Vinicius Junior Xabi Alonso Real Madrid row GFXGOAL

"فرانكشتاين" في البرنابيو | جريمة في مختبر بيريز.. فينيسيوس يخرج عن السيطرة: إما أنا أو ألونسو!

في الأدب الكلاسيكي، وتحديداً في رائعة ماري شيلي فرانكشتاين، لم تكن المأساة تكمن في قبح المخلوق، بل كانت تكمن في عبقرية الصانع الذي جمع الأجزاء وبث فيها الروح، ليخلق قوة خارقة ظن أنه سيتحكم بها للأبد، قبل أن يكتشف متأخراً أن هذا الكائن امتلك إرادة خاصة، وقرر أن ينتقم من صانعه ويحرق كل ما حوله.

اليوم، وفي قلب العاصمة الإسبانية مدريد، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، ليس في صفحات الروايات، بل في أروقة سانتياجو برنابيو.

 القنبلة التي فجرها موقع 'ذا أتلتيك' حول اجتماع فينيسيوس جونيور بفلورنتينو بيريز نهاية الشهر الماضي، وإبلاغه رفض التجديد طالما استمرت علاقته المتدهورة بالمدرب تشابي ألونسو، ليست مجرد خبر رياضي عابر؛ إنها الفصل الأخير والحزين في قصة فرانكشتاين مدريد. 

القصة التي بدأها فلورنتينو بيريز بحلم صناعة النجم الكبير، وتنتهي اليوم بكابوس يهدد بابتلاع موسم الفريق بأكمله.

  • Vinicius JuniorGetty Images

    الفصل الأول: المختبر الملكي.. ولادة المشروع

    لفهم عمق الجحود الذي يشعر به المدريديستا اليوم، يجب أن نعود بالزمن إلى الوراء، إلى الأيام التي كان فيها فينيسيوس مجرد مراهق برازيلي تائه في أضواء أوروبا. 

    هل تذكرون تلك السنوات العجاف؟ السنوات التي كان فيها الفتى البرازيلي مادة دسمة للسخرية في الصحافة الكتالونية وغيرها، واللحظات التي التقطت فيها الكاميرات كريم بنزيما يهمس لميندي: "لا تمرر له، إنه يلعب ضدنا".

    في ذلك الوقت، تخلى الجميع عن فينيسيوس، إلا الصانع في هذه الرواية: فلورنتينو بيريز، فتعامل رئيس ريال مدريد مع اللاعب كابن بالتبني، حماه في مختبره الخاص، دافع عنه بشراسة أمام الهجمات العنصرية، ومنحه الوقت والثقة والرقم 7 الأسطوري، حتى اكتملت التجربة. 

    تحول الفتى الباكي إلى وحش كروي كاسر، قاد الفريق للرابعة عشرة والخامسة عشرة، وظن الجميع أن فرانكشتاين مدريد سيكون السلاح الذي سيخضع به الريال أوروبا لسنوات قادمة.

  • إعلان
  • mbappe viniciusGetty Images

    الفصل الثاني: لعنة الأنا وظل مبابي

    وكما يحدث في الرواية الأصلية، القوة المفرطة دون عقل راجح تولد الطغيان، بدأ المخلوق يشعر أنه أكبر من الكيان الذي صنعه.

    لم يعد فينيسيوس يكتفي بصراعاته مع المدافعين، بل فتح جبهات حرب مع الجماهير، والحكام، ورابطة الليجا.

    لكن نقطة التحول النفسية الحقيقية كانت وصول كيليان مبابي، فينيسيوس، الذي اعتاد أن يكون الملك المتوج والمدلل في غياب المنافسين، وجد نفسه فجأة يتقاسم الأضواء.

    شعر الوحش بالتهديد، وبدلاً من أن يترجم هذا الخوف إلى قتال داخل الملعب، تحول إلى تمرد داخل الغرف المغلقة، وهنا بدأت ملامح الانقلاب تظهر؛ اللاعب الذي صنعته مدريد بدأ يرى نفسه أكبر من الملكي.

  • xabi alonso viniciusGetty Images

    الفصل الثالث: صدام الجنرال والمتمرد

    لم تكن الأمور لتصل إلى حافة الهاوية لولا التغيير الجذري في القيادة الفنية، فكارلو أنشيلوتي كان يتعامل مع فينيسيوس بقلب الأب الحنون، يغفر له زلاته ويمسح على رأسه، لكن برحيله، وقدوم تشابي ألونسو، اصطدم فينيسيوس بجدار خرساني.

    ألونسو، الباسكي الصارم، جاء بعقلية الجنرال، فبالنسبة له، النجومية تُكتسب بالانضباط التكتيكي لا بالأسماء. 

    تقرير "ذا أتلتيك" كشف المستور وبالتواريخ: الشرخ لم يبدأ الآن، بل يعود إلى السابع من يوليو الماضي في نصف نهائي مونديال الأندية أمام باريس سان جيرمان. ألونسو كان ينوي إجلاس فينيسيوس بديلاً، ولولا إصابة ترينت ألكساندر أرنولد المفاجئة لما شارك، وحتى حين شارك، دفع به ألونسو في مركز "الجناح الأيمن" وليس الأيسر!

    إحصائيات "ذا أتلتيك" مرعبة لنجم بحجمه: فينيسيوس أكمل 5 مباريات فقط طوال الموسم من أصل 17 مباراة خاضها الفريق! 

    هذا التعامل الصارم قابله فينيسيوس بانفجار هستيري في الكلاسيكو حين تم استبداله في الدقيقة 72، ليصرخ وهو يغادر الملعب: "دائماً أنا.. سأغادر الفريق، الأفضل أن أرحل!". 

    وحينما نشر رسالة اعتذار لاحقاً، تعمد توجيه إهانة صامتة بذكر بيريز واللاعبين، وتجاهل ذكر اسم مدربه ألونسو تماماً، في إعلان صريح للحرب الباردة.

  • Vinicius XabiGetty Images

    الفصل الرابع: الابتزاز بالمال.. أنا أو هو

    لم يكتفِ فينيسيوس بالتمرد الفني، بل قرر استخدام الورقة الاقتصادية للي ذراع صانعه بيريز. التفاصيل المالية التي كشفتها الصحيفة صادمة: عقده الحالي يمنحه 18 مليون يورو صافياً، والنادي عرض عليه 20 مليون يورو للتجديد، لكن فينيسيوس صفع اليد الممدودة له وطلب قفزة تاريخية تصل لـ 30 مليون يورو!

    إنه يطلب عقداً يضاهي عقد الأسطورة كريستيانو رونالدو، وبحزمة مكافآت لم تُمنح لأي لاعب في تاريخ النادي، وهو يقدم أحد أسوأ فتراته!

    هذا الطلب التعجيزي هو رسالة واضحة من "فرانكشتاين" لصانعه: "إما أن تخضع لشروطي وتطرد هذا المدرب الذي يقيد حريتي، أو سأدمر المعبد وأرحل".

  • Vinicius Jr.IMAGO / ABACAPRESS

    بيت القصيد

    نحن الآن أمام مشهد ختامي بائس ومفصلي في تاريخ النادي الملكي الحديث، برشلونة يزحف بخطى مرعبة، والفارق تقلص لنقطة وحيدة، والوقت لا يرحم.

    بيت القصيد في هذه المأساة ليس المال ولا التجديد، بل في موت الوفاء، ريال مدريد يواجه الحقيقة المرة: لقد نجحوا في صناعة لاعب خارق، لكنهم فشلوا في صناعة انتماء. 

    فينيسيوس اليوم يضع مصلحته الشخصية وكبرياءه الجريح فوق مصلحة النادي في أحلك ظروف الموسم.

    السؤال الذي يؤرق مضاجع المدريديستا الليلة: هل يكرر بيريز خطأ الرواية ويحاول استرضاء الوحش بالتضحية بمدربه المنضبط؟ أم يمتلك الشجاعة لإنهاء القصة بشكل مختلف، ويفتح الباب لرحيل فرانكشتاين قبل أن يتحول الموسم إلى ركام؟

    في مدريد، القاعدة الذهبية تقول لا أحد أكبر من الشعار، حتى الهداف التاريخي كريستيانو رونالدو والقائد الكبير سيرجيو راموس، ولكن فينيسيوس جونيور قرر اليوم اختبار صلابة هذا الشعار بأقسى وأبشع طريقة ممكنة.