كان أغلب عالم كرة القدم غير منتبهًا بشكل كلي لتصريحات جوسيب ماريا بارتوميو رئيس برشلونة المستقيل مؤخرًا التي تحدث فيها عن موافقته على مشاركة النادي في بطولة دوري السوبر الأوروبي، في ظل تركيز الجميع على بيان الاستقالة نفسه وأسبابها والأزمات المتوالية في النادي الكتالوني.
لكن بعد أن مر أمر الاستقالة بدأ التركيز يذهب للبطولة التي شهدت معارضات كثيرة ووجهات نظر عديدة في الأشهر الماضية، والتي كان بارتوميو أول من يعلن موافقة ناديه بشكل رسمي على الاشتراك بها.
ولا تعد تلك هي المرة الأولى التي يتم فيها إثارة أمر بطولة دوري السوبر الأوروبي، لكنها بكل تأكيد المرة الأولى التي يطرح فيها بشكل شبه رسمي.
شكل البطولة
البطولة سيتم تكوينها بين أفضل 18 ناديًا في أوروبا بحسب ذكرت آخر التقارير الصحفية، دون تصنيف محدد لتحديد تلك الأندية الـ 18.
المعيار الذي سيتم من خلاله اختيار المشاركين سيكون بناءًا على المفاوضات التي من المقرر أن تعقد لحسم ذلك الأمر.
صلاح بريء وريال مدريد يلعب نهائي .. عناوين الصحف 3 نوفمبر 2020
لكن من المقرر أن يشارك بالبطولة أكبر وأعرق فرق القارة الذين أبدوا موافقة مبدئية مثل برشلونة وريال مدريدوميلانويوفنتوسومانشستر سيتيويونايتد وغيرهم.
الشكل العادي للبطولة سيكون بطولة دوري عادية حيث تواجه كل الفرق بعضها البعض، على أن تقام الأسابيع الأخيرة منها بنظام التجمع كما كان الحال بالنسبة لدوري أبطال أوروبا في الموسم الماضي.
الاعتراضات
البطولة تواجه الكثير من النقد والاعتراض، بالأخص من قبل هؤلاء أصحاب الاستفادة المباشرة من استمرار البطولات المحلية بشكلها الحالي بمشاركة الكبار وباستمرار دوري أبطال أوروبا دون تغييرات كبيرة.
إقامة دوري السوبر الأوروبي قد يقضي بشكل كامل على عدد من البطولات المحلية، فتخيل معي عزيزي القارئ الدوري الإنجليزي دون ليفربول ومانشستر سيتي وتشيلسي وآرسنال ومانشستر يونايتد أو الإسباني دون برشلونة وريال وأتلتيكو مدريد، أو الإيطالي دون ميلان ويوفنتوس وإنتر.
حتى لو استمرت تلك الفرق في الدوريات الخاصة بها فما سيكون الدافع للتنافس في بطولة عوائدها المادية لن تتخطى الـ10% من عوائد دوري السوبر الأوروبي؟
Goal/Gettyبعض الأندية قد يتعامل مع بطولته المحلية كالتعامل مع لقاءات الكأس ويخوضها بالفريق الرديف من أجل حصول الأساسي على بعض الراحة للمواجهات الأهم.
أبرز المعترضين كان ألكسندر تشيفيرين رئيس الاتحاد الأوروبي، الذي يستفيد اتحاده القاري بشكل مباشر من بطولة دوري أبطال أوروبا أكثر من أي بطولة أخرى في قائمة بطولاته.
تشيفيرين خرج في تصريحات صحفية وقال: "دوري الأبطال هو البطولة الرياضية الأفضل في العالم، اليويفا والأندية ملتزمون بالبناء على هذه القوة، وليس تدميرها من أجل إنشاء دوري سوبر يضم 10 أو 12 أو حتى 24 ناديًا الذي سيكون حتمًا مملًا، عندما تستمعوا لنشيد دوري الأبطال ستفهمون ما الذي أتحدث عنه".
مهرب من كورونا
بعض الأندية سترى تلك البطولة كمهرب سريع من الأزمات التي وضع فيها فيروس كورونا الجميع خلال الأشهر الماضية.
فالكثير من الأندية عانى ماديًا ولا يزال يعاني من أعباء ظهور الفيروس الذي أدى بشكل مباشر لغياب الجماهير وتوقف الكرة لعدة أشهر.
الأمر ليس مادي فقط،، فهناك تأثير بدني واضح على الأندية بسبب فيروس كورونا وتلاحم المباريات وتقلص قوائم الفرق بسبب الإصابات المتعددة، دون الإتيان على ذكر الإصابات الخاصة بالفيروس نفسه.
ويأتي دوري السوبر الأوروبي ليقدم الحل السحري لمعظم تلك المشاكل للأندية الكبيرة، التي من الممكن أن تستقل تمامًا من دوريها المحلي للمشاركة في البطولة المقترحة.
أولًا ستقلل المشاركة في تلك البطولة من عدد المباريات التي سيخوضها كل فريق كل موسم مما يعطي فترة أطول للراحة والاستشفاء للنجوم الذين عانوا من إصابات متعددة بسبب تلاحم اللقاءات.
ثانيًا ستضمن البطولة بشكل تلقائي الحصول على ستة مليار يورو من عوائد البث التلفزيوني فقط، مما يعني ملايين اليوروهات لكل فريق مشارك وحل مضمون لأزمة العوائد الحالية.
Goal/Gettyطرف مظلوم
بين الاعتراضات التي تصدر من الروابط والاتحادات القارية والمحلية وبين طموح كبار القارة في الانفراد بأرباح مشاركتهم في مباريات ضد بعضهم البعض بعيدًا عن مظلة الاتحاد الأوروبي، هناك أحد الأطراف الذي قد يعاني الأمرين من تلك البطولة.
لو تسببت تلك البطولة في خروج برشلونة وريال مدريد وأتلتيكو من الدوري الإسباني ويوفنتوس وميلان وإنتر من الإيطالي ومانشستر سيتي ويونايتد وليفربول وآرسنال وتشيلسي من الإنجليزي وباريس سان جيرمان من الفرنسي وبايرن ميونخ وبوروسيا دورتموند من الألماني أو حتى لو بقوا ولعبوا بالرديف والصف الثاني والثالث، فمن سيبقى في البطولات المحلية؟
ظهير على القمة وفاتي يصارع سانشو .. قائمة أغلى المواهب في العالم
وما هو نوع الأموال التي سيدفعها أصحاب شبكات النقل التلفزيوني لنقل مباراة بين نيس وليون، أو بين شتوتجارت وهوفنهايم ومعهم الفريق الثاني لبايرن ميونخ أمام بوروسيا مونشنجلادباخ مثلًا.
كم شخص غير جماهير ديبورتيفو ألافيس وهويسكا سيهتم بالبحث عن قناة ناقلة لمواجهة الفريقين، وكم معلن سيخاطر بدفع أموال من أجل عرض إعلانه خلال مواجهة هيلاس فيرونا ضد الفريق الثاني لميلان؟
ربما يحمل دفاع رؤساء الروابط والاتحادات بعض المنطق بعيدًا عن الأرباح التي تتمتع بها المنظمات الخاصة بهم.
فهناك عدد من الأندية يعاني بالفعل من مشاكل جمة بسبب فيروس كورونا، ستزداد معاناته مع رحيل تلك الأندية عن بطولاتها للمشاركة في دوري السوبر الأوروبي.