لا يمكن أن تكرر نفس الأخطاء ثم تنتظر نتيجة مختلفة .. مبدئيًا هذه الجملة ستختصر الكثير بشأن الحديث عن مستقبل منتخبنا الوطني في المونديال القادم ومن بعده الحدث الأهم - من وجهة نظري - كأس آسيا لأننا أطلنا الغياب للغاية والسنين وصلت إلى 15 عامًا منذ آخر نهائي لعبنا فيه و25 عامًا منذ آخر مرة حققنا اللقب، وهذا شيء لا يمكن أن أتقبله خصوصًا مع الجيل الحالي الذي أعتبره من الأفضل، رغم القصور في بعض المراكز.
برغم هذه المقدمة إلا أننا سنعود للحدث الأساسي حاليًا ونحن نلعب المباريات الودية من أجل خوض المونديال القادم في أقصر مونديال سنسافر له وفي أكثر دولة حضرت بها إنجازات الأخضر، وحتى نفصّل في عوامل النجاح سأذكر الاستقرار أولاً، وقرار تجديد عقد هيرفي رينارد أراه قد تم في الوقت المناسب، ثقة كاملة في أكثر جهاز فني شاهدته يحترم عمله وكل مساعديه يقومون بعملهم على أكمل وجه من سفر لتحضير ولحضور مباريات مختلفة في الدوري للوقوف على جاهزية الجميع إلى مدرب منتخبات فعلًا يعلم حجم إدارة منتخب، وهذا يظهر من خلال نجاحاته في أصعب قارة تستطيع فيها السيطرة على اللاعب وعلى النجم وعلى الاستدعاء وعلى أن يتحمل كل نجم مسؤوليته كاملة تجاه بلده، خاصةً في قارة يعتبر السيطرة على النجم فيها هو الأصعب ومع ذلك نجح نجاحًا باهرًا، قد نختلف على رينارد فنيًا داخل الملعب وهذا طبيعي ما بالك بمدرب منتخب وليس نادٍ متواجد يوميًا وله حصصه الأسبوعية ومستمر مع نفس المجموعة ويعلم كل تفاصيلهم داخل الملعب وخارجه، ولديه المقدرة على التحضير والتدوير والتصعيد وغيرها، لذا أقول دائمًا يكفي من مدرب المنتخب أن يأخذ من كل لاعب الأفضل ويستخدمه أفضل استخدام ممكن، وفي بعض الأحيان قد يؤثر ذلك إيجابًا على النادي الذي يلعب له هذا النجم كما كان محمد كنو مثلًا في بداية الموسم ما بين تهميش من جارديم إلى أن يقدم نسخة أراها الأفضل له، رينارد هو المدرب الذي ربما أختلف وأتفق وأتردد وأتناقش حوله كثيرًا لتدريب فريقي المفضل، ولكنني لن أناقش فيه أبدًا ليقود منتخبي وأعلم أننا معه سنعيش تفاصيل كثيرة جيدة مثل ما رأينا حتى الآن أو تفاصيل سيئة وسنناقشها في حينها، ولكنني متأكد أننا لن نحظى حاليًا بأفضل منه في هذه الفترة.
عمومًا حتى ينجح منتخب هيرفي يجب أن يفهم المسؤول أن كرة القدم فيها إدارة للضغوط والحوافز وهو ما فشلنا فيه في آخر السنين بإمتياز، ما بين قرارات كارثية من لجان معينة أو جعل المونديال هاجس، وتجد بعضهم ما بين مفرط وكأنه لا يعلم معنى كلمة مونديال أو متخوف وكأنما هي معركة حياة أو موت، وهو ما يبرر سوء البدايات في المونديال أو حتى في مناسبات كثيرة غيره ثم نحاول تدارك الموقف بعد الخروج من الوهم إلى الواقع.
حتى نقدم نسخة مونديالية أفضل يجب أن نعلم أننا سنواجه منتخبات مختلفة سواء فنية أكثر أو بدنية أو مزيج مثل الأرجنتين مع سكالوني، كل هذا لا يهم كونك ستكون غالباً "رد الفعل"، وهذا عكس أغلب مبارياتك في التصفيات مما يعني أسلوب وتحضير مختلف وأدوات تخدم هذا الأسلوب وقادرة قبل كل شيء على لعب مباريات دفاعية جيدة ومن ثم بالتحولات أو حتى بالاستحواذ في فترات معينة من أي مباراة نستطيع أن نسجل، ربما هي مجرد سطرين هنا، ولكن حتى تصبح واقعًا ستحتاج للكثير والكثير جدًا، خصوصًا مع نوعية الأدوات الموجودة أو حتى المنتخبات التي ستقابلها، كل ما سبق هو عبارة عن خطة لصنع أساس قوي ندخل به المونديال ومن ثم محاولة تقديم عمل يعطينا نتائج تخدمنا، لا أن نردد "مشاركة مشرّفة" لنصبر أنفسنا على ما كان ممكن أن يصبح أفضل لو أجدنا التعامل مع ما قبله.
لا أحد يريدك أن تكون غير منطقيًا وتتخيل نفسك أقوى من منتخبات مجموعتك، ولكن أيضًا لا تشعر أنك ضعيف لهذه الدرجة أو أن منتخبات غير بعيدة عنك وصلت في نسخ سابقة إلى أدوار متقدمة، الثقة أساس، والضغوط مفترض أن تختفي، والحافز هو أن تظهر نفسك للكل كما تحب أن يشاهدوك، خصوصًا وجل هذا الجيل لعب مع الهلال والمنتخب مناسبات كبرى وتجارب مفترض أنها تحقق ما سبق لهم ولبقية المجموعة معهم.
نملك جيل جيد وإن كان هناك مراكز نعاني منها من سنين طويلة إلا أن المنظومة الجيدة قادرة على حمل البقية في كثير من المواقف، وكل ما نريده أن نرى منتخبًا يجعلنا نفخر به في الملعب، وحتمًا النتيجة لن تخذلك دائمًا طالما أنك ستعطي 100%، ومرة أخرى تستطيع أن تراجع نسخ مونديالية كثيرة وسترى فيها منتخبات لم يُتوقع لها النجاح وبأسماء أقل وصلت بفضل مدرب ومنظومة متماسكة، ولا أريدك أن تعتبرها "جملة إنشائية" تكمل بها هذا المقال، وإنما تحولها لواقع تكتيكي يحضر في الملعب يجعلك تقول إن هذا المنتخب يقدم أكثر بكثير من مستوى تطلعاتي وهو ما حدث في مواقف سابقة وسيحدث بإذن الله.
اقرأ أيضًا..
جلال الزهراني يكتب: ضريبة الهلال المضافة
جلال الزهراني يكتب | بوصلة الدوري لم تتغير بعد!
جلال الزهراني يكتب: من المؤسف أن تجعلوا من السعودية "كومبارس"