20230802 Marta(C)Getty Images

ابتسامة الخاسر المنتصر.. ليلة مارتا الأخيرة في عالم غير مثالي

في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 على أرض البرازيل انتشرت صورة لطفل استبدل الاسم المكتوب على ظهر قميصه لأن أحدهما خيّب آماله والآخر فاق توقعاته. "نيمار" مشطوب وبخط يد متقن كُتب "مارتا".

"مارتا شغوفة، أنها تحب لعب كرة القدم، لقد أثبتت أن النساء يفهمن كرة القدم. تستحق أن تكون على ظهر قميصي أكثر من نيمار".

الهدافة التاريخية للبرازيل على مستوى الرجال والسيدات، لم تتوقف للحظة عن تسجيل الأهداف ولكن التألق اللافت لفريق السيدات مع الأداء الخافت للرجال في تلك الأولمبياد أعطاها لمحة من تقدير لطالما كانت تستحقه.

في ذروة عطائها لم تحظ مارتا بالاهتمام الكافي، وعندما أرهقها تقدم العمر والإصابات بدأت تنظر للأمور بشكل مختلف وعرفت أنها تعيش في عالم بعيد تماما عن المثالية، وأن كل هجمة تبدأ بمراوغة مبهرة أو تسديدة ساحرة، لا يعني ذلك بالضرورة أن مصيرها الشباك.

من هنا علمت نجمة البرازيل أن الوقت لن يسعفها حتى تعيش الأجواء التي كانت تتمناها كلاعبة، وأدركت أن دورها الحقيقي يجب أن يتمحور حول فتح الطريق للجيل القادم، لعله ينال ما لم تحصل هي عليه في زمنها.

لا يخلو أي حوار لأسطورة البرازيل من رسائل للأجيال القادمة.. إنها تعلم جيدًا ما افتقدته ولا تريد أن تترك كرة القدم النسائية كما وجدتها وتعايشت معها.

بعد خروج البرازيل من ربع نهائي كأس العالم 2019 قالت مارتا والدموع في عينيها "نطالب بالدعم لكن يجب أن يكون مستحقًا. الأمر يتعلق بالرغبة في المزيد. التدريب أكثر، الاعتناء بالنفس أكثر، هذا ما أطالب به الفتيات الصغار".

"فورميجا لن تبقى للأبد، كريستيان لن تبقى للأبد، مارتا لن تبقى للأبد.. كرة القدم النسائية تعتمد عليكن للبقاء، فكرن في ذلك كثيرًا وقدرناها أكثر. ابكي في البداية حتى تبتسمي في النهاية".

قبل انطلاق بطولة كأس العالم للسيدات الحالية، أعلنت مارتا أن هذه ستكون الرقصة الأخيرة لها في بطولتها المفضلة، الأعين بحثت عنها مع كل مباراة للبرازيل، جالسة على مقاعد البدلاء: طلاء أظافر متناسق مع لون القميص، أحمر شفاه يبرز وجنتيها بشكل خلاب، لم تعد صاحبة الـ37 عامًا في أفضل حالتها البدنية للمشاركة في المباريات أو البدء أساسية، فقد أرهقتها إصابات الركبة كثيرًا.

وفي ليلة المباراة الأخيرة والحاسمة لدور المجموعات تواجدت مارتا في المؤتمر الصحفي وعبرت بكلمات بدت تكملة لخطابها العاطفي في 2019 "عندما بدأت ممارسة كرة القدم لم يكن هناك قدوة أتطلع إليها من النساء، فأنتم لم تعرضوا أي مباريات لهن، كيف يُفترض لي رؤية اللاعبات وكيف يمكنني فهم أنني سأصل يومًا ما إلى المنتخب وأصبح أنا القدوة".

"يوقفني الناس في الشارع وعادة ما يقول لي الآباء "ابنتي تحبك وتريد أن تصبح مثلك" أنا سعيدة لأن قبل 20 عامًا لم يعرف أحد من مارتا".

"الآن لدينا لاعبات نتطلع إليهن، وهذا ما كان ليحدث لو ما كنا مثابرات ووقفنا في وجه كل عقبة واجهناها".

"بعد عشرين عامًا، أصبحت لاعبة ألهمت العديد من النساء، وليس فقط في كرة القدم ولكن في الصحافة أيضًا. أرى العديد من الصحفيات هنا، لم نكن نراهن في ذلك الوقت. لقد فتحنا الأبواب نحو المساواة".

جاء يوم المباراة وشاركت مارتا أساسية للمرة الأولى ولمدة 80 دقيقة وكانت هذه مخاطرة كبيرة، من أربع دقائق فقط إلى شبه مشاركة كاملة منذ انطلاق البطولة، ووقع الحدث المحتوم وتعادلت البرازيل مع جامايكا لتخطف الأخيرة بطاقة الصعود الثانية رفقة فرنسا.

لم تفوت مارتا لحظة كتلك لإرسال أحد الخطابات الباقية للأبد، كلمات مقتضبة خفيفة كشعور الرقص للمرة الأخيرة "واصلوا دعم كرة القدم النسائية.. أنا ممتنة للغاية لأني أتيحت لي فرصة اللعب لكأس عالم آخر، فبالنسبة لمارتا هذا آخر مونديال".

"لكن بالنسبة لزميلاتي لم ينته الأمر، لأن البرازيل والعالم سيستمروا في دعمهن".

ابتسمت مارتا للمرة الأخيرة كلاعبة بقميص راقصات السامبا في كأس العالم الذي لم تحمله أبدا. خلعت الحذاء الذي لطالما رافقها لسنوات وسنوات، وأدركت أن ما دفعته طيلة ذاك الوقت كان ضريبة الرواد.. هؤلاء الذين يقتحمون مجالًا لم يسبقه إليهم الكثير، فيتركونه مكانًا أفضل لمن يليهم.

إعلان