2017، حيث كشفت عن معدل اختفاء 5 أو 6 لاعبين من كل أكاديمية بالأندية الكبرى عن كرة القدم تماماً عندما يبلغ عمرهم 21 سنة.

الأسباب عديدة وراء هذا التراجع، ربما نقص القوة، ليست من الناحية البدنية فقط ولكن كذلك العقلية اللازمة من أجل النجاح، وهو ما يؤمن به ليفربول ويحاول تأمينه السنوات القادمة.

نيل ميلور الذي لعب 22 مباراة مع الفريق الأول للريدز في 2002 إلى 2005، يتذكر اللحظة التي أخبره فيها ستيف هيواي بالاستعداد عن النادي، مما تسبب تماماً في تدميره من الناحية النفسية، سيناريو لا يجب تكراره مرة أخرى في أنفيلد.

ضوابط مالية

Harvey Elliott, Ro-Shaun Williams, Liverpool vs ShrewsburyGetty

المال يعتبر ميزة وعيب في نفس الوقت للاعبين، عندما يحصل أي شاب على قدر كبير من الأموال في سن صغير، فربما تكون هي أقصى ما يفكر فيه وسقف طموحاته.

ولذلك قام ليفربول بوضع سقف راتب الأكاديمية 40 ألف جنيه إسترليني فقط سنوياً، رغم التقدم السريع الذي يحرزه البعض في مرحلة سنية صغيرة.

إنجليثورب قال عن هذه الخطوة:"هذا الشيء الصحيح الذي يجب فعله، رأيت البعض يحصل على مبالغ كبيرة، ولا يمكنني تذكر ما قاموا به في هذه المرحلة السنية".

وتابع:"رأيت أيضاً البعض الآخر يدفعون ما يكفي للعيش بأجور متواضعة، هؤلاء لدي قائمة طويلة للغاية منهم".

العمل الشاق والتواضع هو السلاح الأفضل والأنسب الذي يراه ليفربول، من أجل اكتساب اللحظة التي يحصل فيها اللاعب على راتب ضخم، ليتساوى بنجوم الفريق ساديو ماني ومحمد صلاح وفيرجيل فان دايك وغيرهم.

الكرة وحدها لا تكفي

Liverpool new training centre

الرعاية لا تتوقف عند الجانب الرياضي أو المالي فقط، بل يمثل التعليم أهمية كبيرة في أكاديمية ليفربول، حيث يدخلون مدرسة رين هيل المعروفة، وهي مدرسة ثانوية شاملة على بعد 10 أميال من كيركبي.

النادي كذلك يعمل بشكل داخلي لضمان تعليم اللاعبين، بمختلف أمور الحياة، سواء قضايا اجتماعية أو صحية أو محلية وعملية، تنظيم زياراة منتظمة وتشجيعهم على القراءة وتعلم مهارات جديدة في الطبخ أو اللغة.

الأمر وصل لتنظيم زيارة لمجموعة من اللاعبين الأكاديميين، لنورماندي جولد، واحدة من المناطق الخمس لغزو الحلفاء لفرنسا المحتلة من قبل ألمانيا عام 1944، بتواجد بيرنارد مورجان الذي كان يعمل في كسر شفرة سلاح الجو الملكي، حيث روى لهم تجربته في الحرب العالمية الثانية.

النادي يحرص كذلك على تواجد لاعبين سابقين له ضمن الأكاديمية، من أجل توفير المعرفة الكافية للاعبين، وتقديم دعوات لمختلف النجوم مثل ستيف مكمنامان وروب جونز مدافع الفريق السابق.

الموقف لن يظل جامداً عن هذا الحد، بل هناك تغييرات كبيرة من المتوقع حدوثها، خاصة بعد رحيل نيل كريتشيلي لتولي منصب المدير الفني لبلاكبول، حيث قد نشهد صعود أسماء جديدة للصورة.

ليفربول ينتظر كذلك انتهاء أزمة فيروس كورونا بفارغ الصبر، لينتقل إلى ساحته التدريبية ومقره المتكامل الذي بلغت تكلفته 50 مليون جنيه إسترليني، للسعي نحو تجربة استثنائية غير مسبوقة للكرة الإنجليزية.

إعلان