Leicester Liverpool Premier League 26 12 2019Getty Images

ما وراء المنطق - ليفربول النموذج الأوحد للنجاح!

ذاكرة الجمهور أضعف من السمك، ولذلك من السهل جدًا أن تجد تعليقًا لأحد المشجعين حول مباراة محددة وبعد أيام قليلة يخرج بتعليق مناقض تمامًا لما قاله من قبل.

إن فاز فريقه بأداء مخيب يقول "شخصية البطل" وإن خسر رغم كونه الطرف الأفضل يتغير التعليق إلى "كنا الأفضل"، لا يهم كيف تسير الأمور لأنه سيجد دائمًا الحيلة التي تجعل رأيه سديدًا، ووجهة نظره حوله فريقه هي الأصح.

المشكلة كلها تبدأ حينما تتراجع النتائج، ويفشل فريقه المفضل في الفوز بالبطولات أو حتى الألقاب الكبرى لتظهر قيمة التناقضات التي لا حصر لها ولا نهاية، ووقتها تتوقف لتسأل، ما هي فكرة التشجيع من الأساس؟

الموضوع يُستكمل بالأسفل

ما وراء المنطق - فالفيردي ليس السبب.. الشبع طال برشلونة

ليفربول

Roberto Firmino Liverpool 2019-20Getty Images

ربما تسأل ما علاقة هذه المقدمة بليفربول؟ الحقيقة أنّ كتيبة يورجن كلوب أظهرت أبرز خصائص جمهور كرة القدم أو ربما على الأقل الجمهور العربي لفرق أوروبا.

ما يقدمه ليفربول حاليًا غير طبيعي، موسم خيالي لم يعرف فيه الريدز الهزيمة ولا مرة، بل والأدهى أنّه فقد نقطتين فقط في البريميرليج بعد 23 مباراة كاملة وأصبحت مسألة حسم الدوري وقتية، حتى أنّه قادر على تجاوز موسم 2017-2018 الاستثنائي لمانشستر سيتي.

ليفربول يحقق ذلك بعد موسم رائع خسر فيه البريميرليج محققًا 97 نقطة وحقق دوري أبطال أوروبا في نهائي ثاني له على التوالي بجانب التتويج بكأس العالم للأندية والسوبر الأوروبي.

نجاح ليفربول المتواصل دفع الجميع للسؤال عن السبب، وبدأت التحليلات والآراء حول عبقرية كلوب وأفكاره التكتيكية وخط وسطه القوي بدنيًا والفريق الذي يركض طول الوقت في كل مباراة دون أي إشارة لتراجع بدني، وكأنهم ماكينات وليسوا بشرًا.

هنا فُتن الجمهور.

الانتماء القاتل

Liverpool fans Anfield 2019Getty

حينما يقرر مشجع عربي أن يعلن ولائه لفريق أوروبي فإنه يفعل ذلك لسبب ما، ربما وجد هذا الفريق مسيطرًا على البطولات وقت بداية متابعته كرة القدم، ربما امتلك أفضل لاعب في العالم، أو يلعب بطريقة أعجبته، أو ربما فقط انبهر بتاريخ هذا النادي.

دائمًا هناك سبب، ولكن لا شيء يدوم، تيكي تاكا برشلونة توقفت، جلاكتيكوس ريال مدريد اختفى، مانشستر يونايتد العريق أصبح يكافح لحجز مقعد مؤهل للأبطال، وميلان صاحب السباعية الأوروبية يخسر من أتالانتا بخماسية.

ورغم اختفاء سبب التشجيع، لكن الانتماء قاتل، فلا يُعقل أن يخرج شخص على مواقع التواصل الاجتماعي ليعلن أنّه لن يشجع برشلونة بعد اليوم لأنه لا يقدم كرته الشهيرة، أو أنّه سيتجه لتشجيع يوفنتوس لأن رونالدو غادر ريال مدريد، وإلا وقتها وُصم بالعار، فبالتالي لابد من الاستمرار في التشجيع. الكيان أهم يا ولدي.

ولكن ماذا لو فشل فريقه المفضل في الفوز بالبطولات؟ ماذا لو انهار وتراجع لأي سبب من الأسباب في الوقت الذي برز فيه فريق آخر؟ هنا ندخل على الأزمة الثانية. النموذج الأوحد للنجاح

روشتة النجاح

Jurgen Klopp Liverpool 2019-20Getty Images

هل تذكر السؤال المتكرر الذي يتلقاه المشاهير في البرامج المختلفة؟ نعم إنّه "ما سر نجاحك؟".

البعض يتوقع أن هناك طريقة واحدة للنجاح، أسلوب واحد وفكر واحد يصلح للفوز، حينما حقق برشلونة السداسية وسيطر على البطولات لعدة سنوات مع بيب جوارديولا، أصبح اللعب التموضعي النموذج الأوحد للنجاح، وحينما جاء زين الدين زيدان وحقق دوري أبطال أوروبا لثلاث سنوات على التوالي، أصبح الملكي هو الرمز الأوحد للبطل.

واليوم مع كل ما يقدمه ليفربول، أضحى فكر كلوب هو النموذج الأوحد للنجاح.

ولكن المشجع المنتمي للكيان لن يستطيع تغيير فريقه ويشجع ليفربول، لن يصبح الأمر مقبولًا وخاصة لو أعلن من قبله ولائه لمانشستر يونايتد مثلا أو برشلونة فلن يسلم وقتها من عقدة أوريجي. فما الحل؟

نقل أسلوب ليفربول. الأمر انتهى، لا نريد تمريرات قصيرة والـ positional play، لا نريد بوسكيتس، نريد فينالدوم وميلنر وهيندرسون، نريد أطراف مثل روبرتسون وأرنولد تركض طوال الوقت ولا تكل ولا تتعب.

لا يهم إن كانت الليجا غير البريميرليج، ولا الدوري الإيطالي يختلف عن الإنجليزي، ولا نوعية المنافسة في ألمانيا مختلفة عن إنجلترا. نريد نسخ ليفربول.

وفي أول فرصة للنقاش، يكون تفسير هذه الرغبة المجنونة في نقل ما يقدمه كلوب مع ليفربول لفرق العالم هو تطور كرة القدم.

القصة الخادعة

Jurgen Klopp Pep GuardiolaGetty Images

كرة القدم لا تتطور، الحقيقة أننا حاليًا ندور في فلك لا نهاية له.

فريق يلعب بفكر مبادر وأن يكون الفعل ويهدد وينافس ويصنع الفرص، فيقرر المنافسون أن يكونوا رد الفعل ويلعبوا على التحولات وينجحوا، ليواجهوا فرقًا تتراجع للخلف ولا يتركوا المساحات فيصبح فريق رد الفعل فريق فعل.

للتوضيح، لاعب الوسط المبتكر كان موجودًا وقت كرويف في برشلونة وهو بيب جوارديولا، ولكن بعد ذلك اختفى الأمر وظهر لاعب الوسط القاطع للكرات فقط مثل ماكيليلي ثم بعدها عادت الفكرة السابقة في شخص بوسكيتس وبعدها ظهر كانتي وهكذا.

أغلب الأفكار إن لم تكن كلها هي إعادة تدوير لأفكار سابقة، ربما تُطبق بصورة أفضل أو يمتلك الفريق عناصر أحسن ولكن جوهر الفكرة لا يتغير.

كرة القدم لا تتطور ولكنها تنتقل من حال أ إلى حال ب ثم تعود مرة أخرى إلى أ وبعدها ب وهكذا.

الآن ليفربول هو نموذج النجاح، ولكن ربما بعد عدة سنوات تبلى الفكرة ويسقط الريدز ونجد فريقًا جديدًا صاعدًا بأسلوب لعب مختلف تمامًا، ووقتها سيأتي المشجع ليطلب نسخ هذا الأسلوب على فريقه المفضل والحجة هي "كرة القدم تتطور".

إعلان