بالأمس القريب، إذا قمت باستطلاع رأي حول أقوى الدوريات العربية، النتيجة ستكون الدوري السعودي، وبفارق عن أقرب منافسيه، الحديث هنا ليس مقتصرًا على الإثارة والقوة داخل الملعب فقط، هنا تختلف الآراء ما بين السعودي وآخرون يقولون المغربي، وفئة ثالثة الجزائري وهكذا تتعدد الفئات، لكن النتيجة الكاسحة ستكون للسعودي إذا تحدثنا مجملًا، ليس الجانب الفني فقط، إنما الجانب الإداري والحضور الجماهيري والتزامات اتحاد الكرة تجاه الأندية، ودعم الدولة للأندية، وغيرها من الجوانب، التي يتفوق بها كثيرًا دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين.
لكن إذا أجريت الاستفتاء نفسه بهذه الأيام، ربما لن تكون النتيجة كاسحة، قد يتفوق الدوري السعودي فنيًا رغم تراجع أداء كبار أنديته بالموسم الجاري، لكن على المستوى الإداري، تراجع كثيرًا..
اقرأ أيضًا | عذر البليد .. زيادة عدد الأندية!
أعلم تمامًا أنه ربما يتردد في أذهانكم الآن عبارة: "وما الجديد؟ الجميع تراجع بعد جائحة كورونا"، نعم! التراجع حالة عامة في كافة أنحاء العالم وليس في العالم العربي فقط بسبب هذا الفيروس اللعين، لكن قد تتراجع وتبقى محافظًا على ما تسبب في تقدمك، فتظل الأفضل بين كافة المتراجعين، وقد تتراجع ويسقط منك أهم ما كان يميزك!
إذًا عما نتحدث الآن؟ ما هو أهم ما كان يميز الدوري السعودي للمحترفين عن بقية الدوريات العربية؟، لن أترككم تحتارون كثيرًا، ربما منكم من عرف عما نتحدث، نتحدث عن الحلقة الأضعف حاليًا ألا وهي لجنة الانضباط والأخلاق التابعة للاتحاد السعودي لكرة القدم..
أتذكر جيدًا قبل عامين تقريبًا عندما كتبت مقالًا عن مضاهاة الدوري السعودي للدوريات الأوروبية من الناحية التنظيمية والإدارية، وكيف للدوري المصري أن يصل له، وكان من أهم تلك العوامل هي لجنة الانضباط، ودورها في فرض سيطرة كاملة على الجميع دون أي حسابات، ليس فقط في حدود ما يقدمه مراقب المباراة وحكمها في تقريرهما، لكنها كذلك تراقب كل ما يحدث خارج حدود الملعب وعبر البرامج الحوارية، ولا يفلت أحد من العقوبة حال وقوع الخطأ.
كذلك أتذكر في الموسم الماضي، عندما أصدرت اللجنة قرارًا ضد محمد الشلهوب؛ قائد الهلال وقتها، على إثر دخوله غرف خلع الملابس دون أن يكون اسمه مقيدًا في كشف مواجهة الاتفاق، بالجولة الـ21 من دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين، ووقتها الكثيرون من جماهير ونقاد وصحفيين ومقدمي برامج تليفزيونية، هاجموا اللجنة، كونها عاقبته على هذا التصرف، وهو التصرف الذي من الممكن أي يمر دون أي ضرر لأحد، وطالبوها بالتراجع عن العقوبة حتى لا يتلوث تاريخ أبو بندر النظيف من العقوبات، لكن لجنة الانضباط أبت، كونه تصرف يخالف لوائحها، لكن ماذا حدث بالموسم الجاري؟
اقرأ أيضًا | فصلوا لوائح خاصة من أجل الشلهوب لكسب رضاهم!
لن نذكر كافة الواقع، سنلقي الضوء فقط على أبرز واقعتين بالموسم ألا وهما واقعة العنصرية ضد سيباستياو جونيور "سيبا"؛ محترف الشباب، وواقعة بيتروس ماتيوس؛ لاعب النصر، مع محمد البريك؛ لاعب الهلال، وسعود كريري؛ المشرف العام على الكرة بالهلال، في لقاء الكلاسيكو بالجولة الـ20..
واقعة سيبا خرجت علينا اللجنة بعقوبات "متهاونة" أقصاها الإيقاف لثلاث مباريات!!، وكأن التسبب في تشويه سمعة الكرة السعودية هي تهمة هينة يمكن أن تمر كأي واقعة أخرى!، لكن تهاون لجنة الانضباط في عقوباتها، دفع وزارة الرياضة للتدخل لإيقاف خالد البلطان؛ رئيس نادي الشباب، لمدة شهرين عن مزاولة أي نشاط رياضي، وإيقاف أحمد مسعود؛ مدير المركز الإعلامي لليث الأبيض، حتى نهاية الموسم المقبل، كونهما من نشرا مقطعًا لسيبا وهو يهدد باللجوء للفيفا ويتهم مسؤولي النصر بالعنصرية.
تدخل وزارة الرياضة هو أبلغ دليل على أن قرارات لجنة الانضباط في هذه الواقعة، لم تكن على المستوى المطلوب، ولم تكن بقوة الواقعة.
أما عن الواقعة الثانية، فلم ترَ اللجنة إشارة كريري لبيتروس بالذبح، ولم ترَ سب البريك لبيتروس، رغم أن القناة الناقلة نقلت الفيديوهين بصورة واضحة، لكن اللجنة هذه المرة قررت الاعتماد على تقرير حكم المباراة، والتغاضي عن كافة الفيديوهات المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أنها في بعض الوقائع تعتمد على فيديوهات القناة الناقلة!!
واقعتان أثبتتا ببساطة كيف تراجع عمل لجنة الانضباط بشكل كبير في الموسم الجاري، وهكذا فقد الدوري السعودي أهم ما يميزه، وإذا استمر الوضع هكذا في المواسم المقبلة، فسينفلت العقد من المسؤولين، وسيصبح التراجع كليًا على كافة المستويات، وسنعود خطوات للوراء بعد حالة التطور الكبيرة التي شهدتها الكرة السعودية، فإذا غاب الانضباط عن ملاعب الساحرة المستديرة، لا تتحدثون عن مستويات فنية.
