رفعت أمم أوروبا 2024 شعار العودة للتقاليد، اللعب المباشر هو شعار معظم الفرق، حتى إسبانيا تخلت عن "التيكي تاكا" الشهيرة ولجأت للفاعلية وحتى أحياناً للمرتدات كسلاح كما فعلت ضد الكروات، وأحد أبرز "ظواهر" البطولة إذا اعتبرناها كذلك كان عودة المهاجم الكلاسيكي للحياة.
فيخورست، فولكروج، ومهاجمون آخرون أعادوا ذكريات رأس الحربة التقليدي صاحب البنية الجسمانية الضخمة والطول الفارع الذي يجيد داخل الصندوق ومهمته التهديف بيورو 2024، حتى المنتخبات الصغيرة لجأت لهذا الحل مع راي ماناي في ألبانيا أو كما فعلت الدنمارك بتوظيف ثنائي متشابه في صورة فيند وهويلند، وإن كان "رأس الحربة" الوهمي كان حاضراً، وتأثير بيب جوارديولا وتكتيكاته كان مجسداً في حالات مثل ديباي مع هولندا وهافيرتس في ألمانيا.
انتقد الإعلام ديباي كرأس حربة منتخب هولندا رغم هدفه الرائع ضد النمسا، وطالبوا بفيخورست الذي تألق كما شارك رغم إمكانياته الفنية المحدودة أو بجوشوا زيركسي أساسيين، بينما في ألمانيا يقدم هافيرتس عروضاً طيبة ولكن ظهرت معاناته في لقاءي المجر وسويسرا أمام الدفاعات المنظمة التي حدت من تحركاته وتبادل المراكز مع بقية لاعبي هجوم المانشافت، بينما مع دخول فولكروج يتبدل الحال ويصبح للألمان نقطة قوة وخطورة.
يجد يوليان ناجلسمان نفسه في معضلة "محببة" للمدربين قبل موقعة الدنمارك بدور ال16، هل يحافظ على نفس التشكيل بإبقاء هافيرتس أساسياً كرأس حربة لألمانيا ويخاطر بتكرار سيناريو المجر وسويسرا أمام فريق صلب دفاعياً ومنظم، أم يلجأ للحل الآخر الذي أثبت نجاعة كبيرة ويدفع بفولكروج؟
في آرسنال، عانى هافيرتس في البداية لإثبات نفسه وتبرير المبلغ الضخم المدفوع لضمه من تشيلسي الموسم الماضي، ولكن مع تحوله لمركز رأس الحربة الوهمي تحسن أداء اللاعب الألماني ولكن استمرت معاناة فريق ميكيل أرتيتا مع التهديف، وتعالت الأصوات مجدداً بضرورة ضم رأس حربة "حقيقي" إذا أراد المدفعجية أن ينافسوا مجدداً على لقب البريميرليج وكسر هيمنة سيتي.
يتكرر الأمر مع فريق ناجلسمان، هافيرتس لا يلعب بشكل سيء، ولكن منظومة الفريق تتحسن بوجود مهاجم كلاسيكي في الصندوق أمام نوعية معينة من الفرق، وفولكروج يعطي مدربه صداعاً بإثبات نفسه كلما شارك رغم أن مهاجم بوروسيا دورتموند لا يحظى بشعبية كبيرة وبدأ التألق في سن متأخرة من مشواره الكروي ولكن واقع أن صاحب ال31 عاماً سجل 13 هدفاً في 19 مباراة مع ألمانيا يجب أن تدخل في الحسبان.
يرى الكثيرون أن يورو 2024 أتت لتكسر هيمنة أفكار جوارديولا وأرتيتا وتعيد كرة القدم الكلاسيكية، حتى ليونيل ميسي وواين روني مؤخراً علقا على تأثير الكتالوني على كرة القدم الحديثة، وربما ما يحدث في البطولة قد يكون رسالة إلى مدرب ألمانيا الشاب أن عليه هو الآخر العودة للتقاليد الخاصة بالمانشافت، فريق فاز دائماً بمهاجم من نوعية بيرهوف وكلينسمان وفولر ومولر، قد لا يكون فولكروج مثل هؤلاء وهافيرتس لا يستحق أن يهمش لكونه لاعب بلا مركز واضح رغم إمكانياته الكبيرة، ولكن الحاضر والماضي يشيران إلى ناجلسمان أن "المهاجم الكلاسيكي" قد يكون الحل لألمانيا من أجل إعادة الأمجاد والبطولات، وربما عليه الاستماع لأصوات الجمهور الذي نصب مهاجم دورتموند بطله القومي الجديد!