"أقالوه بفعل فاعل" هذا هو الوصف الدقيق لقرار الهيئة العامة للرياضة السعودية بإقالة أحمد الصائغ؛ رئيس نادي أهلي جدة، إقالة لم تأتِ إلا بعد تحركات من تحت الطاولة!
سبعة أشهر وعشرة أيام فقط جلس بها الصائغ على مقعد رئاسة النادي الجداوي بالتزكية، إذ كان المرشح الوحيد في الانتخابات. منصب تولاه بدعم كامل من الأمير منصور بن مشعل؛ رئيس هيئة أعضاء الشرف بالنادي والذي عينه الصائغ مشرفًا عامًا على الكرة عقب فوزه بالانتخابات مباشرةً، لكن سرعان ما تحول الدعم إلى هجوم وانتقاد..
بعد مرور أول ثلاثة أشهر فقط من السبعة، تحول الود الذي بين بن مشعل والصائغ إلى عداوة ضارية، تصدرت المشهد في البرامج والصحف والمواقع الرياضية، اتهامات من كل طرف إلى الآخر، وإن كانت البداية من الأمير بطريقة غريبة باتهامات لرئيس النادي بتحريض اللاعبين على السفر، وعدم الوفاء بوعود جلب عقود رعاية للنادي وغيرها من الاتهامات الغريبة، التي لا يمكن أن تخرج من رجل صاحب خبرة كبيرة كابن مشعل، الذي بالتأكيد يعلم تمامًا أن أمور أي نادي الداخلية لا بد أن تبقى داخل الغرف المغلقة، وكأنه يريد أن يقول للجماهير: "أنا فقط من يحرص على مصلحة النادي"، ولمَ الاستغراب وهو الرجل الذي خرج منتقدًا جمهور الأهلي مطالبًا إياهم بالاقتداء بجمهور خصومهم في مساندة الفريق؟!
منصور بن مشعل وأحمد الصائغ - صدام مُتوقع لكن حل مبكرًا

من تابع المشهد من البداية، منذ أن أعلن الصائغ ترشحه للانتخابات، يعلم تمامًا سبب كل ما حدث، فمنذ اليوم الأول ومن أجاد قراءة الموقف توقع أن يكون الصائغ رئيسًا صوريًا فقط، لكن في الحقيقة منصور بن مشعل هو المحرك الأساسي لكل شيء، لكن يبدون أن الأمير اختار الرجل الخطأ ليدعمه كي يكون رئيسًا "صوريًا"!
لنعود للأزمة من البداية، فقد كان سببها وفق ما أوضح الثنائي أن الأمير يريد إقالة المدير الفني الأسبق للفريق الكرواتي برانكو على الفور بعد مواجهة الوحدة في الجولة الثالثة من الدوري المحلي، لكن الصائغ عارض القرار، ليس قناعةً بالكرواتي، إنما لأن النادي لم تكن به السيولة المادية الكافية لسداد الشرط الجزائي للمدرب..
سبب الصائغ مقتنع بالطبع، لكن كيف له أن يعارض قرار الأمير؟!، هذا ما لم يتقبله ابن مشعل، ليخرج صائحًا في القنوات التليفزيونية ويكيل الاتهامات لرئيس النادي في مشهد غريب.
توقع ابن مشعل أنه يمكنه أن يجعل من الصائغ "عبدًا" عنده أو أن يجعل منه "عروس ماريونت" يحركه بأطراف أصابعه، إذا خرج من فمه أي قرار، يصادق عليه الصائغ على الفور، لكن توقع الأمير لم يكن في محله على الإطلاق.

بعد أن خابت توقعها الأمير، بدأ تحركاته كي يسقط الصائغ عن مقعد الرئاسة، فطالب بعقد جمعية عمومية غير عادية، ليتصيد بها الأخطاء للرئيس عن طريق التقرير المالي ومراجعة عقود اللاعبين وغيرها من القضايا. ومن العمومية إلى هيئة الرياضة، التي أصدرت قرار إسقاط رئيس الأهلي بعد تحقيق في المستندات التي رفعتها الجمعية لها.
لا يمكنني التشكيك في مصداقية ما قدمته عمومية الراقي من مستندات للهيئة، فأنا لا أمتلك أي دليل لتكذيب أو تأكيد شيء، لكن ما أنا متأكدةٌ منه أن منصور بن مشعل ما كان ليتخذ هذه الإجراءات، لولا معارضة الصائغ لقراره، فكبرياء الأمير فقط هو ما دفعه لكل ذلك.
ما قلته ليس تشكيكًا لولاء الأمير وحبه للقلعة الأهلاوية، فهو أحد أكبر الداعمين للنادي على مدار تاريخه، لكن جانبه الصواب هذه المرة، وكان ولائه لكبريائه أكبر من حبه للأهلي، كبريائه الذي لم يكن في محله، فكيف لمشرف عام على الكرة أن يضع رأسه برأس رئيس النادي؟!
خلاصة القول أنه على من سيخلف الصائغ أن يكون حذرًا إذا دعمه الأمير في الانتخابات، فهو ليس دعمًا مجانيًا بل ستدفع ثمنه إذا عارضت قراره في المستقبل، ولن يكون الصائغ الضحية الأخيرة لابن مشعل!


