Diego Simeone - Atletico MadridAbi Yazid

تكتيك الكبار (4) - سميوني .. المشاكس الذي تستمتع بالضجيج معه


أحمد تاج


خرج روبرت دوران من ضواحي بنما الفقيرة ، ملاكم ذكي ، سريع في ضرباته ، عدواني ، صلب. دوران بدا وكأنه تعلم مبادئ الملاكمة في حارات بنما ليُطلِق عليه جميع من شاهدوه حينها في سبعينات القرن الماضي بالـ "Cholo – تشولو". هو أول تشولو عرفه التاريخ.

بعد ما يقرب 15 عامًا أو أقل قليلًا يأتي أوسكار نيسي مدرب شباب فريق فيليز سارسفيلد ليطلق لقب "Cholito" أي ما يعني بالـ تشولو الصغير على دييجو سميوني ، لـ يكبر معه الإسم حتو يصبح إبن بيونس أيريس هو أشهر تشولو عَرِفَه التاريخ.


جذور الضجيج !


Diego Simeone - Atletico MadridAbi Yazid

"La Nuestra" وهو أن تلعب كرة القدم الأرجنتينية بأشبه بموسيقى أوركسترا عذبة ، كل هذا انتهى عندما بدأ يظهر فيكتوريو سبينيتو يتحسس طرقاته في التدريب.

فيكتوريو سبينيتو الذي يرى أن كرة القدم يجب الفوز بها لا شيئ أكثر ولا شيئ أقل ، ومن ثم الانتصار في المباريات هو ما يجب أن يدور في ذهن اللاعبين. سبينيتو الذي انتقل إلى أكاديمية الشباب في فريق فيليز أُعجِبَ ذات مرة بسميوني ليوقف التدريبات ويسأل التشولو الصغير عن عمره ، حينها كان سميوني في الخامسة عشر.

حمل هذه الراية أوزفالدو زوبيلديا الذي نُعِتَ معه فريق استوديانتيس بأنه أبشع فريق لَعِبَ كرة قدم في التاريخ ، في هذا الفريق وفي هذه المرحلة خرج كارلوس بيلاردو.

يقول في كتابه "تأثير سميوني"  حينما كنت لاعبًا دائمًا ما كنت أراقب الطرق التدريبية التي يستخدمها المدربين بكل اهتمام. لا يزال يتذكر دييجو تلك الكلمات التي كان يُلهِم بها ألفيو باسيلي لاعبي المنتخب الأرجنتيني في كوبا أميركا عام 1993 والتي كات السبب الرئيسي في احراز منتخب الألبيسيليستي اللقب.

كارلوس بيلاردو "والذي فاز بالمناسبة بكأس العالم عام 1986 مع منتخبه الوطني الأرجنتيني والتي أقيمت في المكسيك" يقول عنه التشولو أنه واحد من المدربين الذين أثروا فيه كثيرًا ، علمه كيف يتمركز في وسط الميدان ، علمه أن يلعب في أكثر من مركز.

"بيلاردو كان بمثابة المدرب الذي علمني كل شيئ في كرة القدم من الناحية الفنية ، أن أنتبه إلى ما يحدث داخل الملعب ، كيف أقرأ المباراة ، هو علمني كيفية تفسير ولَعِب كرة القدم" هكذا يرى سميوني.


مراحل تطور احداث الضجيج 


Diego Simeone Racing Club 2006Web

بدأت الرحلة في راسينج ، بعد أيام قليلة من الإعتزال الرسمي لمتوسط الميدان الأرجنتيني في الفريق نفسه عاد ولكن هذه المرة من خلال الوقوف بجانب خط التماس كمديرًا فنيًا للفريق. 4-4-2 الكلاسيكية مع الإقتناع بالخروج من المأزق نجحا في تخطي التشولو لأزمة الفريق الذي كان قد قاب قوسين أو أدنى من الهبوط.

ويرى سميوني أن مرحلة راسينج على الرغم من وقتها القليل إلا أنها أكسبته العقلية الكروية مع الإيمان بالنفس والإيمان بالمعتقدات التي تدور في عقله ، أشياء كانت بمثابة أساس سُيبنى عليه فكر التشولو التدريبي.

بعد راسينج جاء فريق استوديانتيس ، في الفريق الأرجنتيني العريق كان يمتلك العديد من العناصر الهجومية المميزة ، أمر جعل المدير الفني الذي ترعرع في بلاد الدفاع أن يكون فكره هجوميًا مع استوديانتيس. 3-3-2-2 ، 4-4-2 كلاسيك ، 4-4-2 بالشكل المعين "Diamond" ، 4-4-1-1 كلها أشكال وخطط تكتيكية اعتمد عليها المدرب الذي ظهر ليس دوجماتيكيًا كما يظنه البعض.

ويرى التشولو أنه قد عاش أحد أفضل اللحظات في مسيرته هناك في فريق مدينة لا بلاتا هناك في الأرجنتين ، لحظات أدت إلى عودة بطولة الدوري إلى النادي الأرجنتيني العريق. خرج بعدها إلى ريفربلات وسان لورينزو الأرجنتينيين.


برجماتي وليس دوجماتيكي في كاتانيا .. بداية كل شيئ 


Simeone, ex mister del Catania

في نادي جزيرة صقلية أتى تشولو لينقذهم من الهبوط ، كان ذلك في يناير لعام 2011 ، اللاعب الذي لَعِبَ في صفوف بيزا وإنتر ميلانو ولاتسيو عاد إلى إيطاليا ، بدا الأمر وكأنه عودة الإبن إلى الوطن ، تأكد هذا بكلاماته الأولى عند توليه الإدارة الفنية لفريق كاتانيا "يبدو الأمر كما لو أنني لم أغادر أبدًا ، لقد جئت إلى هنا لكي أتطور".

في كاتانيا الأمر بات واضحًا للعيان أن فلسفة التشولو برجماتية وليس دوجماتيكية ، يُدرِس نقاط القوة والضعف لدى لاعبيه ومن ثم يضع تكتيكه الذي سيخرج به إلى المباريات.

4-2-3-1 أو 4-3-1-2 كانتا خطط سميوني في كاتانيا ، أعاد ريكيتي للفريق بعد أن كان حبيس دكة البدلاء مع المدرب السابق "ماركو جيامباولو" وجعله مكلفًا بربط خط الوسط بالهجوم أو ما يُسمى بـ "Trequartista" وخلق الفرص لمهاجمي الفريق بيرجيسو وماكسي لوبيز حينها.

من الناحية النفسية ، خلق سميوني نظرية أن الكل يلعب ضد فريق جزيرة صقلية ، الجميع لا يريدون نجاح الصقليين ، انتقد التحكيم السيئ والإعلام الذي يتربص دائمًا بالفريق ، خلق روح سُمِيَت بـ "صقلية ضد الكل".

التنازل عن الكرة للفريق الخصم من أجل ملء فراغات الملعب والتواجد في كل ما هو شاغر فيه بالإضافة إلى التمركز بين الخطوط لخلق الفريق المنافس في التمرير ومن ثم قطع الكرة من أجل عمل هجوم مضاد سريع. كل هذا أدى إلى اتمام المهمة بنجاح وبقاء الفريق في السيريا إي.

كثير من رأووا كاتانيا في النصف الثاني من موسم 2010-2011 مع سميوني يُجزِمون أنها البداية الحقيقية لسميوني في التدريب وأن كل ما يقوم به التشولو مع الروخي بلانكوس أتليتكو مدريد كان قد طبَقهُ هناك في جزيرة صقلية.


إزعاج خصوم الكولشينيروس 


Diego Simeone Atletico Madrid 17 08 2018

"أريد أن أزعج الخصوم ، أريد أن أعيد أتليتكو مدريد فريقًا مزعج للخصوم" بهذه الكلمات بدأ سميوني رحلته مع أتليتكو مدريد في ديسمبر لعام 2011.

4-4-2 الكلاسيكية هي الطريقة التي ينتهجها التشولو مع الفريق العاصمي ، مثلما كان يفعل في كاتانيا كان يفعل في مدريد مع أصحاب القمصان الأحمر والأبيض ، التنازل عن الكرة للفريق الخصم خاصةً إذا كان قويًا عنه ريال مدريد وبرشلونة مثالًا لذلك.

ولكن ماذا يحدث عندما يتنازل فريق سميوني عن الكرة ؟ يسقط المهاجمين ويصعد خط الدفاع بحيث تكون المسافة بينهما بينهما ما يقرب من 25-30 مترًا فقط ، وبالتبعية يضم طرفي الملعب إلى الداخل قليلًا بحيث تكون أيضًا ما يقرب من 25-30 مترًا بينهما ما يسمونه "Compactness" هذا يؤدي إلى خنق الفريق الآخر ، ملء كل الفراغات الموجودة بين الخطوط الموجودة للملعب.

في انتقال الفريق الخصم بالكرة لأحد أطراف الملعب ، حينها سيكون مدافعًا عن الكرة ثلاثة لاعبين ، المهاجم والجناح ووسط ميدان ! بعيدًا عن الظهير الذي يناظر الموقف من بعيد.

أما إذا حدث وأصبح الفريق الخصم على مشارف التلت الأخير من ملعب الأتليتي ، فيظهر لاعبو فريق سميوني مدافعين عن الكرة بالضغط والركض نحو الكرة أشبه بالكلب الذي يجري وراء لعبته تقوم برميها بعيدًا.

عند افتكاك الكرة تجد أن الجميع يقوم بالركض في خطوط طولية ومن ثم تنقل الكرة بين اللاعبين بأقل عدد ممكن للمواجهة مع حارس مرمى الخصم ، عملية تبدو أشبه بالهجمة الخاطفة في كرة اليد.


ما هي أدوات سميوني لتطبيق ذلك ؟


  • خط الدفاع : عادةً ما يختار سميوني مدافعيه بحيث أن كلاهما يشتركان في افتكاك الكرة بشكل سليم سواء كان ذلك على الأرض أو في الهواء ، دييجو جودين / خوسيه ماريا خيمينيز / سافيتش .. دائمًا ما يعتمد أيضًا سميوني على المدافع القادر على الخروج بالكرة من الخلف للأمام بصورة جيدة ، خيمينيز يفعلها ذلك جيدًا.
  • خط الوسط : يعتمد سميوني لخلق وسط ميدان مبدع هجوميًا ومُحكم دفاعيًا على محوري وسط بحيث يلعب أحدهما كـ صانع ألعاب متأخر "كوكي" مثالًا لذلك والآخر مفسد لهجمات الفريق الآخر "جابي قبل انتقاله أو توماس بارتي الآن".
  • الجناحان : علاوة على دورهما الدفاعي الكبير في منظومة التشولو الدفاعي ، يعتمد دييجو سميوني عليهما بحيث أحدهما يلعب كـ صانع ألعاب متقدم "ساؤول نيجيز / كوريا / توماس ليمار" كمثال والآخر كـ جناح كلاسيكي يقوم بفتح عرض الملعب مثل ما كان يقوم به كاراسكو قبل انتقاله أو ما يقوم به الآن كوريا أو ليمار في بعض الأوقات.
  • المهاجمان : يعتمد دييجو سميوني على أنتوان جريزمان ودييجو كوستا في خط الهجوم بمهام مختلفة. كوستا كمهاجم كلاسيكي متقدم أكثر يضغط على المدافعين ينتظر تمويله بالكرات من الخلف ، أما جريزمان فيقوم بدور الـ "Trequartista" يتجول يمينًا ويسارًا أو يسقط للخلف قليلًا يظهر وكأنه صانع لاعب كلاسيكي أكثر من أي لاعب يقوم بصناعة اللعب في الفريق بالإضافة إلى تواجده بجوار دييجو كوستا في منطقة الجزاء وتسجيله للأهداف.
Atletico Madrid players celebrate their La Liga triumph with coach Diego SimeoneGetty

"لا أؤمن كثيرًا بالحظ ، أؤمن فقط بالكثير من العمل والإقناع والإجتهاد حتى النهاية" هذا ما يؤمن به سميوني ، الأمر في غاية البساطة بالمناسبة ، نَحي الجماليات جانبًا ، نلعب بالطريقة التي تُحدِث إلينا الفارق ونعمل عليها كثيرًا في التدريبات ومن ثم تطبيقها في المباريات.

الفوز بأي ثمن ، هذا أيضًا ما ينتهجه التشولو ورجاله ، الضغط بقوة وافتكاك الكرة بقوة أشبه بالعنف واظهار الاضطهاد في الملعب وايضاح الأخطاء التي تُرتَكَب عليهم والضغط على الحكام .. شيئ أشبه بما حدث من سميوني تجاه بيكام في مباراة المنتخبين في دور الـ 16 بكأس العالم فرنسا 1998 ، الخطأ كان على سميوني ليقوم ديفيد بيكهام برطم التشولو برجله ليسقط سميوني موضحًا للحكم الدنماركي "كيم ميلتون نيلسن" ما فعله الإنجليزي ليقوم الدنماركي بإشهار البطاقة الحمراء في وجه الشاب الوسيم. 

بذلك دائمًا ما يريد سميوني أن يحدث الضجيج في الملعب ، دائمًا ما يذكر في مقابلاته الصحفية أنه يستمتع بالضجيج الذي يُحدِثه جماهير الكولشينيروس سواء كانت في فيسينتي كالديرون ملعب الفريق القديم أو ملعب ميتروبوليتانو ، ضجيج يكون نتيجة للضجيج الذي يقوم به فريقه على أرضية الميدان.

إعلان

ENJOYED THIS STORY?

Add GOAL.com as a preferred source on Google to see more of our reporting

0