Manchester City fansGetty

ما وراء المنطق - هل يبحث الجمهور - أصلا - عن الحقيقة؟

في زمن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت الحاجة كبيرة إلى "الترند" والرغبة في إيجاد موضوع مشترك يتحدث عنه أكبر قطاع ممكن من الجمهور، العقل الجمعي هو الحاكم ولابد أن تكون جزءًا من مجموعة حتى لو كانت جاهلة.

الإنسان بطبعه يمتلك هذه الرغبة في داخله، يود دائمًا أن يتتبع الأحداث ويشاهد ما يكتبه غيره، ويرغب في أن يتحدث عن الأمر ذاته حتى لو كان لا يمتلك خلفية أو معرفة بالقصة.

وحينما لا يوجد قصة تستدعي هذا التكالب من الجميع، فمن الأفضل اختراع قصة من العدم والتعليق عليها ومن ثم تعديل بعض التفاصيل حتى يتم تشويه الصورة تمامًا.

تصريحات تُرجمت بصورة خاطئة ثم أضاف كل شخص عليها بصمته فالنتيجة صارت تصريحات كاذبة ومقولة منسوبة لشخص لم يقلها أو يفكر حتى فيها. الحقيقة هنا ليست هامة، المهم هو الترند.

أكاذيب مقصودة

Mbappe Casemiro Real Madrid PSG Champions League 14022018

في عالم التواصل الاجتماعي أصبح البحث عن المعلومة لا يحتاج سوى لتطبيقين، الأول لونه أزرق وعليه علامة F كبيرة والثاني يغرد كالعصافير، فالأمر هنا أسهل، مجرد كلمتين بلغة عربية مفهومة أفضل من البحث عن المصدر وقراءة العديد من السطور وبلغة أجنبية.

ولأن من يقرأ مشجع ومن يكتب أيضًا مشجع، فمن الطبيعي ألا يهتم الكثيرون بالدقة بل النقطة المحورية هي السرعة، فيجب نقل التصريحات بمجرد سماعها أو قراءتها ولا يهم إن كانت دقيقة أو غير ذلك.

في رحلة البحث عن زيارات والمزيد من "أعجبني" يتم تحريف التصريح قليلًا ليكون أكثر إثارة، وما قاله كيكي سيتين عن أنّه لم يتوقع تدريب البلوجرانا فكان جالسًا في مزرعته يرعى الأبقار وفوجئ بتواصل الإدارة الكتالونية معه، تحول إلى "بالأمس أرعى الأبقار واليوم أدرب برشلونة" فقط لأجل السخرية.

ولا مانع أيضًا من اختراع تصريح لا أساس له من الصحة، مثل سخرية كيليان مبابي من مواجهة ريال مدريد في 2018 والتي لم يذكرها أصلا بل بالعكس كل ما قاله كان احترامًا لمنافسه.

الهدف هنا ليس نقل المعلومة ولكن حصد المزيد من التعليقات والآراء، فكلما كانت القصة ساخنة كلما كانت أكثر أهمية.

ما وراء المنطق | ليفربول النموذج الأوحد للنجاح!

الحقيقة

2020-01-14 Quique SetienGetty Images

يمكننا استغراق ساعات في ذكر أمثلة لمقولات كاذبة وتصريحات أُسيء فهمها، وتحليلات عن صفقات لم تتم ولم يكن مخطط لها من الأساس، ولكنها مجرد شائعات أصدرتها صحيفة أو صحفي مكتوب بجوار اسمه "موثوق".

ولكن السؤال الأهم هل يرغب القارئ أو المشجع بالأحرى معرفة الحقيقة؟ هل يود بالفعل أن يتابع من يتحرى الدقة وينقل التصريحات نصًا دون تلاعب أو تعديل؟

الأغلبية من الجمهور لا يود ذلك، لأن الحقيقة يجب أن تسير فقط وفقًا لم يؤمن به أو يردده صباح مساء، التصريح الذي أصبح على أرصفة صفحات "الكوميكس" لا يجب أن ينتهي به الأمر في سلة المهملات.

حينما يرى العقل البشري تصريحًا مثيرًا أو خبرًا صادمًا فإن أول ما يطرأ على عقله التعليق، أو مشاركة الخبر مع أصدقائه لتكون السخرية جماعية ولا يهتم أبدًا بالتأكد والتيقن.

جزء آخر يتعلق بالرغبة الملحة في الحصول على الاهتمام، فأحيانًا يكذب البعض عن عمد لا لأي سبب سوى للحصول على أكبر قدر ممكن من التعليقات حتى لو كانت أغلبها إهانات.

الآراء المسبقة

Karim Benzema Real Madrid 01-02-2020Getty

مع كل حدث يوجد رأي مسبق، هناك اقتناع من عدد من جمهور برشلونة مثلا أن كيكي سيتين مدرب سيء دفاعيًا، أو أنّ الكرة الدفاعية تكسب البطولات، أو أنّ كريم بنزيما مهاجم فاشل، وغيرها من الأمثلة.

ولأن الحكم النهائي معتمدًا على رأي مسبق، فيسرع الجميع إلى استغلال أي حدث للتأكيد على رأيه السابق دون التحقق من صحة الحدث أو التصريحات أو الموقف.

لا يهم إن لم تكن شاهدت المباراة أو قرأت الخبر من مصدره أو بذلت مجهودًا في التأكد من صحة الأرقام التي تنقلها، لا يهم إن كان رأيك مبنيًا على فكرة ومعلومة يقينية، المهم فقط هو الانتصار للرأي.

الجمهور في العموم وفي خصوص كرة القدم لا يهتم بمعرفة الحقيقة، ولا يرغب حتى في البحث عنها وبذل مجهود مضاعف للتأكد مرة واثنين، لأنّ الشك مرهق والإيمان بأي شيء حتى لو كان عن جهل أيسر.

لا أحد يحب معرفة الحقيقة، لا أحد يهتم أصلًا سوى بالانخراط في المجتمع وأن يكون جزءًا من الكل، حتى لو كان الكل أصلًا على ضلال!

إعلان

ENJOYED THIS STORY?

Add GOAL.com as a preferred source on Google to see more of our reporting

0