الخيانة كانت العنوان الرئيسي لتولي كريستوف جالتييه مهمة باريس سان جيرمان، خلفًا للأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو لقيادة المشروع المختلف للنادي الفرنسي، ولكن لماذا تم اتهامه بهذه الصفة؟
جالتييه نشأ وترعرع بمدينة مارسيليا الفرنسية، والتي يرتبط ناديها بعداوة شديدًا جدًا مع باريس، ولكن جالتييه قرر تجاهل مشاعره والاستماع فقط لصوت العقل.
وصوله أثار دهشة جماهير باريس قبل الجميع، لأن صاحب الـ55 سنة لم ينشأ فقط في مارسيليا، بل سبق أن لعب لهذا النادي لفترتين خلال مسيرته كلاعب.
ولكن بعيدًا عن هذه الاتهامات والغضب المتصاعد من جماهير مارسيليا، من هو جالتييه حقًا؟ وما هي خطته وأهم إنجازاته كمدرب؟
مسيرة متواضعة
Getty Imagesجالتييه لم يكن مبهرًا بالشكل الكافي خلال فترته كلاعب قلب دفاع، حيث تدرج في مارسيليا ولعب بالفريق الأول في 1985 قبل الرحيل إلى ليل بعدها بعامين.
تنقل بين العديد من الفرق مثل أنجيه ومارسيليا مرة أخرى في 1995 قبل الرحيل إلى نادي مونزا الإيطالي، ومنه إلى الدوري الصيني في 1998 قبل اعتزال كرة القدم.
المثير للدهشة في مسيرته أنه لم يدفع أحد أي شيء من أجل التعاقد معه، كل انتقالاته جاءت في صفقات انتقال حر منذ بدايتها وحتى اعتزال الكرة بشكل نهائي.
لم يحصل جالتييه على أي بطولة خلال مشواره، ولا يمكن وصفه كأحد أهم اللاعبين في تاريخ فرنسا، ولكنه الآن يعتبر من أهم المدربين الفرنسيين من أبناء جيله.
السر وراء سكاماكا ونيمار
Getty Imagesمنذ بضعة أسابيع سمعنا أن باريس يفاوض المهاجم الإيطالي جانلوكا سكاماكا، والبعض تعجب من هذه الأنباء خاصة وأن الصفقة تبدو وشيكة جدًا في الوقت الحالي.
باريس يمتلك العديد من اللاعبين المميزين في خط الهجوم، مثل نيمار وكيليان مبابي وليونيل ميسي وماورو إيكاردي، وسكاماكا يمتلك سمعة جيدة قد لا تجعله يقبل بدور البديل.
ولكن في الحقيقة الخطة المفضلة لجالتييه تجعل الأمر منطقيًا، لأنه يعتمد على طريقة لعب 4/4/2 بتقسيم آخر 6 لاعبين في الملعب إلى ثنائي متجاور لتكملة بعضهما البعض.
لذلك ربما ما يريد تطبيقه في باريس هو الاعتماد على مهاجم محطة يمكنه المشاركة في فتح المساحات لمن حوله وإجادة الكرات العالية لمساعدة شريكه الهجومي الذي يمتلك خواص أكثر ديناميكية وحركة وهو كيليان مبابي.
Getty/PressBoxومن المتوقع أن يكون خلفهما ليونيل ميسي ونيمار، وبعدهما الوافد الجديد فيتينيا وماركو فيراتي، لتكتمل المنظومة في أفضل صورة ممكنة وفقًا لتجاربه السابقة مع نيس وليل.
ولكن المدرب الفرنسي خرج بنفسه في المؤتمر الصحفي، ليؤكد عدم استبعاد فكرة اللعب بـ3 مدافعين، مع إمكانية تغيير بعض الأساليب الخاصة به لتتناسب مع مجموعة المواهب المتواجدة في باريس، وهذا ما ستثبته الأيام.
أسلوبه ساهم في تنمية عقلية الفوز لدى نيس وليل، حيث يريد خلق التوازن بين الدفاع والهجوم، ويحب أن يشارك الجميع في تلك المنظومة بما فيهم حارس المرمى.
الاختيار بين جيانلويجي دوناروما وكيلور نافاس، سيكون وفقًا لمن منهم الأفضل في اللعب بقدميه ويبدو الأمر أنه دوناروما وفقًا لتصريحات جالتييه نفسه، ونفس الأمر بالنسبة للمدافعين، لأن الإجادة في قطع الكرة واستخلاصها والالتحامات ليست الأسباب الكافية للتواجد بشكل أساسي مع جالتييه.
الاعتماد على الكرات الطويلة المتقنة كذلك من المدافعين، كانت من السمات التي شاهدناها مع جالتييه خاصة مع نيس، مع أهمية وجود لاعب وسط "حامل للكرة" يمكنه تخطي المدافعين ولذلك تم التعاقد مع فيتينيا وهناك مفاوضات مع ريناتو سانشيس.
وأما بالنسبة صناعة الفرص، فكانت هذه المهمة للاعب أمين جويري في نيس وربما نرى ميسي يطبقها بالتعاون مع نيمار في باريس.
ولكن وجود البرازيلي سيكون بمثابة علامة الاستفهام في حديقة الأمراء، لأن المدرب الجديد يحب أن يشارك كل الخط الأمامي في عملية الضغط، والبرازيلي لا يطبق هذه المهمة بنجاح، ويبدو أن هذا من أهم أسباب رغبة باريس الملحة في التخلص منه هذا الصيف قبل ظهور تأكيدات بتجديد عقده حتى 2027، لذلك وجوده ربما يتسبب في بعض الخلافات مع جالتييه رغم تصريحاته في المؤتمر الصحفي خلال تقديمه التي مدح فيها نيمار واعتبره أساسيًا بمشروعه، لأنها ربما تكون مجرد كلمات دبلوماسية فقط أمام الإعلام.
عقلية مختلفة
Gettyربما تكون المشكلة الحقيقية التي جعلت بوتشيتينو يفشل في باريس، هي قدومه من بيئة مختلفة تمامًا في توتنهام تعتمد على بناء منظومة بأقل إمكانيات، لينتقل إلى فريق آخر مدجج بالنجوم ويعتمد على صفقات الضجة الإعلامية.
للوهلة الأولى سنظن أن جالتييه سيواجه نفس الأزمة، لأن تجاربه كانت في أندية تمتلك إمكانيات أضعف بكثير من باريس مثل ليل ونيس وسانت إتيان.
أنفق 145 مليون يورو فقط في تجربته الأبرز مع ليل في الفترة من ديسمبر 2017 وحتى يونيو 2021، وهو رقم لا يمكن مقارنته مع ما ينفقه باريس في الموسم الواحد.
ولكن حقيقة أن لويس كامبوس المدير الرياضي الذي عمل معه في ليل وجلبه الآن لباريس، يجعلنا نتوقع تجربة مختلفة تمامًا قد تنجح وهذا ما نراه من خلال صفقات النادي الفرنسي.
باريس تعاقد مع فيتينيا ويستهدف ريناتو سانشيس وسكاماكا، وهي صفقات ليست بحجم سيرخيو راموس وأشرف حكيمي وميسي ونيمار، ويبدو الهدف منها بناء المنظومة بغض النظر عن الأسماء.
لذلك التنبؤات بنجاح جالتييه تبدو أعلى من بوتشيتينو، الذي لم يستطع التأقلم مع الأجواء الجديدة في باريس، ولم يمتلك الصلاحية الكافية لاختيار اللاعبين.
الإنجاز الأهم
جالتييه سبق أن حصل على لقب كأس الدوري الفرنسي في سانت إتيان بموسم 2012/2013، ولكنه ليس الإنجاز الأكبر له، لأن الفوز بالدوري الفرنسي مع ليل في 2021/2021 هو العلامة الأبرز بمشواره.
بمجموعة خالية من النجوم وشباب مثل جوناثان ديفيد وتيموثي وياه وجوناثان بامبا وريناتو سانشيس، ومهاجم مخضرم يبلغ من العمر 34 سنة وهو التركي بوراك يلماز نجح ليل في التفوق على باريس بكل أمواله.
المدرب الجديد لباريس أعاد للدوري الفرنسي رونقه بهذا الموسم، بعدما أشعل المنافسة بتفوقه على العملاق الباريسي بفارق نقطة واحدة فقط ليخطف اللقب، ولكنه عانى من موسم محبط بعدها مع نيس باحتلاله المركز التاسع بالدوري الموسم الماضي.
ومن أهم الإنجازات الفردية له الفوز بلقب المدرب الأفضل بالدوري الفرنسي 3 مرات، الأولى كانت بالمشاركة مع كارلو أنشيلوتي مدرب باريس وقتها في 2013 عندما كان في سانت إتيان، والثانية في 2020 والثالثة في العام التالي مع ليل.
ربما لا يعتبر جالتييه المدرب اللامع الذي توقع البعض أن يشرف على تدريب باريس مثل زين الدين زيدان أو ماسيميليانو أليجري، ولكن ما فعله يجعله جديرًا بالحصول على الفرصة، لإثبات نفسه بتجربة مختلفة، ولكنها ربما تجعله من أكثر الرجال المكروهين بمدينته الأصلية مارسيليا.
اقرأ أيضًا ..
انتظارًا لغيابه عن التدريبات .. بايرن ميونخ يحضر عقوبات قاسية بحق ليفاندوفسكي
سيتي في الصدارة وتواجد مدريد وغياب برشلونة .. أغلى قوائم الأندية في العالم