بدايةً إذا كنت تبحث عن حديث عاطفي، فلا تُكمل قراءة، فلا مجال للعواطف حاليًا..
جمهور الأهلي أكثر من يتحدث عن الانتماء في الكرة المصرية، حتى أنه أكثر من يُلقب على لاعبيه "ابن النادي" ثم سرعان ما تتبدل الأحوال حال رحيل أحدهم، فيصير حتى اسمه مُحرم على ألسنتهم، فقط يذكرون رقمه أو "سُبه" يصفوه بها أمد الدهر.
حسام غالي، عماد متعب، عبد الله السعيد، شريف إكرامي، حسام عاشور، وأخيرًا أحمد فتحي، ست خبرات رحلت أو منها من يلملم حقائبه مع نهاية الموسم الحالي فقط في العامين الأخيرين، منها ما كتب له الأهلي نهاية مشواره، ومنها من قرر أن يرحل تاركًا ورائه كل شيء، أشياء ثمينة لا تقدر بأموال لن يجدها في أي نادٍ آخر في مصر.
اقرأ أيضًا: حياتنا للرقم 19 وستندم يا 24 – ردود أفعال رحيل أحمد فتحي عن الأهلي
عبارات الانتماء تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي اليوم بعد إعلان أحمد فتحي قراره بعدم قبول عرض القلعة الحمراء لتجديد عقده، مفضلًا خوض تجربة جديدة لم يكشف عنها بعد، من الآن اسم أحمد فتحي مُحرم على ألسنة الجماهير، فقط "رقم 24"..

لا نلوم جمهور الأهلي على صدمته في قرار ظهيرهم الأيمن، وأكثر لاعبي الفريق جدية ورجولة وقتال بالملعب رغم تجاوزه عمر الـ34 عامًا، لكنه يعطي وكأنه ابن العشرينات، من كان شريكًا في عديد الإنجازات، وآخر من تبقى من الجيل الذهبي الذي حصد كل ما قابله من بطولات، فلم يكن يجرؤ أحد على الوقوف أمام الشياطين الحمر بقارة إفريقيا بأكملها.
لكن حقًا كفى حديثًا عن الانتهاء! فلم يعد هناك محمود الخطيب أو محمد أبو تريكة أو وائل جمعة أو محمد بركات، لم يعد هناك أمثال هؤلاء اللاعبين، فقط تُمنون أنفسكم بأن أي لاعب لعب لسنوات بالنادي وحقق إنجازات بأنه لن يتخلى عن الفانلة الحمراء مهما كانت المغريات، وفي كل مرة تُصدمون، حاليًا لا يوجد ما يُسمى بالانتماء، لا صوت يعلو فوق صوت المصالح، نعم فقط مصالح سواء من أندية أو لاعبين، فقد بحث الأهلي عن مصلحة فريقه بالاستغناء عن عاشور، والآن يبحث فتحي عن مصلحته برفض عرض القلعة الحمراء، عليكم تغيير ثقافتكم كما فعل العالم كله.
عالم الاحتراف والعروض المبالغ فيها بأرقام لم نكن لنتوقع أن نسمع عنها بالدوري المصري، ألغت مصطلح الانتماء من الكرة المصرية بل من العالم كله، وهذا هو حال كافة جماهير الأندية المصرية، تبقى فقط جمهور الأهلي الذي يصر على أن يُرثي الانتماء بين فترة وأخرى مع ظهور أي مشكلة مع لاعب كبير.

لكن دعونا ننوه أننا لا يمكننا إلقاء اللوم على فتحي، حديثنا لا يُلمح لذلك نهائيًا من قريب أو بعيد، فربما خشي أن يكون مصيره كمصير متعب وعاشور وأمثالهم ممن استغنى عنهم الأهلي من أجل مصلحة الفريق، وفضل الخروج من الباب الكبير الآن بدلًا من أن يأتي اليوم ويعرض النادي عليه الاعتزال، دوافع كثيرة ربما تدور في ذهن فتحي دفعته لاتخاذ القرار الأصعب في حياته - كما قال هو في بيانه - لكن لا مجال للبحث عن سبب منطقي لقراره، فمهما بحثنا سيبقى القرار منطقيًا فقط من وجهة نظره، لكن بالنسبة لجمهور الأهلي فلم يُخلق أي شيء بالعالم بعد، يجعل أي لاعب مر على الفريق يرفض عرض النادي لتجديد عقده.
الآن إذا كنتم تبحثون عن الانتماء، فعليكم إعادة تريكة وأمثاله ممن لن يتخطى عددهم أصابع أيدينا العشر عبر تاريخ الكرة المصرية، إلى الملاعب، هذا حلكم الوحيد وإلا فلتحذفوا كلمة انتماء من قواميسكم.
الانتماء الآن يتواجد عند الجمهور، الجمهور الذي يشجع ناديه دون أي أسباب ومهما كانت النتائج والظروف، أنتم فقط أبناء النادي.




