أنا أمتلك عقلية مختلفة عن باقي المصريين، هؤلاء الذين لا يحبون التعلم" هكذا صرح محمد صلاح في مؤتمر دعائي لأحد البنوك، ذلك المؤتمر الذي ضم تصريحات أخرى غير مفهومة، ولكن جميعها ليست بتأثير تلك المقولة التي ذكرناها بداية، فالرجل هنا أعطى لنفسه شهادة على إثرها يجب أن يحاسب على الأقوال الأخرى.
صلاح هو من راهن على العقلية وليس نحن، دائمًا ما يشيد بعقليته قبل أن نشيد بها جميعًا، لذا فمن المفترض أن يحاسب صلاح على أي شيء غير عقلاني أكثر من غيره، لأن رجل كبالوتيلي مثلًا ليس أهلًا لنقاش مثل هذه الأمور، فالرجل لا يعيش في عالم احترافي ولا يحب ذلك، أما صلاح فهو من حكم على نفسه بأن يوضع في هذه الخانة.
الأمر ليس عابرًا، فتحت الضغوطات التي يوضع فيها لاعبو ليفربول وصلاح على الأخص من الممكن أن تؤدي إلى بعض الأشياء غير المفسرة، ولكن استمرار تلك الأمور غير المفسرة على مدار 8 أشهر وبأشكال متنوعة ما بين تصريحات وتصرفات غير معتادة فالأمر يحتاج إلى وقفة، حتى لا يخسر صلاح وحتى لا نخسر جميعًا.
الأمر بدأ في مقطع فيديو بثه صلاح عبر صفحتة الشخصية على فيسبوك، وذلك على إثر الأزمة الأخيرة مع اتحاد الكرة المصري، حينها قال صلاح جملة استوقفتني كثيرًا، وهي أن ليفربول وإدارته أصبحا يعاملانه معاملة خاصة منذ نهاية الموسم الماضي، وبعدها تم التجديد له بأعلى راتب في تاريخ النادي، ليتحول صلاح رسميًا إلى نجم الفريق الأول وأيقونته على الأقل جماهيريًا وإعلاميًا.
ومع مرور الجولات في الموسم الحالي بدا أن صلاح لا ينظر إلى الأمور بالفعل من منظورها الصحيح، لا يعلم لماذا تنتقده الجماهير والصحافة أصلًا، لا يعلم لماذا أصبحت فئة من المصريين لا تحبه بعدما كان أيقونتهم الأولى، والأدهى من ذلك أصبح لا يعلم مستواه كلاعب كرة قدم دون أي إضافات خارجية، وما هو سبب فوزه ببعض الجوائز الفردية والمعاملة الخاصة التي يتلقاها من الإعلام والجماهير أحيانًا سلبًا كانت أو إيجابًا.
صلاح يظن أنه ينتقد لأنه سجل 17 هدفًا وليس 32 كما فعل العام الماضي، لأنه لا يعلم أن تلك الانتقادات تأتي بسبب تراجع مستواه الكلي وليس تراجع أرقامه، بسبب تشتته بأشياء خارج الكرة، وبسبب ادعاء السقوط داخل منطقة الجزاء وتكراره، الأمر الذي يستوجب عقوبة الإيقاف لثلاثة مباريات بنص القانون الإنجليزي، ولكن صلاح بالطبع لم يوقف ولا مرة بسبب ذلك، لماذا؟ لأن الاتحاد الإنجليزي هذا عنصري ويكرهه كونه عربيًا مسلمًا بالطبع.
أصبح صلاح أيضًا لا يعلم أن بعض المصريين أصبحوا يكرهونه لأنه بدأ في الحديث بنبرة تعالي، وبدأ يحاول الظهور كرجل يفهم في كل شيء من سياسة إلى اقتصاد إلى فن التعامل مع المرأة الذي تحدث فيه مؤخرًا، أمسى صلاح يملي على المصريين كيف يتعايشوا مع كل شيء، وفي كل مرة يفرض نفسه كقدوة لـ 100 مليون، وهذه ستأخذنا إلى نقطة أخرى.
Gettyصلاح يتحدث عن نفسه بأشياء لا يجب أن يتحدث بها الشخص عن نفسه، يقول أنا قدوة لهؤلاء ومثل أعلى لهؤلاء، أنا أضيع وغيري يسجل ورغم هذا الجماهير تغني لي أنا، أنا أفضل لاعب مصري عربي أفريقي، والكثير من الأشياء التي تأتي على المنوال ذاته.
أخيرًا صلاح لا يعلم أن جماهير السوشيال ميديا وكونه حالة مختلفة ساعده كثيرًا في التعامل الإعلامي وسباقات الجوائز الفردية، وكان عليه أن يحافظ على هذه القاعدة لو كان يملك هذه العقلية التي تحدث عنها.
وفي سلسلة من تلك الوقائع، ظهرت ركلة الجزاء التي أراد أن يأخذها من ميلنرــ المسدد الأول لركلات الجزاء ــ من أجل سباق الهداف، رغم أننا جميعًا نعلم أن صلاح لا يجيد أصلًا تنفيذ ركلات الجزاء، وأن ماني أيضًا ينافس على لقب الهداف ولا يصح أن يجامل اللاعبون صلاح على حساب ماني، وبالطبع هو يعلم كما نعلم أن لقطة كتلك قد تخلق مناخًا من المشاحنات التي ستؤثر على الفريق في وقت حساس كهذا من الموسم.
صلاح يتحدث عن أهمية اللقب الجماعي ولكنه يبدو مشغولًا باللقب الفردي أكثر، لقب الهداف ولقب أفضل لاعب وأي لقب فردي، يريد دائمًا أن يسجل أهدافًا وأن يساعده الجميع ليسجل أهدافًا، أن يدافع عنه كلوب في كل مرة يلعب فيها بشكل سيء، وأن تنتقد الصحافة كل اللاعبين ما عدا هو، ورغم أنه يأخذ دعمًا جماهيريًا غير طبيعي من جماهير ليفربول، ولكنه لا يكتفي بهذا من أجل الخروج من دائرة الضغوطات.
كلوب: ضربة جزاء صلاح صحيحة وأرضية الملعب كانت سيئة
رسالة إلى صلاح، هذه الأشياء تنبئ بظهور رونالدو آخر، ولكن من حيث التصريحات فقط، الفارق سيكون أن رونالدو فعل كل شيء في كرة القدم، ولكن صلاح لم يفعل شيئًا يشفع له ليقول ذلك.