Goretzka Bayern Munich [CORRECT SIZE VERSION]Getty

فليك وغياب المنافسة .. أسباب تمنح بايرن ميونخ لقب دوري أبطال أوروبا

حسم بايرن ميونخ لقب الدوري الألماني لصالحه للعام الثامن على التوالي وقبل جولتين من نهاية البطولة، كما يمتلك الفرصة للحفاظ على لقب كأس ألمانيا للعام الثاني على التوالي عندما يلتقي في النهائي مع باير ليفركوزن يوم 4 يوليو المقبل بالملعب الأولمبي ببرلين.

ليس هذا فحسب، بل إن بايرن ميونخ وضع قدمًا في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا بعدما فاز في ذهاب دور الـ16 على تشيلسي بثلاثية نظيفة في قلب ستامفورد بريدج، لتكون كتيبة فرانك لامبارد في حاجة إلى ريمونتادا إعجازية في الإياب لإيقاف العملاق البافاري وزحفه نحو النجمة السادسة.

كل الدلائل تُشير إلى موسم تاريخي في بافاريا قد ينتهي بثلاثية تاريخية في أفضل الأحوال وإن استمر بايرن في شكله ومستواه الحاليين، فبعد العطاءات المقدمة، يبقى السؤال المطروح من يستطيع أن يوقف العملاق الألماني من كبار أوروبا؟ سؤال إجابته مبهمة وقد زادها فيروس كورونا غموضًا.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

حلم التتويج بدوري أبطال أوروبا يراود بايرن ميونخ منذ تحقيقه ثلاثيته التاريخية الأولى عام 2013 بجيل أسطوري بقيادة يوب هاينكس، ورغم وصول مدربين من طراز عالمي أمثال بيب جوارديولا وكارلو أنشيلوتي وحتى هاينكس نفسه في 2018، لكن عجزوا جميعًا عن إعادة ذات الأذنين إلى أليانز آرينا.

وبحسب آخر الأنباء، فإن دوري أبطال أوروبا سيقام في شهر أغسطس المقبل بعد انتهاء جميع الدوريات، على أن يتغير نظامه ليتكون من مباراة واحدة إقصائية بدءًا من دور ربع النهائي وعلى أن يُقام في العاصمة البرتغالية لشبونة كأرض محايدة وبدون حضور جماهيري.

يمكن القول أن بايرن ميونخ الآن أقرب من أي وقتٍ مضى للقب دوري الأبطال، عوامل كثيرة ترجح هذا الأمر، وفي هذا التقرير نستعرض وإياكم أبرز ما يؤهل كتيبة هانزي فليك للهيمنة على القارة العجوز.

جدول مباريات منتظم ووقت للراحة

ONLY GERMANY Thomas Muller Bayern MunchenImago Images

بالنظر إلى بقية الفرق الموجودة في دوري أبطال أوروبا، يتمتع بايرن ميونخ بميزة عنهم جميعًا باستثناء لايبزيج، وهي أن النادي البافاري سيأخذ قسطًا من الراحة ولن يتعرض لنفس الضغوط التي سيتعرضون لها قبل استئناف الأدوار المتبقية من البطولة.

موسم 2019-2020 ينتهي لبايرن بحلول 4 يوليو بنهائي الكأس، بعد ذلك سيحظى اللاعبون براحة أسبوعين أو أكثر، ثم تبدأ العودة من جديد بمعسكر إعدادي استثنائي مخصص لما تبقى من دوري الأبطال وللموسم الجديد، ميزة لا يحظى بها أي منافس إسباني أو إنجليزي أو إيطالي.

كما أن بايرن ميونخ لم يتعرض لنفس الضغوطات التي تعرضت لها تلك الفرق، فرغم استئناف البوندسليجا في مايو، لكن حافظت الرابطة على أن تُلعب المباريات بالصورة التقليدية مرة واحدة أسبوعيًا باستثناء أسبوعين فقط لُعبت فيهم المباريات بنظام الأسابيع الإنجليزية الشهيرة.

نظريًا وعمليًا، بايرن ميونخ لم يُرهق كثيرًا، حالته البدنية ستكون ممتازة بحلول أغسطس، لن يفقد العديد من لاعبيه بسبب الإصابات أو الإنهاك العضلي كما هو متوقع لدى الأندية الأخرى.

على النقيض، كرة القدم عادت لتوها في إسبانيا وإنجلترا وإيطاليا، من منتصف شهر يونيو وحتى نهايات يوليو تُلعب مباريات الدوري بنظام مباراتين أسبوعيًا، إنهاك ما بعده إنهاك، إصابات متوقعة كثيرة جدًا، في المقابل، بايرن مرتاح وهادئ جدًا، نعم توجد بعض الإصابات لكن حتى نهاية الموسم مبكرًا ستمنحهم الفرصة للتعافي.

هانزي فليك

Hans-Dieter Flick Bayern Munchen CoachDepo Photos

حقًا لا يمكن معرفة إذا كان بايرن ميونخ محظوظًا أم أن إدارته فطنة لدرجة لا توصف، فكارل هاينز رومينيجه مع أولي هونيس انتدبا هانزي فليك ليصبح مساعدًا لنيكو كوفاتش، وكأن الإدارة كانت تشعر بأن الكرواتي لن يستمر طويلًا ويجب جلب معوضه المؤقت، فجأة أقنع المؤقت الجميع وصار دائمًا عن جدارة واستحقاق لا جدال عليهما.

فليك هو أكبر وأهم ميزة لبايرن ميونخ، مدرب واقعي إلى أبعد حد، متعامل مميز جدًا مع اللاعبين والإدارة، يمكن أن يُفهم ذلك من خلال تصريحات العديد من اللاعبين حول طريقة تعامله معهم من الناحية النفسية، ما أدى مثلًا إلى قبول فيليب كوتينيو أن يجلس على دكة البدلاء ولا يمتعض، أو أن نرى كبار مثل توماس مولر يتم استبدالهم بدون أي مشاكل، تمامًا عكس الوضع مع نيكو كوفاتش.

مع فليك، تحوّل مولر إلى آلة صناعة أهداف، صار سيرج جنابري أحد أخطر الأسلحة على الإطلاق، ليون جورتيسكا بات من أفضل لاعبي وسط الملعب في العالم، ألفونسو ديفيز قارع أكبر ظهراء الجانب الأيسر، كل اللاعبين بدون استثناء استفادوا منه من الناحيتين الفنية والنفسية.

أضف إلى ذلك أن فليك ورث عن استاذه يواخيم لوف، والذي عاونه قرابة الـ9 أعوام في تدريب منتخب ألمانيا، فكرة اللعب بأفضل المتاحين بدون فلسفة أو مجاملات وبالطريقة التي تتناسب مع الجودة الموجودة، فصار بايرن ميونخ معه وحشًا لا يمكن إيقافه، كلٌ في مركزه يُبدع يشعر بالرضا النفسي والبدني ويسعى للتطور.

من ضمن كبار أوروبا الحاليين، لن تكون مبالغة إن قيل أن هانزي فليك هو أفضل مدرب موجود حاليًا بالنظر إلى النتائج ومستوى بايرن ميونخ أمام الكبار قبل الصغار، إنه الميزة التي تجعل بايرن المُفضّل للقب دوري الأبطال.

تكتيك بايرن ميونخ.. الواقعية هي الحل

Joshua Kimmich Thiago Alacantra Alphonso Davies Bayern Munich 2020Getty

نقطة تترتب على النقطة السابقة بوجود فليك، بايرن ميونخ يلعب بطريقة 4/2/3/1، وفي بعض الأحيان 4/3/3، كلها خطط تتناسب بصورة مثالية مع الإمكانيات المتوفرة، إلى جانب أنها تشكل خطورة على أي منافس مهما كانت قدراته.

ربما نقطة كانت هامة جدًا قام بها فليك أضفت قوة مميزة لفريقه، وهي تحويل جوشوا كيميش إلى مركز الارتكاز بدلًا من الظهير الأيمن، في مقابل تطوير هائل في مستوى بنيامين بافارد جعل الجبهة اليُمنى في مأمن على الأقل دفاعيًا.

هذا إلى جانب نقطة مهمة جدًا بوجود ألفونسو ديفيز يسارًا، وما زاد من قوة دفاعاته بسرعته وهجومه بمهارته، مع عدم الإغفال عن إيجاده حل مؤقت لمركز قلب الدفاع بوضع دافيد ألابا وهو في أوّج فتراته، ما منح أمانًا دفاعيًا لم ينعم بايرن به في ظل عام ونصف من حكم نيكو كوفاتش.

لا يجب الإغفال أيضًا عن تحويله توماس مولر إلى صانع ألعاب بدلًا من دور المهاجم الإضافي الذي كان يلعبه في أغلب الأحيان، مع ما منحه لمنتصف الملعب من قوة وجود ليون جورتيسكا بشكله الحالي، الذي مهّد إلى ثنائي ناري مع كيميش بمقدوره إحباط آمال أي خصم في الارتداد السريع أو الاستحواذ على الكرة.

بالنظر إلى التكتيك المتبع من قبل فليك، التوازن بين الهجوم والدفاع، عدم الاندفاع في شق من الشقين، يمكن القول أنه طبق مفهوم الواقعية في أفضل صوره، الأمر الذي يجعله ربما هو الفريق الأقوى حاليًا في أوروبا، فنجح مساعد لوف في وضع "التوليفة المثالية" بالتكتيك والأفكار المناسبة لهم جميعًا.

مزيج استثنائي بين اللاعبين الخبرة والشباب

Manuel Neuer, Bayern MunichGetty

يُمكن أن تلاحظ أن بايرن ميونخ الحالي يحتوي على مزيج لا يوجد كثيرًا من اللاعبين الخبرة والشباب، ما ينعكس إيجابًا في أي مباراة كبرى أو صغيرة، فلن تجد اندفاع الشباب أو وهن الكبار، ما ستجده بالطبع هو توازن نتيجة هذا المزيج الذي لن تكون مبالغة إن قيل أنه غير موجود في أغلب فرق أوروبا حاليًا.

جيل جديد يبزغ في ميونخ يبدأ من بافارد وكيميتش وديفيز وجورتيسكا وجنابري، مع جيل آخر من الخبرة عاصر الإنجازات البافارية متمثل في الحارس العملاق والقائد مانويل نوير، مع دافيد ألابا وجيروم بواتينج وخافي مارتينيز وروبرت ليفاندوفسكي ومولر، ستجد أن متوسط الأعمار في أرض الملعب متوازن جدًا، لن يزيد عن 27 عامًا ولن يقل أبدًا عن 25 عامًا، وهو المطلوب تمامًا على مختلف الأصعدة.

عندما يتواجد لاعبون بقيمة الكبار وخبراتهم جنبًا إلى جنب مع شباب واعد بمهارات فذّة، المنتج النهائي سيكون ما يراه العشاق أسبوعيًا من أداء لا يُقارن بأي عملاق آخر.. يمكن القول أن بايرن ميونخ الفريق المثالي حاليًا قياسًا بالفرق الأخرى الموجودة في منافسة دوري أبطال أوروبا.

ضعف الخصوم

Luis Suárez Mallorca Barcelona 13062020Getty

لطالما قيل أن سبب هيمنة بايرن ميونخ المحلية هي ضعف الخصوم، في هذا الموسم على وجه التحديد هذه الفرضية غير واقعية، بوروسيا دورتموند وبوروسيا مونشنجلادباخ ولايبزيج كانوا أقوياء وحاولوا حتى الرمق الأخير، ربما ما جعل بايرن يتفوق في النهاية هو عامل الخبرة ليس إلا.

لكن بالنظر حاليًا إلى المنافسين الموجودين أوروبيًا، فحقًا ضعف الخصوم قد يُهدي بايرن ميونخ بشكله الحالي اللقب، هل أتالنتا أو لايبزيج بمقدورهما الصمود أمام قوة البافاري؟ هل برشلونة في أفضل فتراته حاليًا؟ هل حقًا يوفنتوس في فترة جيدة مع ماوريتسيو ساري رغم وجود رونالدو؟ ماذا عن باريس سان جيرمان الذي سيمضي على توقفه 5 أشهر عند استئناف الأبطال؟ أتلتيكو مدريد الذي يُعاني كثيرًا حتى ولو أقصى ليفربول؟.

يمكن القول أن فقط الذي سيمر بين مانشستر سيتي وريال مدريد قد يشكل خطرًا على بايرن ميونخ من الناحية النظرية، حتى وإن كان ريال مدريد نفسه ليس في أفضل فتراته، وجوارديولا تاريخه مؤخرًا في دوري الأبطال لا يبشر كثيرًا بالخير.

مقارنةً بجميع الموجودين، بايرن ميونخ هو الأقوى، بايرن ميونخ الأوفر حظًا، ووفقًا للعوامل الأخرى فإن البافاري بقيادة هانزي فليك في طريقه لتسيد أوروبا في هذا العام الاستثنائي.

إعلان