Marco Giampaolo AC Milan 2019-20Getty Images

خطوات جامباولو التي قادت ميلان نحو الهاوية

كتب | تامر أبو سيدو | فيس بوك | تويتر

كان خبر التعاقد مع ماركو جامباولو خبرًا سعيدًا ورائعًا لكافة جماهير ميلان تقريبًا، فهو المدرب الذي سار على أفكار ماوريتسيو ساري الثورية في كرة القدم الإيطالية والذي أشاد به أريجو ساكي كثيرًا ومعه العديد من الخبراء والمتابعين، كما أنه خاض تجربتين ناجحتين للغاية مع إمبولي وسامبدوريا قبل الوصول للميلانيلو.

اليوم وبعد 4 أشهر تقريبًا من تواجد جامباولو في دكة بدلاء ميلان، لا يُمكن لأحد أن يصف ما يحدث للفريق إلا بالكابوس الثقيل! اليوم يتمنى جل جمهور الروسونيري أن يعود الزمن للخلف ولم تتخذ الإدارة هذا القرار بالتعاقد مع جامباولو، أو أن يصدر من كازا ميلان قرارًا بإقالة المدرب والتعاقد مع اسم آخر حتى لو كان الخيار المتاح هو عودة جينارو جاتوزو.

واندا نارا: إنتر كان في حاجة لإيكاردي أمام يوفنتوس

فما هي خطوات جامباولو التي قادت ميلان للهاوية؟ ولأن يخسر 3 مباريات من 6 في السيري آ دون أن يُقدم الأداء المأمول.

خلق مسخ اسمه ميلان!

كنا نعلم جميعًا أن جامباولو يُفضل طريقة لعب الرومبو 4-3-1-2 بتواجد صانع ألعاب خلف مهاجمين، وكذلك نحن ندرك جميعًا أن ميلان خلال السنوات الأخيرة اعتاد اللعب بطريقة 4-3-3 بتواجد جناحين حول المهاجم وقد بني الفريق الموجود حاليًا على طريقة اللعب تلك.

سمعنا الكثير خلال الصيف عن إصرار جامباولو تطبيق طريقة لعبه، وعن سعي إدارة ميلان بقيادة مالديني وبوبان توفير الأدوات اللازمة له، ورغم هذا لم تنجح الإدارة في توفير العنصر الأهم لخدمة أفكار المدرب وهو صانع الألعاب المتميز .. هذا جاء بالتزامن مع تأكيد جامباولو على أن سوزو يصلح لهذا المركز وأنه سيستعين به وليس بحاجة لصانع لعب جديد.

كل هذا كان جيدًا، وطبق المدرب أفكاره لمدة تزيد عن الشهرين تقريبًا خلال التدريبات والمباريات الودية، وخاض ميلان أول مباراة رسمية وظهر شاحبًا جدًا وخسر أمام أودينيزي ليظهر جامباولو بعدها مباشرة ويؤكد أن 4-3-1-2 لا تُناسب لاعبي ميلان وأنه قد يعود إلى 4-3-3 في المباراة القادمة لتتحرك الإدارة وتضم ريبيتش ليلعب دور الجناح.

Suso Milan-InterGetty

هذا التصريح كان بمثابة الصدمة بالفعل وباعتقادي أنه كان أول خطوات هدم جسر الثقة بين المدرب وجماهير ميلان، كان بمثابة الانصياع للأمر الواقع رغم رغبة الجميع بالثورة الفنية والتكتيكية في صفوف الفريق.

لعب ميلان بعدها بالفعل بطريقة 4-3-3 وأحيانًا بالرومبو لكنه لم ينجح بتطبيق أي منهما بالطريقة السليمة، وظل الفريق معلقًا بين ما اعتاده وبين أفكار المدرب الجديدة ولذا كان الفشل التكتيكي ذريعًا، إذ لم نر أي عمل هجومي واضح ولم يُحافظ الفريق على قوته الدفاعية التي اكتسبها من العمل مع جاتوزو في الموسم الماضي.

ببساطة، ميلان أصبح مشوهًا وتائهًا، أصبح مثل المسخ في ملاعب كرة القدم الإيطالية، وتلك كانت أولى وأهم خطوات جامباولو لقيادة الفريق نحو الهاوية.

كان القاعدة، رغم الحاجة للاستثناء

القاعدة تقول "المدرب الجديد عليه أن يسير على خطوات سلفه في البداية ومن ثم يُحاول إقحام أفكاره الفنية تدريجيًا" .. هذا فكر سليم تمامًا، وهو المفترض أن يحدث بالفعل، وقد أشدت بأليجري حين واصل اللعب مع يوفنتوس بطريقة الدفاع الثلاثي عقب خلافة كونتي لنصف موسم تقريبًا قبل أن يُغير لأفكاره الخاصة ويلعب بدفاع رباعي، وأذكر أنه أجلس هيجواين في بداية مشواره مع يوفنتوس بديلًا وأبقى ماندجوكيتش مهاجمًا أساسيًا للفريق رغم الفارق الفني بينهما، ولم يُغير كذلك من التشكيل الأساسي إلا نادرًا جدًا.

تلك القاعدة لها شرط واحد لتكون سليمة، هي أن يكون الفريق جيد جدًا وقوي بحالته الحالية وأن يمتلك تشكيل أساسي ممتاز ويؤدي المطلوب، لكن ميلان لم يكن كذلك أبدًا .. صحيح كان جيدًا دفاعيًا لكنه كان دون أي هوية فنية في الهجوم لأن جاتوزو فشل في خلق المنظومة الهجومية الجيدة وكان جل اعتماده على القدرات الفردية للاعبين وهي ليست بالممتازة.

لهذا جامباولو كان يجب ألا يسير مع القاعدة بل أن يكون الاستثناء ويبدأ بهدم كل ما سبق والبدء من جديد، سواء على صعيد الأفكار الفنية التكتيكية أو توظيف اللاعبين أو اختيار العناصر الأساسية.

بخلاف فشله التكتيكي الذي تحدثنا عنه في النقطة السابقة، حافظ جامباولو على التشكيل الأساسي لميلان رغم عدم تقديم جل اللاعبين الموجودين به لأداء مقنع خلال الموسم الماضي، والكارثة الأكبر أنه شاهد بأم عينه فشل اللاعبين في تقديم الأداء المطلوب ومع هذا هو مُصر بشكل غريب على الحفاظ على تواجدهم في الملعب.

شاهد جامباولو معنا جميعًا كيف أن لاعبين مثل هاكان وكيسيه وسوزو وكالابريا وموساكيو لا يُقدمون الأداء المطلوب، بل هم عبء شديد على ميلان فنيًا ويقللون حتى من أداء زملائهم في الفريق .. مع هذا، لم يُغيرهم أبدًا، ولم يتخل عنهم أبدًا، وصدقوني فكرت في كثير من الأسباب التي قد تدفع المدرب للحفاظ على سوزو وهاكان تحديدًا فلم أجد أي سبب يقنعني ولو بدرجة بسيطة.

صحيح أن إدارة ميلان لم تُوفر أسماءً ثقيلة في سوق الانتقالات، وكانت جل التعاقدات "رهان" يقبل النجاح أو الفشل، لكن ميلان كان بحاجة لخوض هذا الرهان وهذا لا يحدث إلا بتواجد اللاعبين على أرض الملعب ورؤيتهم وكيف هو مستواهم وما الذي سيقدمونه، هل هم أفضل من القدامى أم مثلهم أم أسوأ؟ كان على الأقل سيعطي الجماهير مبررًا لحالة التخبط الفني للميلان بأنه لا يجد اللاعبين الجيدين المناسبين للفريق.

3 أشهر من العمل ولم يكتشف جامباولو أي اسم جديد ممن تعاقد معهم ميلان هذا الصيف، واصل العمل بنفس الأسماء حتى انطلق الموسم رسميًا ورأينا جميعًا أنهم فاشلون بامتياز مما يعني أن الفريق أهدر كل تلك الفترة دون العمل على تغيير شكل الفريق الخططي بالشكل المناسب وكذلك دون الوصول للتشكيل الأساسي الأفضل للفريق.

الحفاظ على الرهان الفاشل وإبعاد الرابح

المصيبة تعاظمت بعدما بدأنا نرى بعض اللاعبين الجدد في الملعب تحت ضغط الإدارة والجماهير والإعلام، بدأنا نرى ثيو وبن ناصر ولياو وريبيتش والمثير أن أداءهم كان جيدًا إلى حد كبير ولديهم هامش هائل للتحسن والتطور.

ورغم أن بعضهم بدأ بتوظيف خاطئ مثل وضع بن ناصر في مركز الريجيستا الذي لا يجيده أبدًا لأنه لا يُجيد اللعب والاستلام والحفاظ على الكرة والتصرف بها تحت الضغط، ووضع لياو في الجناح الأيسر رغم خطورته الممتازة داخل منطقة الجزاء ... رغم كل هذا إلا أن تلك الأسماء قدمت أداءً أفضل كثيرًا من المجموعة القديمة ومع مزيد من الفرص والصبر كان المستوى سيتطور ويتحسن.

Mateo Musacchio Milan FiorentinaGetty Images

كلنا توقعنا أن يبدأ جامباولو من جديد ولا يُهدر المزيد من الوقت ويبدأ بالاعتماد على تلك الأسماء التي ظهر بالفعل أنها رهان ناجح، لكنه وبكل غرابة أبعد كل تلك "الرهانات الناجحة" وعاد للاعبيه الفاشلين وأصحاب المستوى السيء منذ بداية الموسم.

وكانت قمة الفشل حين أبعد لياو تحديدًا عن التشكيل الأساسي أمام جنوى وحافظ على تواجد سوزو رغم فشله الواضح على أرض الملعب، وكذلك بيونتيك الذي لم يُقدم شيئًا يُذكر.

الغريب كذلك إصراره على الدفاع بالجزائري بن ناصر في مركز الريجيستا أو إبعاده تمامًا عن اللعب والاعتماد على لوكاس بيليا، رغم أن ما رأيناه يُظهر تمامًا أن بطل أفريقيا لا يُجيد اللعب أمام المدافعين بل كلاعب وسط طرفي بمهام هجومية ودفاعية متزنة كما لعب مع الجزائر، على الأقل هو بحاجة للفرصة ليلعب في مركزه بدلًا من الحكم عليه بالفشل دون منحه العدالة اللازمة.

الآن وخلال فترة التوقف تلك، لا نعلم إن كان جامباولو سيحاول استغلالها جيدًا لبناء الفريق والانطلاق به حسب ما رآه خلال المباريات الستة في السيري آ، أم أنه سيُواصل العناد والرهان على الخيارات الفاشلة، هذا لأن جمهور ميلان فقد الثقة في هذا المدرب وأفكاره وخططه.

أين الشخصية؟ أين رد الفعل؟

ربما هذا الأمر لا يتحمله جامباولو وحده، لأنه موجود في ميلان منذ عدة مواسم، وهو غياب رد الفعل المناسب للمواقف الصعبة في المباريات مثل قبول هدف أو خروج أحد اللاعبين بالبطاقة الحمراء أو علو كعب المنافس.

هذا الأمر كان يعيب ميلان في السنوات الأخيرة، لكن بدأ الأمر يتحسن تحت قيادة جاتوزو، إلا أنه عاد خطوات للخلف بتواجد جامباولو وهو عكس ما توقع الجميع نظرًا للجرينتا ورد الفعل الممتاز الذي تمتع به سامبدوريا مثلًا تحت قيادته.

جامباولو فشل في فرض شخصيته على الميلان واللاعبين، وفرض في جعلهم يلعبون لأجله ولأسمائهم وفريقهم العريق، غابت الشخصية والجرينتا ورد الفعل والعقلية المناسبة ليُساهم هذا أكثر في وصول الفريق للهاوية.

الخلاصة .. أسئلة دون إجابات

جامباولو أهدر كل هذا الوقت منذ توليه تدريب ميلان حتى الآن دون أن يُقدم أي شيء جديد للفريق، لا توجد بصمة واحدة له تُذكر على الأداء أو توظيف اللاعبين أو التشكيل الأساسي، وتبقى الأسئلة الأهم الموجهة له .. ماذا كان يفعل طوال تلك الفترة؟ ألم يُجرب اللاعبين الجدد؟ ألم يراهم؟ ألم يلحظ أن بعضهم أفضل من القدامى؟ لماذا مازال سوزو يلعب رغم أنه محطة إفساد هجمات ميلان الأفضل والأنجع؟ لماذا هاكان مازال يلعب وهو يُشبه في خطواته على الملعب مجموعة "الموتى السائرون"؟ لماذا كيسييه مازال يلعب وهو أشبه بحصان جامح غير مروض يُفسد أكثر مما يُصلح؟ لماذا لا يلعب بن ناصر في مكانه الأساسي وخلفه بيليا؟ لماذا لم يُجرب طرق لعب أخرى ربما تُناسب الفريق مثل 4-4-2 أو 3-4-3 أو 3-5-2؟ لماذا أبعد لياو عن التشكيل الأساسي أمام جنوى رغم تألقه سابقًا؟ لماذا تخلى عن كوتروني وترك بيونتيك دون حافز يدفعه لأن يعرق في الملعب؟

جامباولو مُطالب بكل تلك الإجابات، ومُطالب أكثر باستغلال التوقف القادم لنرى ميلان جديد بدءً من مواجهة ليتشي في الجولة السابعة من الدوري الإيطالي، وإلا ليحزم حقائبه ويرحل غير مأسوف عليه.

إعلان

ENJOYED THIS STORY?

Add GOAL.com as a preferred source on Google to see more of our reporting

0