لا نختلف أبدًا أن كرة القدم لعبة جماعية، وأن الفوز يتطلب بناء فريق قوي متكامل العناصر، لكن وكما يقال لكل قاعدة استثناء .. واستثناء هذا الموسم هما فريقا ميلان والشباب، إذ كان العنصر الفردي قادرًا على إشعال الثورة والانقلاب على المنطق.
أشاد الجميع بتعاقد ميلان مع زلاتان إبراهيموفيتش في يناير 2020، وصفق الكل لتوقيع الشباب مع إيفر بانيجا صيف العام نفسه، ومن المثير للدهشة أن اللاعبان أتيا بالمجان ولم يُكلفا الناديين سوى الرواتب والمكافآت المرتبطة بالأداء ... أشادوا وصفقوا، لكن لم يتوقع أحدًا أن يكون تأثير اللاعبين على الفريقين بتلك القوة.
حالة غريبة في كرة القدم لابد أن تقف أمامها وتدرسها وتحللها جيدًا، لأن التغيير الذي أحدثه اللاعبان لم يتوقف عند حدود الملعب، بل تخطاه إلى غرفة الملابس والإدارة بل وحتى الإعلام والجمهور.
إبراهيموفيتش وبانيجا غيرا من لاعبي ميلان والشباب أنفسهم للأفضل، وكأنهما أصدرا منهم نسخًا جديدة وألغيا القديمة تمامًا، ونتحدث هنا عن أسماء مثل هاكان تشالهان أوغلو ودافيدي كالابريا وفرانك كيسييه ورفائيل لياو وكريستيان جوانكا وألفريد ندياي وعبد الله الحمدان (قبل انتقاله للهلال)، ولا ننكر أبدًا أن بعض الجدد ساهموا في تلك الثورة وعلى رأسهم ثيو هيرنانديز وإسماعيل بن ناصر وفابيو مارتينيز وإيجور ليتشنوفسكي.
إبراهيموفيتش .. قاهر الظروف في ميلانو
المهاجم السويدي بدأ مهمة "إعادة ميلان" من يناير الماضي، لكنه وصل إلى الذروة مع انطلاق الموسم الجديد بأداء قوي ومبهر جدًا للمنافسين قبل المحبين، ورغم الإصابات وضغط جدول المباريات وسنواته الـ39 إلا أنه استطاع إحراز 14 هدفًا وصناعة واحد خلال 13 مباراة فقط في إنجاز إعجازي.
Getty Imagesإبراهيموفيتش حاليًا يبتعد بفارق 3 أهداف فقط عن روميلو لوكاكو متصدر قائمة هدافي السيري آ الذي لعب 22 مباراة، أي ما يزيد بـ9 مباريات عن النجم السويدي، ولذا نجم مهاجم ميلان يتفوق في الرقم الخاص بمعدل الأهداف .. إذ سجل هدفًا كل 74 دقيقة فيما هو 99 للهداف البلجيكي و96 دقيقة لكريستيانو رونالدو نجم يوفنتوس.
صاحب الـ39 عامًا والمسيرة الرائعة في أوروبا وأمريكا صنع 15 فرصة لزملائه وسدد 17 مرة على مرمى الخصوم، ويبدو واضحًا للمتابع دوره الفني في الملعب سواء من حيث مساعدة زملائه أو إزعاج المدافعين المنافسين وإرهابهم بالقوة الجسدية والجرينتا الهائلة والمهارة العالية.
بانيجا .. الجوكر والمايسترو في الرياض
بانيجا على الجانب الآخر وصل الشباب بعد تتويجه بلقب الدوري الأوروبي مع إشبيلية، وصل العاصمة السعودية الرياض حاملًا معه كل الخبرات التي اكتسبها في مسيرته الرائعة في الأرجنتين وأوروبا، وقد انسجم سريعًا مع الأجواء والدوري وفريقه الجديد وبدأ أثره يظهر بقوة وسرعة فاجأت العديد من المتابعين.
EPAصاحب الـ32 عامًا لعب 17 مباراة جميعهم من البداية، سجل خلالهم 4 أهداف وصنع مثلهم، وقد صنع لزملائه 46 فرصة، ولا يتفوق عليه هنا في الدوري إلا يوسف الجبلي وسعد بقير نجما الباطن وأبها، وسدد 16 تسديدة على مرمى الخصوم.
لعب بانيجا في مركز صانع الألعاب في بداية مسيرته مع الشباب، ثم عاد ليُشكل ثنائيًا مذهلًا مع ألفريد ندياي في الوسط ضمن طريقة لعب 4-2-3-1، وهنا تطورت أدواره الدفاعية ولم يتخل عن مهامه الهجومية.
استعاد بانيجا الكرة 148 مرة وقطع تمريرات المنافسين وأفسد هجماتهم 10 مرات وهو الأكثر تمريرًا في الدوري السعودي بـ1433 تمريرة بنسبة نجاح 87% ووصلت إلى 84% في نصف ملعب المنافس.
هل يُكرر إبراهيموفيتش وبانيجا "استثناء" مارادونا مع نابولي؟
Gettyزلاتان وبانيجا منحا ميلان والشباب الكثير من الثقل والقيمة الفنية على أرض الملعب، بجانب سنوات هائلة من الخبرة وقدر كبير من الشخصية، وهو ما ساهم في تحسن خواص الفريق الذهنية من حضور وشجاعة وجرأة ورد فعل تجاه المواقف الصعبة ... كل هذا قاد الفريقان لصدارة الدوريين الإيطالي والسعودي (قبل أن يتراجع ميلان للوصافة مؤخرًا).
هما استثناء الموسم في كرة القدم بالتأكيد، ونذكر هنا الاستثناء الأعظم في كرة القدم .. دييجو أرماندو مارادونا مع نابولي، حين حول التراب إلى ذهب في جنوب إيطاليا. هل يُتوج جهد اللاعبين بالحصول على لقب الدوري في إيطاليا والسعودية؟ سنرى ..




